
الخداع المتبادل في حرب اكتوبر
كان الخداع في الحرب الحالية متعددة الجبهات اهم اسلحتها ما اوصلها عنقوديا الى ما هي عليه الآن.لم تفكر الولايات المتحدة قط في ضرب ايران منذ اكثر من اربعين عاما بإعتبارها ضرورة في الإستراتيجية الاميركية في المنطقة لها مهمة وهي الحفاظ على الطوق المحيط على الضحية وهو العالم العربي مع اسرائيل وتركيا واكتفت بخداع ايران تفاوضيا حول البرنامج النووي وكانت الجلسة الاخيرة والحاسمة في يوم احد لكن ترامب خدعها ووجه لها ضربة جوية قبلها بيومين . ولم تفكر اسرائيل في مرحلة نتنياهو ومن قبله اولمرت وباراك في القضاء على حركة حماس حفاظا على الإنقسام الفلسطيني الذي يتيح لإسرائيل استخدامه كورقة سياسية تمنع الحديث عن دولة فلسطينية ، اما الآن فلا تريد لا حماس ولا السلطة ولا منظمة التحرير ولا الشعب الفلسطيني بأكمله .
في شهر آذار من العام الماضي ومن منطلق الخداع أشرت في مقالين الى أن السنوار سيحدث انقلابا في النظام العالمي دون أن يخطر بباله ذلك. فقد جنح الى التهدئة بعد مسيرات العودة الوهمية والدموية مقابل منحة قطرية شهرية رسمية من قطر بطلب من نتنياهو وإدارة ترامب الأولى التي أوفدت كوشنر صهر ترامب مع مبعوث من قبل نتنياهو لإقناع قطر بحوالة مالية شهرية لحماس بدل الحقائب التي كان ينقلها محمد العمادي ويتولى مكتب نتنياهو ايصالها الى غزة وفتح نتنياهو باب العمل لشريحة من عمال غزة لتنفيس الوضع الاقتصادي الخانق الذي بدأ يتفجر في وجه حماس على ايقاع طرح صفقة القرن التي همشت منظمة التحرير .
فجميع الاشتباكات منذ مرحلة سيطرة حركة حماس على غزة كانت بهدف نزع الشرعية عن منظمة التحرير لصالح حماس فقط مثلما كان تأسيس حماس تحت شعار مكافحة علمانية منظمة التحرير فقط. نتنياهو أراد شراء الوقت بالمنحة القطرية أما السنوار فلم يجد أفقا سياسيا لبقاء حماس في غزة كقوة حاكمة فأغتنم الفرصة لبناء قوة مستدامة تحت الأرض وتصنيع السلاح إستعدادا لمعركة ما كانت تدور في مخيلته لهذا نزع القشرة القيادية السياسية السمينة عن جسد حماس وأخرجهم من غزة بما غنموا من اموال السحت .
وأشرت في حينه وفي حالتنا الآن ان حماس قد لا تستسيغ ما اقول وقد لا يستسيغ من هم على خصومة معها ما اقول.فهجوم أكتوبر يخفي الكثير مما سيبقى من الأسرار فهل وعد السنوار بتدخلات ايرانية مباشرة مثلا إذ أن التقديرات الاسرائيلية اشرت انه لو دخل حزب الله الحرب منذ البداية لتغير الوضع عسكريا جذريا وهل لم يخطر بباله ان ايران لن تضحي بمكتسباتها في الجسم العربي في العراق واليمن ولبنان وسوريا من اجل رمال غزة ! فهي قد تضحي بورقة غزة لكن ليس بالأوراق الأخرى . كان السنوار يدرك ان الاحتلال لن يترك حماس تتجذر في غزة بقوة وتدعم قوتها وكان يدرك ان نتنياهو سيوجه لها ضربة عسكرية شبه مميتة مثلما كان يرد على منتقديه داخل الليكود في جلسات مغلقة من انه يعد ضربة غير مميتة لحماس لاحقا وقد كشف النقاب قبل اكتوبر بسنين