صباح الخير يا عدوّي !
مقالات

صباح الخير يا عدوّي !

وأنت تشرب قهوتك هذا الصباح في بيت جدّي في يافا ، وتبكي على جدّك في وارسو في ذكرى المحرقة ، هل تصدّق انني أبكي عليه أنا أيضا ، وأنا أشرب قهوتي بعيدا عن يافا في مدينة اسكندنافية جنوب السويد ..
أبكي مثلك على المحرقة ، التي نحن أول من اكتوى بنارها ، وما نزال نحرق كل يوم من اجل محرقتك ..
بعد قليل سيطلق زامور الحداد في بلادي التي اغتصبها أولاد جدّك ، وستقف على شرفة بيت جدّي ، وتذرف الدموع على جدّك ..
وأنا سأقف على شباك غرفتي ، وأذرف الدموع على جدّك المحروق الذي أحرق قلب جدي الذي مات في مخيم للاجئين حنينا ليافا ..
هل أعجبك بيت جدّي ؟! ما رأيك بذوق جدّي الذي بنى بيته على الطراز العثماني ! هل تعرف جدّي يا عدوّي ؟
والدك يعرفه ، هو من قلع صورته عن جدار الصالون الفسيح الذي تجلس فيه الآن ، وعلّق صورة جدّك ضحية المحرقة في وارسو..
دعنا يا عدوّي نبكي على جدّك وجدّي في ذكرى المحرقة ..
تريد أن تبكي على جدّك فقط ! أنت حر ..
جدّي لم يحرق جدّك ، لماذا احرقت جدّي يا عدوي ؟
هل تعرف دير ياسين يا عدوي ؟ لم تكن قد ولدت بعد ، والدك الهارب من بطش النازية من بولونيا يعرفها ، هو من أضرم النار في بيوتها ، وأحرق سكانها العزل ! وفي اليوم التالي بكى أمام كاميرات وسائل الاعلام على الهولوكوست ..
لا تغضب يا عدوي ، لن أزيد أحزانك اليوم ، وأنت تقف حدادا على ضحايا المحرقة ! وزامورك يقرع في بلادي ، وأنت تشرب قهوتك في بيت جدّي وتبكي على جدّك !
هل تحب يافا ام تل ابيب يا عدوّي ؟
هل تعرف سعيد أبو العافية ؟!
هل تغضب ان قلت لك : ان سعيد أبو العافية موجود قبل ان توجد تل أبيب ؟
لا تشتم يا عدوّي .. لا يليق بمتحضر مثلك شتم " الغُوييم "
وأنت ضحية عنصرية النازية !
ماذا تختلف يا عدوّي عن نازية هتلر ، وأنت تصف غير اليهود بالغُوييم ؟!
لا تتحسس سلاحك ، ولا تستدعي جنود الاحتياط ان لم تعترف شتلة مريمية في الجليل بيهودية الدولة ..
ماذا تختلف يهودية الدولة عن العرق الآري في نازية هتلر يا عدوّي ؟
لا تطلقْ النار علي يا عدوّي .. أنت ضحية ، والضحية لا تقتل !
أنا لم أحرق جدّك في " اوشفيتز " لتحرق أطفالي في غزة ..
قلْ لي بماذا يختلف ادولف ايخمان النازي عن اريل شارون ؟
لا تشتمني يا عدوّي في ذكرى المحرقة التي ما نزال نحن نكتوي بنارها ، وانت تأكل البوظة في "فيكتوري" في يافا وتضرم النار في محرقتنا التي لا تنتهي منذ 71 عاما !
     
 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.