
تقرير عبري: إسرائيل تتسارع نحو هاوية سياسية واقتصادية
اقتصاد صدى- ترسم صحيفة "كالكاليست" الاقتصادية العبرية، صورة متضاربة للوضع في إسرائيل، تجمع بين الإنجاز الاقتصادي البارز المتمثل في صفقة تكنولوجية ضخمة بقيمة 25 مليار دولار، والانحدار الدبلوماسي المتسارع الذي ينعكس في ضغوط مالية، وتهديدات تجارية، ودعوات للعقوبات الدولية، إلى جانب هجرة الكفاءات البشرية. هذا التباين يعكس بوضوح مدى التداخل بين السياسة والاقتصاد في لحظة حرجة تهدد أساسات الاستقرار الإسرائيلي.
وقد أوردت الصحيفة أن الأسبوع المنصرم شهد حدثين اقتصاديين محوريين: أولهما إعلان صفقة استحواذ شركة "بالو ألتو" الأميركية على شركة "سايبر آرك" الإسرائيلية مقابل 25 مليار دولار، في واحدة من أكبر عمليات البيع في قطاع التكنولوجيا بتاريخ إسرائيل.
أما الحدث الثاني فيتمثل في تعمق العزلة الدبلوماسية لإسرائيل، حيث اتسع نطاق الدول الغربية التي تعترف بالدولة الفلسطينية، بما في ذلك دول تُعد تقليديًا من حلفائها، في ظل تصاعد الدعوات لفرض عقوبات اقتصادية.
وترى كالكاليست أن العديد من الإسرائيليين يظنون أن لا علاقة بين الملفين، أو أن متانة الاقتصاد الكلي ستحميهم من تأثير العزلة السياسية، لكن الواقع مغاير تماما.
فالحرب في غزة تتسرب، حسب الصحيفة، إلى غرف الاجتماعات، كما أن المقاطعة بدأت تطرق أبواب البنوك، والأسواق، وحتى مشاريع الابتكار.
ووفق ما كشفته الصحيفة، تلقى رجل أعمال إسرائيلي في قطاع التكنولوجيا رفضا رسميا من بنك "سانتاندير" -ثاني أكبر بنك في أوروبا من حيث القيمة السوقية (107 مليارات دولار)- لفتح حساب تجاري.
وتقول الرسالة التي وصلته من أحد فروع البنك في البرتغال "بعد عدة محاولات لفتح الحساب، نأسف لإبلاغكم أننا غير مخولين بفتح حسابات لممثلين من مناطق نزاع، مثل إسرائيل".
ورغم أن الوزارات الاقتصادية في القدس لم تصدر بيانا رسميا، فإن أحد كبار المسؤولين، اشترط عدم الكشف عن اسمه، قال بوضوح "هذا ليس أمرا جديدا. بنك سانتاندير يسبب متاعب كبيرة لإسرائيل منذ فترة طويلة".
وتذكر الصحيفة أن البنك يملك أكثر من 8 آلاف فرع في أوروبا، وأميركا اللاتينية، وأميركا الشمالية، وآسيا، وشمال أفريقيا، ما يجعل الأمر بالغ الخطورة، حتى لو بدا وكأنه "قرار فردي".
وأشار المسؤول نفسه إلى أنه "لا بد أن القرار مدعوم من أعلى مستويات الإدارة لإصدار رسالة بهذا الشكل"، ولم تصدر أي تعليقات رسمية من بنك سانتاندير حتى لحظة نشر التقرير.
وفي تناقض لافت، وبينما كانت إسرائيل "القديمة" تحصد ثمار استثماراتها في التعليم والتكنولوجيا عبر صفقة سايبر آرك، كانت "إسرائيل الجديدة" تتلقى صفعة دبلوماسية موجعة.
فعلى عكس محاولات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نسبة نجاح الصفقة إليه، أكد أحد مؤسسي الشركة، ألون كوهين، في رسالة مفتوحة نشرها في سبتمبر/أيلول 2023، أن لا علاقة لنتنياهو أو حكوماته بنجاح قطاع السايبر. وختم كوهين رسالته بالقول "إذا أراد نتنياهو أن يساهم فعلا في القطاع، فعليه الاستقالة فورا".
في المقابل، لا يتبنّى نتنياهو أي مسؤولية عن الانهيار الدبلوماسي المستمر، رغم أنه، حسب كالكاليست، "مسؤول كليا عن هذا الانهيار".
وبعد دعم واسع لإسرائيل عقب عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدأت الدول الغربية تدير ظهرها.
ففرنسا، وبريطانيا، وكندا، وألمانيا -أربع من أهم شركاء إسرائيل التجاريين- أعلنت نيتها الاعتراف بفلسطين، لتنضم إلى سلوفينيا، وإسبانيا، وأيرلندا، والنرويج. أما السويد والبرتغال، فطالبتا بإلغاء اتفاقية التجارة الحرة مع تل أبيب، وفرض عقوبات اقتصادية، فيما منعت هولندا اثنين من وزراء حكومة نتنياهو إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش من دخول أراضيها.
