
عن مخطّطات الاستيطان والضمّ المضمرة لغزّة
تحذّر أصواتٌ مُعارِضة في إسرائيل، منذ أشهر، من أن حكومة نتنياهو تضمر مخطّطات ضمّ واستيطان تتعلّق بقطاع غزّة فور انتهاء الحرب. وكشفت صحيفة هآرتس (29/7/2025) أنه في إثر قرار نتنياهو زيادة المساعدات الإنسانية المقدّمة إلى القطاع، الذي عارضه حزب الصهيونية الدينية برئاسة الوزير بتسلئيل سموتريتش، تم التعهّد لهذا الأخير بضمّ مناطقَ من القطاع إلى إسرائيل من أجل إغرائه بالبقاء في صفوف "الائتلاف" الحاكم.
في واقع الأمر، يجري تطبيع فكرة الاستيطان الإسرائيلي في قطاع غزّة على قدم وساق منذ فترة طويلة، ولا تنحصر هُويَّة من يقود هذه الفكرة في تيّار الصهيونية الدينية، بل تتعدّاه إلى حزب ليكود الحاكم، وأحزاب يمينية إسرائيلية أخرى. وإذا كان مثل هذا الاستيطان في الخطاب الإسرائيلي محفوفاً بمخاطر قبل الحرب على غزّة، فقد بات اليوم "شرعياً"، ويمكن أن يصبح قابلاً للتنفيذ. وهذا يحدث أيضاً لفِكَر أخرى تخصّ غزّة، مثل إعادة الحكم العسكري الإسرائيلي، وتخصّ لبنان مثل إعادة احتلال "الحزام الأمني".
ويترافق ذلك كلّه مع ما يلي: يسوّغ قادة الحركة الاستيطانية سعيهم بذرائع أمنية، وسبق لسموتريتش أن قال إنه حيثما توجد مستوطنات سيكون هناك جنود "ولذا، الأمن سيسود هناك". ولكنّ المبرّر الأمني لا يعدو كونه آليةً من أجل تطبيع الفكرة. بالإضافة إلى ذلك، يوضّح هؤلاء أن الاستيطان مشروط بالترانسفير، أو ما يُطلق عليه بلغة مخفّفة "تشجيع الهجرة"، الذي يعتبره بعضهم بمثابة "الحلّ الأكثر أخلاقيةً". وسبق للوزيرة ماي غولان من حزب ليكود أن قالت إن "من حاول أن يتسبّب لنا بمحرقة ثانية يجب أن يُردّ عليه بنكبة جديدة"، ما استدعى بعضهم إلى استنتاج أن الهدف ليس مجرّد "تشجيع الهجرة"، بل أيضاً طرد ملايين الأشخاص.
ووفقاً لأدبيات متراكمة، تمثّل حركة الاستيطان الجديدة هذه فكرة "أرض إسرائيل خالية من العرب، من النهر إلى البحر". وبحسب ما نشر في الإعلام الإسرائيلي، يتطلّب الاستيطان في القطاع شرطاً أساسياً، حدّدته دانييلا فايس، التي توصف بأنها "كاهنة" الاستيطان في "أرض إسرائيل الكبرى"، هو "غزّة خالية من العرب". وسبق لسموتريتش نفسه أن قال: "إذا بقي مائتا ألف فلسطيني فقط في غزّة بدلاً من مليونَين، سيكون كلّ شيء أسهل".
لا يفوّت المعترضون على هذه التحرّكات كلّها التنويه بأن حلم "أرض إسرائيل خالية من العرب" لطالما رافق الحركة الصهيونية بكلّ أطيافها منذ نشأتها، وارتأى أحدهم التذكير بأن هذا بدأ بعبارة "شعب بلا أرض إلى أرض بلا شعب"، التي تصوّر أرضاً فارغةً تنتظر الطلائعيين اليهود لتعميرها واستصلاح الأراضي الجرداء وتجفيف المستنقعات. وجرى تنفيذ الحلم مع نكبة 1948، وعقب حرب 1967. وفي وقت لاحق، دعا حزب شرعي في الكنيست إلى ترانسفير، وكان في مقدّمته جنرال متقاعد يموّل إرثه بملايين الدولارات من حكومات إسرائيلية متعدّدة.
عند هذا الحدّ، من المهم الإشارة إلى مسألتَين. الأولى، أن الرؤية التي يعبّر عنها سموتريتش، وغيره من قادة اليمين الإسرائيلي المتطرّف، وتدعو إلى احتلال غزّة وتدميرها أكثر فأكثر وتهجير سكّانها، تحظى بدعم أكثر من نصف السكّان اليهود في إسرائيل، وفقاً لاستطلاع رأي عام أجرته جامعة تل أبيب، وهو ما يجعل الحرب في إسرائيل الحالية "مجرّد واقع حياة"، مثلما وصفها رئيس "برنامج سياسات الأمن القومي" في "معهد أبحاث الأمن القومي" عضو الكنيست السابق عوفر شيلح، مشيراً إلى أن الجيش الإسرائيلي يتحوّل، بشكل غير رسمي طبعاً، إلى نموذج "تجنيد إجباري مدفوع الأجر"، إذ لا يُسرَّح جنود الخدمة الإلزامية، بل يُنقلون مباشرةً إلى الخدمة النظامية، ويذهب إلى الاحتياط مَن يُعتبر مجدياً اقتصادياً، وتزداد ميزانية الأمن بقرار واحد بمقدار 42 مليار شيكل (أي ثلثَي ميزانية الأمن الأصلية لعام 2023، من دون احتساب المساعدات الأميركية).
المسألة الثانية، أن المعارضة في إسرائيل لا تعترض على هذه الرؤية من ناحية مبدئية، إنما فقط من منطلق أنها "ليست واقعيةً" (!).

إسرائيل تُألب مشاعر الفلسطينيين على الأردن.. يجب التحرك الآن

لا تستفزوا فتح !!

البنوك الفلسطينية في عين العاصفة: شريان الاقتصاد يختنق

في الأفق ملامح طوفان شعبي

التحالف الدولي: من فلسطنة الصراع إلى تدويله

مرة أخرى: ما العمل لإنقاذ مصيرنا الوطني؟

مؤتمر نيويورك : ما بين التساؤلات الكثيرة والعناوين الكبيرة والافعال المؤجلة.....ام اجترار...
