درس عزمي بشارة يجب ألا يتكرر .. نوستراداموس ابوغزالة
مقالات

درس عزمي بشارة يجب ألا يتكرر .. نوستراداموس ابوغزالة

لايزال شاربا عزمي بشارة يقبّحان وجه التاريخ وليست عورة عمرو بن العاص كما ظن الشاعر العراقي مظفر النواب .. فما أقبح من العورات هو الشنبات التي تلعق العورات .. كما هو عزمي بشارة الجاسوس الذي لعق عورة تيودور هرتزل وعورات بني اسرائيل عورة عورة من أجل ان يكون عضو كنيست وجاسوسا مشرفا على ادارة الربيع العربي والفوضى الخلاقة في أخطر أشكالها .. لن يمر رجل بخطورة هذا الكوهين الخطير الذي كان محرك الربيع العربي الذي حرك وضلل الناس وقادهم الى هلاكهم .. وكان مثل فأر سد مأرب ..

عزمي هو ظاهرة تتكرر في التاريخ وهو ليس نسيج وحده .. ولكن على الامم ان تنظر الى اي قادم على صهوات الجياد بحذر لأن ليس كل ماتحمله الجياد فرسان بل قد يكون الجواد أكثر نبلا ورقيا واخلاقا واخلاصا وانسانية من الذي يعتلي سرجه .. ولذلك فانني كلما أطلت شخصية على الاعلام وطفت وخضعت للترويج وطافت في تيارات النهر أتوجس .. وأترقب ان يكون ماتحت الجسد الطافي تمساح ..

ورغم ان مايتعرض له من رفض من البعض في الشارع السوري الذي قد يكون نتيجة حملة اعلامية لا تعرف ابعادها وأهدافها لكنني هنا لابد ان أعتذر من السيد ابو غزالة عندما أتريث في قبوله وأتحفظ على اعطائه جواز المرور الى قلب واعصاب الاقتصاد والعملية الانتاجية وهو يتسرب الى تفاصيل الحياة الاعلامية والاقتصادية السورية .. ويتم اعلاء شأنه لأنه رجل اعمال ناجح تنبأ بأزمة اقتصادية في عام 2020 او بحرب كبيرة بين الصين واميريكا .. حيث ان اعلامنا يتعامل مع النبوءات بمنطق المسحور بالسحرة .. فاذا صدقت نبوءة لشخص ولو بمحض الصدفة صار مرجعا وموئلا .. رغم ان التنبؤ بالازمات الاقتصادية العالمية ليس جديدا ولكنه علم اكثر منه نبوءه كما هي نبوءة ارنولد تويني حول حتمية نشوء الحرب العالمية من رحم نتائج الحرب العالمية الاولى .. وأن (اسرائيل) دولة عابرة وستزول عاجلا او آجلا لانها ضد منطق التاريخ والجغرافيا ..

مع احترامي لنبوءات (ابو غزالة) فانني شخصيا كنت أتابع كثيرا من التقارير الغربية التي تنتظر وقوع ازمة اقتصادية عالمية لاعتبارات كثيرة ولكن تم وضع نبوءات ابي غزالة كانها سياقات نوسترا داموسية غير مسبوقة ..

اعتراضي على الاندفاع في التركيز والترويج لشخصية ابي غزالة سببه اننا لانعرف الرجل كثيرا ولا ميوله ولاعلاقاته ولامصالحه خاصة ان قوس مصالحه ونشاطه يتمدد بين السعودية والاردن ومصر وعائلة الحريري في لبنان .. ويكفي ان نتذكر ان رجال الاعمال الذين جاءوا من دول الاعتدال كانوا ممثلين لدول الاعتدال وليس لنا كما هو حال رجل الاعمال اللبناني الأشهر رفيق الحريري الذي تحول الى تيار مناوئ في لبنان تملكه السعودية كما تملك احدى ناقلات النفط وتحركه كما تشاء .. وربما قتلته ونسيت الجريمة للسوريين لأنه تمرد عليهم ..

السيد طلال أبو غزالة ربما يأتي من ذات النبع فهو كرجل اعمال يدين في نجاحه لاعماله في السعودية كما يقول البعض .. واما التمدد في المصالح فقد تم على طول قوس دول الاعتدال مع اسرائيل .. ويجب على محور الرفض والمقاومة أن يتريث في احتضان هذه الشخصيات القادمة من دول الاعتدال وسفرائها الاقتصاديين .. وأنا شخصيا ليس عندي دليل على ان الرجل غير وطني او انه موال للسعودية او غيرها .. بل يكفي ان يكون فلسطينيا لأقول انه من سورية الكبرى ويحق له مايحق لابن حلب في سورية .. ولكن الواقعية تقول اننا لم نعد نقفز في ذات النهر الذي قفز فيه انطون سعادة .. فبعد سايكس بيكو كان من منتجات هذه المرحلة أمراضها .. ومن امراضها شعارات لبنان الكبير وحراس الارز ودولة البيكوات والقرار الفلسطيني المستقل ومملكة “جلالة سيدنا الحسين بن طلال” وعائلته الكريمة وماخربته من عقول في جنوب سورية .. أي ان المياه التي نقفز فيها اليوم مقسمة الى برك وبحيرات راكدة آسنة وليست النهر الذي ظن سعادة انه يقفز فيه واسمه سورية الكبرى .. او اراد ان يمنع تشكل البرك الراكدة والاسنة التي نتجت عن الحواجز والسدود في وجه النهر تحت اسم حدود دولية .. ولازلنا نسكن كالضفادع النقاقة في البرك بعد ان تلاشى مجرى النهر ..