%12 من الناتج المحلي الإسرائيلي مهدد
تشير الصحيفة إلى أن التجارة مع أوروبا تشكّل أكثر من 12% من الناتج المحلي الإسرائيلي، ما يجعل العواقب الاقتصادية لأي تدهور سياسي كبيرة ومباشرة.
وفي عام 2024، بلغ حجم الصادرات الإسرائيلية إلى الاتحاد الأوروبي 16.7 مليار دولار (باستثناء الألماس)، بينما وصلت وارداتها من السلع الأوروبية إلى 30.7 مليار دولار، ما يعني أن نحو 47 مليار دولار من التجارة السلعية معرضة للخطر.
ووفق بيانات مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، من بين أكبر 10 أسواق تصدير لإسرائيل، هناك 5 دول (أيرلندا، وهولندا، وألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا) إما هددت أو اتخذت خطوات فعلية ضد تل أبيب خلال العام الماضي، قيمة صادرات إسرائيل إلى هذه الدول مجتمعة تبلغ 10.7 مليارات دولار.
لكن إسرائيل ليست فقط دولة سلع، بل اقتصاد خدمات، حيث يشكّل قطاع الخدمات نحو 70% من الناتج المحلي، ففي عام 2024 بلغت صادرات الخدمات 84 مليار دولار، منها 63% تكنولوجية.
وتقدّر قيمة صادرات خدمات التكنولوجيا إلى أوروبا بنحو 13 مليار دولار، أي ما يعادل 77% من إجمالي صادرات الخدمات التجارية إلى القارة، والتي تبلغ 16.8 مليار دولار.
تُضاف إلى ذلك واردات الخدمات التجارية الأوروبية إلى إسرائيل، التي وصلت إلى 7.9 مليارات دولار، ما يجعل حجم تجارة الخدمات مع أوروبا يلامس 25 مليار دولار.
وبتجميع تجارة السلع والخدمات، يصل الإجمالي إلى 72 مليار دولار، أي حوالي 245 مليار شيكل، وهو ما يعادل أكثر من 12% من الناتج المحلي الإجمالي، تقول الصحيفة.
ورغم أن أميركا لا تزال السوق الأهم لإسرائيل، وأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب "يهدد من يهددنا"، وفق الصحيفة، فإن ترامب لا يملك سلطة على القرارات الأوروبية، ولا على الأسواق التي قد تخسرها تل أبيب.
لا تقتصر تداعيات الأزمة على الاقتصاد والمقاطعة، إذ تسجّل كالكاليست نزيفا اجتماعيا متسارعا يتمثل في هجرة العقول ورؤوس الأموال، فمنذ تشكيل الحكومة الحالية، بدأ أنصار "إسرائيل القديمة" بالمغادرة، ووفق دراسة للبروفيسور موشيه داهان، تحظى كتلة نتنياهو بـ80% من أصوات الفقراء، مقابل 27% فقط من الشرائح العليا، بينما تصوّت النخب الليبرالية بنسبة 71% للأحزاب المعارضة.
وتشير بيانات رسمية إلى قفزة بنسبة 50% في طلبات الهجرة عام 2023 -عام "الانقلاب القضائي"- ليبلغ العدد 55.3 ألف شخص، فيما بلغ صافي الهجرة السلبي 27.5 ألفا، أي أكثر من ضعف المعدل السنوي السابق.
كما ارتفع عدد الإسرائيليين المقيمين بالخارج دون زيارات طويلة بنسبة 25% منذ تولي الحكومة الحالية، وتشمل الهجرة الشركات الناشئة أيضا، إذ تُقدر نسبة تلك التي تأسست خارج البلاد عام 2023 بين 50% و80%. ورغم استمرار تدفق الأموال، تحذر الصحيفة من أن ما يُباع اليوم بُني على مدى عقود، وأن الهدم لا يحتاج سوى لحظات.
وتختتم كالكاليست بأن "إسرائيل الجديدة" باتت دولة غير ليبرالية بملامح سلطوية، تُوزّع الميزانيات على أساس سياسي، وتسعى لحرب دائمة، بينما تختار "إسرائيل القديمة" مغادرتها.

بسام زكارنة يدعو الموظفين للتسجيل في الجمعية التعاونية الاستهلاكية لتحسين ظروفهم المعيشية...

الإحصاء الفلسطيني: الإنتاج الصناعي يشهد انخفاضاً حاداً بنسبة 9.41% خلال 2025

أسعار صرف العملات مقابل الشيكل الثلاثاء (5 آب)

مستشار وزير الصناعة لصدى نيوز: إحلال المنتجات الفلسطينية عن المستوردات ضرورة وطنية تخلق فر...

هيئة تنظيم قطاع الاتصالات تعقد جلستها الـ20 وتناقش خططاً تنظيمية وتنفيذية للفترة المقبلة

أسعار صرف العملات مقابل الشيكل الاثنين (4 آب)

%55 عمولة مقابل "الكاش".. أزمة السيولة تخنق المواطنين في غزة
