
طريق حرير بموازاة الحياة
قبل رحيله بأسابيع، أرسل لي زهير مخطوطة مجموعته الشعرية الجديدة، "الإمساك بالثور الهارب"، فكرة العنوان قادمة من حكاية من الميثولوجيا الصينية، في إشارة الهامش "إمساك الراعي بالثور بعد مشقّة، يشير إلى حالة إدراك الراعي أو النفس للوحدة الداخلية للوجود بأسره والتي ترمز لها الفكرة الهاربة، أو الثور، ثم التواصل معها، كما تروي قصة صينية قديمة".
فكرت وأنا أقرأ نصوص المجموعة أن هذا يشبه زهير، وقفته وزاوية قراءته للأشياء، صيد الذكريات ومنحها مستقبلا، والبحث عن وحدة الوجود في الإشارات المتوارية، كتابة جملة طويلة عابرة للوعي من مكونات تبدو مختلفة قبل أن تتشكل فيما يشبه توافقا كونيا.
شغفه الخاص في تأثيث الممر بين الحياة والموت بالنور، حيث يتحاور ابن الفارض ويونغ وراهب بوذي كان هنا للتو، بينما هو في رحبة من المكان يتذكر مستقبله.
ثمة طريق حرير تمتد بموازاة الحياة ومشاغلها، طريق تشي بها الإشارات ولا يطرقها إلا العارفون.
كان يرغب في طباعتها، المجموعة، في مصر أولا ثم في الأردن، وأخبرني أن الصديق الباحث حسين دعسه اقترح عليه أن يأخذها بنفسه ليقدمها إلى سلسلة الإبداع العربي التي تصدر في القاهرة.
الأسبوع الماضي، وصلني من الشاعر عادل سميح مدير تحرير سلسلة الإبداع العربي في مصر نسخة الـ"بي دي ف" من المخطوط لتدقيقها، فكرت أنها ستصدر في غيابه وتذكرت حماسه لصدورها في مصر. ذهبت إلى البيت في كوبر بعيدا عن قلق رام الله لمراجعة النسخة، بدا الأمر لوهلة أننا نجلس وحدنا في البيت أمام التلال، وأنه سيحب ذلك، كان يسألني عن البيت وعن مشهد البحر البعيد من الشرفة وعن النافذة الأقرب إلي في المنزل وإطلالتها، كان يتوقف دائما عند سؤال النافذة.
علاقتي بزهير كانت دائما خاصة، شبكة ملونة من الذكريات والأحلام، مكتبة زهير لا تشبه مكتبتي، مكتبته تمنح مساحات واسعة، إضافة للأدب، لرفوف الفلسفة والتصوف ونظريات علم النفس والقراءات في ثقافات الحضارات وقراءة الموت والحياة في الديانات والمذاهب وميثولوجيا الشعوب ..، مكتبتي تشبه مكتبة أبي وتمنح نظريات الأدب معظم مساحتها.
في المدرسة، كان المدرسون يطلبون أن نقرأ بصمت، بأعيننا، قراءة صامتة، زهير تجاوز القراءة الصامتة ليصبح قارئا صامتا وصديقا حقيقيا للكتب.
افتح صفحات كتابه في كوبر أمام التلال التي لم يرها، أمام النافذة التي سألني عنها، في البيت الذي لم يزره.
أقرأ النصوص وأرى ذكرياتي.

الاء النجار: حين يُذبح القلب تسع مرات

من النضال إلى الدبلوماسية: "المرأة الفلسطينية تصنع السياسة وتخاطب العالم"

لماذا كان التطبيع مع العدو؟

أهمية التحول الرقمي في البنوك الإسلامية البنك الإسلامي الفلسطيني نموذجاً

الوصية الحادية عشرة

من شارون إلى اليوم… هل يسعى الاحتلال لتفجير مواجهة دينية؟

حروب العشرية الثالثة (30)
