في البدء يكون.. اعادة بناء ذات الانسان أولوية لاعادة اعمار الحجر والشجر
مقالات

في البدء يكون.. اعادة بناء ذات الانسان أولوية لاعادة اعمار الحجر والشجر

مع تفاقم وتعدد مصادر االضغوطات االنفسيّة وهول انعكاساتها السلبية  المهولة التي بدأنا نشهدهاعلى كافة فئات المجتمع الفلسطيني خلال وبعد بدء الحرب على غزة( السابع من أكتوبر2023)،وبدرجات متفاوتة،على كافة قطاعات المجتمع أينما كان،سواء عاشها أم شاهدها أم سمع عنها، بغض  النظرعن: االجنس، االعمر، الخلفية االتعليمية واالثقافية  واالحالة الاقتصادية،مع التأكيد هنا على أن لعدد التجارب  والخبرات االسابقة في مواجهة مثل هذه الضغوطات, له دور في تحديد أشكال المواجهة بنجاعة أكبر.

في ظل مثل هذه االحالة، نحن بحاجة الى المزيد من الابتعاد عن النظريات التقليدية والرؤى النمطية في التعامل مع الاضطرابات النفسية والسلوكية، وما صاحبها من حالات فقدان loosing وتشريد displacement وهدم demolishing وتجويع starvation واعتقال arresting أو ابعاد deportation inside or outside Home،ينجم عن كل هذا اّثارا لما بعد الصدمة PTSD أو احباط depression  أو لا مبالاة in difference والأخطر تزايد الميل نحو العدوانية  واالعنف aggression & violence( political or domestic) ولن ننسى ما يصيب الغالبية من حالات هلع وهلوسة ,وعدم تركيز   lack of concentration,hallucination 
ونظرا لكون االعين بصيرة واليد قصيرة ،جرّاء شح الامكانيات والأدوات وغياب االقسط المطلوب من ثقافة الصحة النفسية ان لم يكن شحها وتصحرها في بعض المناطق، لا سيما المهمشة ، يكون لزاما على المختصين تقديم االنصح والارشاد المهني السليم لكافة قطاعات الشعب، وفق احتياجاته ومستواها، لتكن بمثابة ادوات ا سعاف أولي قابلة  للتطبيق من قبل االشخص ذاته/الأسرة، بشكل فردي أو  جماعي، بعيدا عن الشعوذة والهرطقة والمتاجرة بأحوال الناس االتعسة.

نركّز هنا على دور الأسرة في التخفيف من حدة اّثار الانعكاسات الواردة أعلاه هذه الضغوطات النفسية، وذلك  من خلال:

•     ترسيم وتحديد نمط االعلاقات االتي تحكم جميع من ينتمي مباشرة / غير مباشرة لهذا المجتمع المصغّر، دون اغفال دور الروضة و المدرسة/ والجامعة وبقية المؤسسات المجتمعية الأخرى.

•    الابتعاد عن الافتراض assuming  بأن الكل لديه/لديها الوعي والمعرفة والدراية  اللازمة بما يتوجب عمله أو تجنبه.

•    اعتماد نهج التربية الإيجابية والتي من بعض سماتها التربية على الاعتماد على الذات self- reliance والشراكة المسؤولة participatory approach  وتنطيم  وإدارة الوقت self- regulationا إضافة الى تبني نهج الحوار بدلا من إعطاء الأوامر والصراخ.

نحن هنا بصدد االتعرض، وباقتضاب الى دور وأثر العلاقات الايجابية  بين الجيران للانتقال من حالة االمعاناة الى حالة التعافي بعد تضميد االجراح السيكولوجية الناجمة عن مثل تلك الضغوطات االنفسيّة،جراء المصادر التي ذكرناها وغيرها.

نظرا لتركيبة نمط الاالأسرة ، سواء كانت ممتدة extended family   أو عائلة  نووية nuclear family ، لن تجد انسانا بدون علاقات مع جيرانه،,وبالتالي تنشأ علاقات متبادلة بين الطرفين، والتي نتوخى أن تتحلى بالسيرة الحسنة الطيبة، تماما كشجرة الزيتون التي لا تنمو سريعا ولكنها تعيش طويلا .