أن هناك خططا اسرائيلية جاهزة للإنقضاض على غزة والضفة تتكلل بافراغها من سكانها كليا ودفعهم الى سيناء وفرض السيادة على الضفة كما جاء في مقال للوزير المتطرف سموتريتش سنة 2017، ولذلك لاحظنا ان مسؤولين اسرائيليين تحدثوا منذ بداية الحرب عن اقامة مدن في سيناء وتوزيع اهالي غزة علي بقية الدول العربية وعرضوا خرائط لمواقع المدن ولوحظ ان الهجوم البري الاسرائيلي بدأ من الشمال وليس من الوسط قبالة خانيونس حيث تركز هجوم اكتوبر للقسام واسر الجنود فالهدف كان تدمير غزة وتهجير السكان نحو الحدود مع مصر فليس صدفة ان يفتتح نتنياهو اعلان الحرب بأنها مقدمة لشرق اوسط جديد وكأنه يتحدث عن خطة جاهزة سلفا . .كان السنوار خطط لبناء قدراته العسكرية منذ تسلمه قيادة الجناح العسكري من منطلق ضربة استباقية للإحتلال فهو لا يستطيع الاستمرار في حالة التصالح مع الاحتلال الى سنوات مقبلة لأنه سيفقد الدافع الأساس لبقائه هو ، وكانت هناك مؤشرات جدية عن استعدادات السنوار لتوجية ضربة قوية لإسرائيل بل كشف السنوار عنها في مسلسل تلفزيوني برعايته عن اقتحام الحدود في منطقة خان يونس وأخذ أسرى وتحرير مستوطنات تم تصويره قرب السياج الحدودي في المواقع التي جرى اقتحامها في اكتوبر وتبع ذلك مؤتمر اكاديمي أقامه لترتيب الأوضاع في المدن المحررة وإدارتها. ولم يعر الاحتلال ذلك ادنى اهتمام بل إن اشارات ابراج الرصد المحيطة بغزة كانت ترسل معلومات مقلقة لم يؤخذ بها عن تدريبات لحماس قرب السياج كما اعترفت احدى المجندات علنا في بداية الحرب وجرى اسكاتها لاحقا ومنعت من الكلام ، وكانت قيادة الإحتلال تتجاهل ذلك بل كانت الإستخبارات الإسرائيلية ترفع تقارير عن استعدادات حماس لكن نتنياهو كان يتجاهلها حسب ما صرح به نائبه يائير لبيد في احدى جلسات مجلس الوزراء حيث كان نتنياهو يهمل تقارير الإستخبارات حول حماس كما أن هاليفي قال إنه إتصل بنتنياهو قبل الهجوم في فجر السابع من اكتوبر وقيل انه نائم فأعاد الإتصال مع موعد الهجوم كما تم اهمال انذار عربي عن هجوم متوقع لحماس خلال 48 ساعة .وتجمعت قبل السابع من اكتوبر الكثير من المعلومات من المخابرات وجهاز امان حول هجوم مرتقب لحماس مع توغل بري لكن قيادة الجيش آثرت عدم الاستعداد الفوري حيث قيل في جلسة للكنيست عقدت لمناقشة الحرب بعد نشوبها ان ذلك جاء حرصا على المصادر الحساسة للمعلومات فهل هم عملاء داخل غزة ام جهات خارجية ! ليس صحيحا ان اسرائيل لم تكن تملك معلومات عن تسلح حماس وشق الانفاق ونيتها اقتحام الحدود فلديها جيش من العملاء هناك وقرون استشعار دولية وفضائية وعربية ايضا فهي كانت تعلم تفاصيل التفاصيل عن حزب الله وايران والقيادات ومخابىء السلاح واسماء الضباط واماكن سيرهم وسكناهم وفي الاشتباكات الأخيرة بين الجهاد والإحتلال قبل الحرب كان الإحتلال يميز نشطاء الجهاد واماكن سكناهم ويقصفهم ويتفادى إصابة أهداف او نشطاء لحماس . كما ان المهرجان الموسيقي الشبابي الذي اقيم