لايكفي السيد ابو غزالة انه اشار الى صراع بين اميريكا والصين لنعتبر انه عبقري الاقتصاد السياسي الذي يجب ان ننتهز الفرصة لمنحه صك غفران وتفوق وخبرة .. لأن الجميع كان يتحدث عن أن مشروع ترامب هو نقل مركز الصراع من الشرق الاوسط الى الاقصى حيث عدوه اللدود هو الصين كمنافس تجاري واقتصادي خطير للغاية .. وهذا كلام كتبه عديدون ومنهم هذه الصفحة في اثناء الانتخابات الامريكية ..

وهنا لااريد النيل من شخصية ابي غزالة ولكنني أتمنى التريث في الاندفاع نحوه وتقديمه بقوة وثقة كما فعلنا مع عزمي بشارة عندما اندفعنا بعواطفنا نحوه كما اندفعنا نحو اردوغان .. وكان كلاهما يسن خنجره ليذبحنا به وهما أكثر شخصيات حظيت بحرارة استقبالنا وعواطفنا وسخاء في الثقة بهما .. وعندما ظهرت الحقيقة كان من المتأخر جدا ان نسحب ثقة الناس من الرجلين الذين أغرفناهما بالكرم والثقة لأن مقدار الثقة التي أعطيت لهما جعل من الصعوبة بمكان ان نسحبها كلها دفعة واحدة فيما كان الرجلان يعيشان ويمدان مشروعهما من احتياطي الثقة الكبير الذي كسباه من اعلامنا وكرمنا في اغداق الاوصاف مثل المفكر العربي والثائر الفلسطيني .. واردوغان الجار المسلم بطل غزوتي ديفوس ومرمرة ..

الدول تبحث عن مصالحها وقد تغير أولوياتها وحساباتها ولكن بهدوء .. فبريطانيا ليست سورية المستهدفة المحاصرة .. وعندما تم تعيين مدير بنك انكلترة الأخير بكل رمزيته الانكليزية خرجت اعتراضات لأنه ليس بريطانيا بل يحمل الجنسية الكندية ولكن انتهت الاعتراضات في يومين .. ولكن في بريطانيا النظام المصرفي يقوم على مجالس الخبراء الذين لايمكن لحاكم المصرف ان يقوم بمغامرات خطرة دون تدخلهم .. كما ان الوظيفة المصرفية في البنوك الغربية تخضع لاعتبارات المكافآت والحوافز الانتاجية الضخمة .. فنجاح البنك ينعكس مكافآت وحوافز ضخمة لمديريه وخبرائه .. ولكن في الحالة السورية فماهي الحوافز التي ستقدم لرجل ثري جدا مثل السيد ابو غزالة .. مصالحه وأعماله الضخمة واستثماراته ومكافآته متركزة في دول الاعتدال العربي؟؟ ولاتزال الذكرة السورية لاتنسى درس عبدالله الدردي الذي لايزال حالة غامضة ولا أجوبة شافية عن دوره في خطط الاقتصاد الاجتماعي وافقار الأرياف .. وتخضع سيرته وخططه للتكهنات والشائعات دون تحقيق ومراجعة لتأكيد التكهنات او نفيها .. لأن الارياف هي التي حضنت التمرد ولكن الأرياف خضعت في العصر الدردري الى عملية افقار وتهجير ترافقت مع الجفاف فمهدت لنزوح النشاط الاقتصادي عن الأرياف وتآكل الزراعة مقابل انتعاش ظاهري في المدن مما سهل عملية استدراج الارياف الى مايسمى الحالة الثورية والتمرد وسهولة انتشار رأس المال الخليجي في الأرياف العطشى للثروة التي نزحت عنه .. وحتى اليوم لاندري ماهو دور الدردري في صندوق النقد الدولي .. فهناك من يؤكد انه يعمل حاليا موظفا فيه .. فان صح ذلك فهل هي وظيفة ام مكافأة ؟؟ لأن صندوق النقد الدولي هو مؤسسة استثمار غربية مسيّسة 100% .

