السلطة الفلسطينية على مفترق الإصلاح: وزير ومسؤول في قبضة القضاء
تقارير مميزة

السلطة الفلسطينية على مفترق الإصلاح: وزير ومسؤول في قبضة القضاء

صدى نيوز - في تطور غير مسبوق على الساحة السياسية الفلسطينية، شهدت الأيام القليلة الماضية سلسلة من الإجراءات القضائية والإدارية الصارمة، طالت شخصيات بارزة في الحكومة والهيئات الرسمية، في خطوة وصفها مراقبون بأنها بداية فعلية لمسار الإصلاح الذي وعدت به السلطة الفلسطينية منذ أشهر، استجابة لمطالب داخلية ودولية متزايدة.

إيقاف وزير المواصلات ورفع الحصانة عنه

أعلنت الحكومة الفلسطينية رسمياً إيقاف وزير النقل والمواصلات، طارق زعرب، عن العمل، في أعقاب تحقيقات تجريها النيابة العامة الفلسطينية بشأن شبهات فساد مالي واختلاس.

وكانت مصادر مطلعة لـ"صدى نيوز" قد أكدت أن الحصانة الوزارية رُفعت عن زعرب، ما أتاح للجهات القانونية المختصة مباشرة التحقيق معه، في سابقة هي الأولى من نوعها لمسؤول بهذا المستوى وهو لا يزال يشغل منصبه.

اقرأ أيضا: مصدر مسؤول يكشف لصدى نيوز: رفع الحصانة عن أحد الوزراء لإتاحة المجال للتحقيق بناء على طلب الجهات القانونية المختصة

وفي إطار الإجراءات التنظيمية، قرر رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد مصطفى، يوم السبت، تكليف وزير الأشغال العامة والإسكان، عاهد بسيسو، بتسيير أعمال وزارة النقل والمواصلات إلى حين صدور قرار جديد. وأكد مصطفى على ضرورة تنفيذ جميع أحكام هذا القرار من قبل الجهات المختصة.

اقرأ أيضا: تأكيدًا لما نشرته "صدى نيوز".. رئيس الوزراء يكلف وزير الأشغال بمهام وزارة النقل

مصدر مسؤول قال لصدى نيوز إن هذا الإجراء يأتي ضمن برنامج الشفافية والمساءلة الذي تتبناه الحكومة، مؤكداً أن "لا أحد فوق القانون"، وأن التحقيقات ستأخذ مجراها الكامل، وسيتم اتخاذ المقتضى القانوني بناءً على نتائجها.

استدعاء نظمي مهنا و15 شخصاً في قضايا فساد

وفي قضية أخرى أثارت جدلاً واسعاً، قررت المحكمة المختصة بجرائم الفساد، وبناء على طلب رئيس نيابة الفساد، استدعاء مدير عام هيئة المعابر والحدود الفلسطينية السابق، نظمي مهنا، الذي يتواجد خارج البلاد منذ نحو أسبوعين، للتحقيق في قضايا تتعلق بتهريب آثار وفساد مالي وإداري.

القضية التي كانت قد أُثيرت قبل فترة ونفاها مهنا علناً، عادت إلى الواجهة بعد أن أثبتت التحقيقات وجود شبهات جدية، دفعت المحكمة إلى إصدار قرار باستدعائه إلى جانب 15 شخصاً آخرين، بينهم زوجته، وسبعة من أولاده وبناته، من بينهم ابنه سامي مهنا، سفير فلسطين في ألبانيا، بالإضافة إلى أخيه، ومرافقه، وأربعة موظفين من قسم المحاسبة على المعابر، ورجل أعمال.

القرار القضائي تضمن طلباً برفع السرية المصرفية عن جميع المستدعى ضدهم، وتتبع نشاطات خزائنهم الحديدية، ورفع السرية عن معلوماتهم وحساباتهم المدرجة لدى هيئة سوق رأس المال والبورصات والمراكز المرخصة، إلى جانب تتبع الأملاك المنقولة وغير المنقولة، وإيقاع الحجز التحفظي على تلك الأملاك.

فيما أكد مصدر خاص لـ"صدى نيوز" أن الرئيس محمود عباس أصدر مرسوما رئاسيا بتعيين أمين قنديل مسيرا لأعمال هيئة المعابر والحدود الفلسطينية خلفا لنظمي مهنا.

اقرأ أيضا: أمين قنديل مسيرا لأعمال هيئة المعابر والحدود

 إصلاحات دستورية في الأفق

وفي سياق متصل، كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد أصدر في أغسطس/ آب الماضي مرسوماً رئاسياً يقضي بتشكيل لجنة لصياغة دستور مؤقت، تمهيداً للانتقال من السلطة إلى الدولة، في خطوة اعتُبرت استجابة لمطالب دولية متزايدة بتنفيذ إصلاحات هيكلية في مؤسسات الحكم الفلسطيني.

وبموجب المرسوم، تُعد اللجنة مرجعاً قانونياً لصياغة الدستور المؤقت، بما ينسجم مع وثيقة إعلان الاستقلال ومبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والاتفاقيات ذات الصلة. ويهدف المشروع إلى ترسيخ نظام حكم ديمقراطي قائم على سيادة القانون، والفصل بين السلطات، واحترام الحقوق والحريات العامة، والتداول السلمي للسلطة.

ردود فعل الشارع الفلسطيني

الشارع الفلسطيني تفاعل بقوة مع هذه التطورات، حيث اعتبر البعض أن ما يجري هو بداية فعلية لمرحلة جديدة من المحاسبة والشفافية، بينما رأى آخرون أن هذه الإجراءات يجب أن تتوسع لتشمل كافة الملفات العالقة، وتُنفذ دون انتقائية أو تسييس.

 والسؤال الأبرز الآن: هل تمضي السلطة الفلسطينية فعلاً نحو إصلاح جذري وشامل، أم أن هذه الخطوات ستبقى محدودة في إطار الاستجابة للضغوط الدولية؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة.

جانب من الكتب الرسمية التي سربت حول القضايا..