على بعد بضعة كيلومترات من خانيونس كان يمكن رؤيته بالعين المجردة وهو عادة كان يقام قرب قلعة مسادا في النقب قرب البحر الميت وتم نقله قبل موعده بايام فجأة قرب خانيونس لأمر في نفس يعقوب او نتنياهو . فمثلما كان نتنياهو يخدع حماس ويعمل على تهدئتها بالمال القطري كان السنوار يخدع نتنياهو باستخدام المال في بناء قوة ذاتية بحيث لا يمكن لأي قوة أن تزحزحه كما قال لصديق له عند زيارته للقاهرة للمشاركة في لقاء للمصالحة سنة 2018 واشرت الى ذلك في مقالة العام الماضي ولم أشأ ان أكشف عن اسم صديقه وهو ما زال حيا يرزق وكان السنوار ذا نظرة ثاقبة في صلابة بنيته التحتية وجنوده الأشداء في مواجهة اسرائيل لكنه لم يتخيل الحملة الغربية المدججة بالحقد الاستعماري في نجدة اسرائيل ولم يحسب مآلات الحرب على شعبه .وقد جرت ليلة السادس والسابع من اكتوبر مداولات عسكرية استخبارية بعد إشارات عن اعلان حماس حالة الطواريء وتشغيل قوات النخبة لبطاقات هواتف خليوية اسرائيلية اضافة الى استعدادات لنصب منصات صواريخ لكن قادة الجيش كما اعلنوا امام لجنة في الكنيست كانت تناقش اقالة رئيس الاركان السابق هاليفي اشاروا ان الجيش حرص على عدم اعلان الاستنفار لكي لا يحرق مصادر معلوماته عن حماس إذ يبدو انها مصادر عليا عربيا او ربما احتسبوا الإستعدادات لعملية صغيرة لا تستحق الاستنفار لكن إستقر الرأي في تلك الليلة على اطلاق مسيرة استطلاع عند الثامنة والنصف صباحا وكان الوقت قد فات. لكن المفاجأة في التسريب الأخير من الكنيست لجنود من لواء جولاني حيث فجروا قنبلة باعترافاتهم أمام لجنة في الكنيست أكدوا فيها انهم تلقوا أوامر ليلة هجوم اكتوبر بوقف دوريات الإستطلاع على السياج الحدودي من الساعة الخامسة والنصف صباحا حتى التاسعة وجاءهم الأمر الذي تم تسجيله صوتيا طالبا منهم قائدهم أنه تلقى هذا الأمر دون السماح له بمناقشته ولا يريد منهم ان يناقشوه معه.وجري تهميش شهادة الجنود لاحقا واعتبرت ان قائلها يكره نتنياهو لكن ظل التسريب على منصة الكنيست ولم تتخذ ضد الجنود أية اجراءات .
المزيد من أسرار السابع من اكتوبر تتكشف إسرائيليا لكن من ناحية محور المقاومة لا تسريبات حتى الآن فهل أخذها السنوار معه شهيدا ومن قبله العاروي شهيدا وما من أحد يجرؤ على الكشف عن تخاذل المحور!وفي النهاية اقول أن القوي لا يبقى قويا وأن امبراطورية الشر الاميركية تلفظ انفاسها برعاية بهلوان فاسق فاسد فاجر معاد لكل ما هو فلسطيني واظنه على عداء مع السيد المسيح عليه السلام لأنه فلسطيني ومعه كل من تحالف معه على الإثم والعدوان. والله من وراء القصد.

السعودية تَقود

بين التهجير والمقاومة: واقع النساء المهجرات ومسارات الدعم خارج الصندوق.

عن مخطّطات الاستيطان والضمّ المضمرة لغزّة

إسرائيل تُألب مشاعر الفلسطينيين على الأردن.. يجب التحرك الآن

لا تستفزوا فتح !!

البنوك الفلسطينية في عين العاصفة: شريان الاقتصاد يختنق

في الأفق ملامح طوفان شعبي