من جديد أؤكد أنني لاأحمل اي ضغينة ضد أحد وأتفهم وجهات نظر المدافعين عن التعاون معه الذين يستندون الى حجة امتلاكه للخبرة والادوات التي نفتقر اليها في هذه الظروف الصعبة .. ولكنه كشخص يجب ألا يظهر على السطح ويعطى الجماهيرية المجانية والثقة المبكرة ولقب المخلّص والمنقذ .. وحتى عمله في الدولة يجب ان يكون من خلال مجلس استشاري اقتصادي يعمل كحارس للاقتصاد ومكون من شخصيات وطنية مشهود لها لاكفاءة الاقتصاديو والوطنية مثل السيد فارس الشهابي وأمثاله الذين يجب ان نعطى لهم سلطة الرقابة وحق الفيتو على القرارات الكبيرة في المجلس اذا لم تحظ بالموافقة ..

اتمنى الحذر في هذه المرحلة الصعبة التي لايجب ان يدخل اي شخص الى تفاصيلنا الحكومية والاقتصادية العميقة لمجرد انه صار موثوقا به من خلال نشرة اخبار لمعته .. وهنا لابد من الاشارة الى هذه المرحلة هي من أقسى وأصعب المراحل في الحرب .. فالمدخرات تتآكل بسرعة وعجلة الفساد تدور بسرعة وفعالية الى جانب عجلة الشائعات التي تستمد وقودها من انتشار الفقر والغلاء الكبير في أسعار كل شيء والنشاط الاحتكاري .. الفقر والفساد والشائعات هما خبز الاستخبارات والاعلام الغربي والصهيوني في بلداننا .. واذا قمنا بالترويج لأشخاص لانملك سلطة عليهم فلن نقدر على ضبط المخيال الشعبي الذي تسوقه الشائعات وتغذيه وقد يتصور الناس وجودهم كجزء من نشاط عجلة الفساد الذي يتوسع .. فهناك من يعتقد ان وصول السيد أبو غزالة الى قرارات الحكومة السورية ربما كان بقرار من عجلة الفساد المتنامية التي احضرته من أجل مصالحها واستثماراتها وارتباطاتها مع مشاريع تجارية خارجية .. ووصلت بعض الشائعات الى حد القول ان المكتب الرئاسي الذي كان موجودا بين الناس في ذروة الازمة وعاش الظلام من دون كهرباء مع الناس وعاش معهم تحت الحصار والقصف .. صار تحت حصار شديد من نوع آخر تفرضه طبقة من الفاسدين الذين يشكلون ساترا فولاذيا ساعد وجوده على منع وصول الاعتراضات الجادة على قرارات لاتخدم الشعب لم تسمعها الرئاسة .. بل ويمنع الناس من الوصول الى قلب الرئاسة والتواصل مع الرئيس الذي أحب الناس وأحبوه ووثق بهم ووثقوا به .. وهذه التسللات عبر الشائعات الى الشارع السوري لايمكن فصلها عن بعض التقارير التي أثيرت في صحف روسية عن انتشار الفساد في سورية والتي تبين ان الجهات الرسمية الروسية لاتوافق على هذه التقارير وانها اجتهادات صحفية ربما لجهات داخل روسيا تحاول الاساءة للعلاقة السورية الروسية وهي غير بعيدة عن محاولات بث الشائعات في مرحلة جديدة من الصراع ..

أنا مثل جميع الناس الذين قاتلوا ونزفوا وجاعوا وعطشوا وبكوا وتفجروا .. لاأريد لهذا الانجاز الوطني والملحمة التاريخية ان تهدم بسبب قرار غايته نبيلة ولكن ثمنه باهظ .. اي ان انقاذ الناس من الازمة الاقتصادية قد لايتحقق بسرعة او قد لايتحقق .. وقد يكون ثمنه ان تتفاقم الشائعات بين طبقة الفقراء التي تتسع لأن السيد ابو غزالة لايملك عصا سحرية والى ان ينفذ توصياته الانقاذية فربما يكون الفقر اشتد والوقت تأخر ويصدق الناس حرب الشائعات التي تقول انه استيراد طبقة الفساد .. ثم انني أتخيل انه بعد شهرته او ترويجه وطنيا ماذا اذا فشل المشروع وقال مثلا ليتجنب اللوم ويحافظ على سمعة شركاته الاستثمارية انه فشل بسبب فساد الطبقة الحاكمة السورية او انتشار الفساد فيها – وليس بسببه – لأنها لم تنفذ توصياته وكانت تمص دم الاقتصاد السوري بعلم رجال الدولة .. ؟؟ كيف سنقنع الناس اننا رفضنا توصياته لأنه لاتناسبنا بل تناسب مشاريعه واستثماراته؟؟ ماذا لو اختلفنا معه لأي سبب كان .. ثم اختارت اي جهة اغتياله وظهر شهود عيان مثل زهير الصدّيق وغيره وقالوا انه أسرّ اليهم انه يتشاجر مع فاسدين سوريين وطبقة الحكم لانه كشف تورطها في الفساد الدولي ؟؟ ماذا عندها نحن فاعلون؟ .. أجيبوني ..

هناك درس الحريري .. ودرس عزمي بشارة .. ودرس اردوغان .. وثلاثة دروس قاسية تكفي لنتريث ولنتوقف عن وضع اختام التصديق على السير الذاتية للزوار الذين نستمع اليهم ..

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.