
وجهة نظر .. قرار وإقرار
جاء قرار زيادة خمس علامات على معدل الطالب المقدسي في امتحان التوجيهي لهذا العام، ليثير ليس فقط حوارا حول مدى منطقية خلفية اتخاذ مثل هذا القرار،والمتمثلة في الظروف الخاصة التي عاشها الطالب المقدسي قبل وأثناء فترة التقدم للامتحان بسبب اجراءات مارستها السلطة القائمة بالاحتلال للجزء الشرقي من مدينة القدس، وفق ما تؤكده كافة قرارات الأمم المتحدة والمواثيق و مختلف المبادرات الدولية.
في البدء، وحسب فهمي لما جاء في القرار، لا بد من التوضيح بأن هذه الزيادة تقوم بها مكاتب التسجيل في الجامعات للطلبة المقدسيين في مدارس القدس الواقعة داخل جدار الفصل العنصري، ولا يتم اضافتها على خانة المعدّل العام في كشف العلامات، الأمر الذي قد يصون مصداقية نتائج الامتحان،محليا وعالميا، كونه ترك المجال للجامعات التي بامكانها تدعيم هذه الخطوة من خلال اجراء امتحان المستوى/ القبول،مع تعهد هذه الجامعات بعد انفاذ القرار بخصوص تخصصات يعاني خريجيها من بطالة بسبب قلة فرص العمل المتاحة.
تنوعت ردود الفعل حيال هذا القرار، هناك من رحّب وهناك من انتقد القرار.اعتمد من انتقد سلبا على ظنيّة اثارة التفرقة بين سكان محافظة العاصمة المحتلة وبعض محافظات الوطن الأخرى( جنين – مخيمها بالتحديد)،( طولكرم- بمخيميها)، ( سكان الأغوار الشمالية والوسطى)، والمحافظات الجنوبية، بحكم ما يتعرضون له من تنكيل يومي،
أما من اغتبط لذاك القرار فقد وصفه بالخبر السارومبادرة مباركة من شأنها ادخال الأمل والتفاؤل في نفوس الطلبة وذويهم( الموقع الالكتروني Jerusalem Community 1/8/2025).
شخصيا،سبق وأن تناولت الحاجة الى مبادرة جريئة بخصوص التوجيهي،معتمدا على دوام تزايد نسبة القلق النفسي،سنويا، التي يواجهها الطلبة وذويهم، والتي تتجاوزنسبة القلق النفسيلدى المرضى النفسيين في خمسينيات القرن الفارط،وذلك بسبب عقم النظام الصحي اّنذاك،واليوم عدم نجاح النظام التربوي التعليمي القائم في التعامل الصائب مع الظروف الاستثنائية التي يمّر بها شعبنا في كافة أماكن تواجده.
لم ولا ولن تجد من ينكر الحاجة الى ضرورة تطوير امتحان التوجيهي العام، حيث بادر عام 2013،دولة رئيس الوزراء في حينه دكتور رامي الحمد الله الى تشكيل لجنة مراجعة نظام التعليم المتبع، وكان لي شرف العضوية بها مع ثلة من التربويين المختصين،على أن يكون وزير التربية في حينه رئيسا للجنة التي تناوب عل رئاستها بالترتيب حتى العام 2016 كل من معالي الوزيرة لميس العلمي ، معالي الوزيرة د. خولة الشخشير، معالي الوزير د.علي أبو زهري ثم تبعه معالي الوزيرد. صبري صيدم الذي حول اسمها الى اللجنة الوطنية للتعليم ،حتى جاء معالي الوزيرمروان عورتاني الذي اكتفى بتشكيل لجنة استشارية مصغّرة ممن حوله،كان من انجازاتها الغاء فكرة مشروع انجاز الذي تبناه الوزير صيدم.
تركز عمل لجنة المتابعة (2013 -2016)، على طرح مقترحات عملية لتطوير امتحان التوجيهي المعمول به، حيث تشكلت لجان متفرعة عن اللجنة الأم . كان لي شرف العمل مع بعض الزملاء في اللجنة المصغّرة( أ. جانيت ميخائيل والمربي المرحوم علي خليل حمد ود. مي المغاثي)، حيث قمنا باجراء زيارات ومقابلات ميدانية مع بعض الممثليات الدولية في فلسطين وبالتحديد تلك التي يعترف الجميع بتطور التعليم فيها – بكل أنماطه وسبله ومستوياته)، تمكنت اللجنة من صياغة توصيات بعد هذه المقابلات، كان من
من أبرزها :–
1- الحاجة الضرورية والماحة لتطوير نمط امتحان نهاية التعليم المدرسي، دون الاكتفاء بالتغيرات الشكلية: امتحان نظام الفصلين، أو الابقاء على الامتحان السنوي، حذف مواد من مقررات المنهاج المدرسي قبيل انتهاء العام الدراسي )
2- اعتماد نسبة من علامات كل مرحلة تعليمية في المدرسة ( ابتدائي، اعدادي وثانوي) مع نسبة للامتحان التجريبي الذي يسبق الامتحان العام النهائي .
3- اعتماد نسبة من العلامة النهائية لنموذج المشروع المدرسي الميداني( زراعي ،مهني ،حيواني ، تجاري)