لضمان ذلك ولايجاد أجواء من شأنها أن تعكس اّثارا ايجابية بغية العيش في ظل أقصى درجات الراحة النفسيّة، نقترح هنا ما يلي :
•    العمل بموجب ما أوحت اليه الديانات االسماوية الثلاث، ومنذ القدم، بأهمية بالغة لضرورة حسن وطيب العلاقة بين الجيران،من خلال تبيان حقوقه وواجباته واالتعرض لبعض الواجبات نحوه، لدرجة أن البعض كان  ينظر الى جاره كصاحب بيت، يأتمنه على االكثير من الأسرار والمواد المادية والعينية، اذ كنا نسمع كثيرا قول " لا شيء ممنوع للجار سوى السلوكيات التي تمس العرض واالشرف .لذا كنت ترى االجار دوما سندا لجاره في الأفراح والأتراح، مما يولد لدى بقية أفراد الأسرة علاقات وطيدة من شأنها المحافظة على تعزيز واستدامةالسلم الأهلي المنشود، مما يعمل على توفير الراحة النفسيّة واالتكافل الأسري والمجتمعي وحماية االنسيج الاجتماعي حصيلة تسارع الجميع نحوتقاسم االخبرات واالتجارب  ومشاركة المسؤوليات في تقديم  المساعدة وعمل الخير والذود عن حقوق جاره،وانتشار المحبة والود بعد أن عرف واالتزم كل منهم حدوده وكفّ عن الحاق أي أذى، مهما صغر، بجاره،

•    عدم الهمز واللمز والاستغابة  بين االجيران ولو عن طريق المزاح والمداعبة.

•    تعزيز قيم العفو والسماح بين الجيران،مع  تفهم  وتحمل هفواته واانفعالاته، وتحسين فرص الاحسان وعمل المعروف مع ذاك الجار,دون تمنن " ولا تمنن تستكثر" الاية 6 سورة المدثر، وتبني ذلك نهجا في الحياة.

•    المبادرة الى طرح وافشاء السلام بين الناس لما لذلك من وقع طيب على القلوب ، ناهيك الى كونه ذلك فرض عين والرد عليه فرض كفاية،مع االحفاظ على دوام اابسمة واالوجه االباسر النضر " وجوه يومئذ باسرة"  ووجوه يومئذ ناضرة22+ 24 سورة المدثّر .
•    نقترح الاكثار من الزيارات االعائلية المبرمجة وبمواعيد مسبقة وكذلك الرحلات المشتركة لما لها من تأثير على زيادة فرص تبادل االحوار والتجارب.

•    كما هناك فوائد جمّة في توظيف التراث والجكايا الشعبية ودو الأجداد والدات في سرد مثل هذه القصص.

•    يغفل الكثير من عن أهمية القراءة المشتركة في كسر االجمود  الموجود للأسف بين علاقات الجيران، وعليه نقترح تشكيل لجان الكتاب في كل مجمع سكني ويا حبذا الشروع في بدء تأسيس مكتبات صغيرة في كل حي  من الأحياء السكنية القائمة.

•    الارشادالمهني االحقيقي في بناء أسس علاقات الاحترام المتبادل والقبول بالاختلاف واالتعددية االفكرية وبناء أواصر بناء المحبة (كزيارة المريض والمشاركة في الأفراح والأتراح  وتلبية الدعوات قدر الامكان، وتفقد أحواله) وبالتالي الشعور بأن هناك سندا بمثابة أخ لك لم تلده أمك يمكنك الاستعانة به وقت االشدائد.

بهذا يكون االجار بمثابة مصدر تخفيف للضغوطات االنفسية عن  جاره، تماما كجدول الماء الذي لا يحمل فقط ماء، بل ويمنح الأرض من حوله خضار وجمال، ونكون قد اكتسبنا علاقة جيران مستدامة بغض النظر عن طول أو قصر الفترة الزمنية، كونها تركت اّثارا طيبة كرائحة المسك واالعنبر، كل هذا كون االجار قد قام بتذويت االقول  " الأخلاق هي الجندي المجهول للانسان ".

أما بالنسبة  للمهنين في مجال الصحة االنفسية، بودي اقتراح أساليب سهلة الاستيعاب للفئة المستهدف، مثل العلاج /التعافي عن طريق أسلوب السلوك المعرفي CBT، بالطبع دون اغفال  حالة الطفولة( فقر، حرمان أو أي من الحالات التي تم ذكرها أعلاه) والتجارب التي عاشها االطفل / الأطفال

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.