4- اعتماد نسبة من العلامة النهائية للعمل التطوعي والمساهمة في مبادرات مجتمعية.
5- ما تبقى من العلامة الكلية (100%) للامتحان النهائي مع ضرورة التشاور مع الجامعات وكافة مؤسسات التعليم العالي في الوطن وتلك في بعد الدول العربية الشقيقة.
على ما أذكر عند طرح هذه التوصيات في اجتماع حضره جميع الأعضاء ، اعتبرتها الغالبية تطوير نوعي ومنفذا للخروج من شباك أزمات سياسية كالتي فرضها الاحتلال خلال الاجتياحات لمناطق ألسلطة الفلسطينية سابقا وقد تخدم حاليا،مع بعض التعديلات في حالة طلبة غزة خلال العام الدراسي الأول من حرب السابع من أكتوبر2023 ، وواقع طلبة القدس اليوم.
في 26/8/2021 وبعد ظهور نتائج التوجيهي لعام 2020-2021 وكانت التائج غريبة لدرجة الذهول لا سيما بعد الاضراب الطويل الذي خاضه المعلمون،و تحت عنوان
" نتائج التوجيهي بين الصدمة والنزعة للتغيير" وبمشاركة عشرات من التربويين المخضرمين،من كافة أرجا الوطن المحتل، عقد مركز الدراسات والتطبيقات التربوية يوما دراسيا،تمت صياغة التوصيات ورفعها الى وزير التربية في حينه ، والذي كما لمسنا لم يرد علينا بأي جواب!!
من بين هذه التوصيات :-
- ضرورة التنسيق مع جامعات الوطن في مسألة التوجيهي بخصوص عقد امتحانات القبول وامكانية عقد الامتحان في قاعات هذه الجامعات .
- ضرورة اعادة النظر تربويا وسيكولوجيا في مسألة توزيع الطلبة على قاعات غير مدارسهم، اّخذين بعين الاعتبار مسألتي تعزيز الثقة بالمدرسة الأم( وطواقمها والطلبة) ، مع البدء في تطوير فرص الاستفادة من التطور التكنولوجي الهائل، كأن يتقدم الطالب للامتحان الكترونيا حيثما أمكن.
- ضرورة تعزيز التعاون المشترك مع المؤسسات الرسمية والأهلية قبل وأثناء عقد الامتحان.
يرى الكاتب في هذا القرار الجريء،اذا ما التزمت به الجامعات، وبعد الالتفاف الشعبي حوله، فرصة سانحة، نحو:-
• ضرورة تشكيل المجالس الشعبية المناطقية، لحماية التعليم، بكل مستوياته التعليمية، يتكون من مؤسسات أهلية وشعبية( بعد اعادة تفعيل غالبيتها) مثل : اتحاد لجان الطلبة الثانويين، الاتحاد العام للطلبة الفلسطينيين، الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين، اتحاد مجالس أولياء الأمور، الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية....الخ
• قيام وزارة التربية والتعليم العالي ( من خلال مجلس التعليم العالي وهيئة الجودة)، باعادة النظر في معايير استمرار منح تراخيص اما لتأسيس جامعات- معاهد تعليم عالي، أو تخصصات تعليمية بات مجتمعنا في حالة اشباع بل وعبء ملحوظ منها، جراء العدد الكبير من الخريجين العاطلين عن العمل ، والاستعاضة عنها بتخصصات مهنية مطلوبة( طويلة المدى long- term professional courses او قصيرة المدى short term courses والتي مجتمعنا بحاجة لها(مهن طبية مساعدة،مهن زراعية، حرف يدوية ....)
• الحاجة الى الجرأة للاقدام على مواجهة حالات تسليع التعليم العالي، سواء من خلال عدد الجامعات ومؤسسات التعليم العالي التي يفوق عددها عن عدد الجامعات البريطانية والفرنسية مقارنة بعدد السكان، وكذلك التنسيق مع كافة مؤسسات التعليم العالي بخصوص التخصصات وعدد المقبولين فيها سنويا ، وعدد الطلبة في كل شعبة ووضع حد لسياسة التعليم الموازي، والاشراف الأكبر على برامج الدراسات العليا ...............الخ
• مواجهة بعض حالات مراكز الابحاث التي تعمل على المكشوف،عبراعلاناتها لعمل أبحاث تخرج أو بيع كراتين تشهد باتمام دراسات عليا،مقابل الدفع المادي المسبق من الطالب الضحيّة.
• ختاما هنالك الكثير مما يمكن قوله، لكن للأسف " في الفم ماء".

التكيّف العاطفي وفلسفة مقاومة التعليم في فلسطين

العالم يتحرك… فمتى ننهض؟

الخداع المتبادل في حرب اكتوبر

السعودية تَقود

بين التهجير والمقاومة: واقع النساء المهجرات ومسارات الدعم خارج الصندوق.

عن مخطّطات الاستيطان والضمّ المضمرة لغزّة

إسرائيل تُألب مشاعر الفلسطينيين على الأردن.. يجب التحرك الآن
