لماذا استقال حرز الله من الضمان الاجتماعي؟
أهم الأخبار

لماذا استقال حرز الله من الضمان الاجتماعي؟

 رام الله -  وطن للانباء-  جاءت استقالة مدير عام مؤسسة الضمان الاجتماعي أسامة حرز الله، اليوم الاربعاء، لتلقي مزيدا من التساؤلات حول المؤسسة وادارتها، والجهات التي تتدخل في صناعة القرار فيها وتعيين الموظفين، وادارة العمل.

استقالة حرز الله، الذي اكد لوطن تقديمها لمجلس ادارة المؤسسة، شكلت صفعة قوية لمؤسسة الضمان الاجتماعي ، بالتزامن مع استمرار الحراك الشعبي ضد القانون، قبل ان تنطلق المؤسسة بعملها بشكل واسع.

ويبدو ان استقلالية المؤسسة التي طالما جرى التغني بها، بعيدة عن ارض الواقع، في ظل وجود تدخلات مباشرة من الحكومة في تسيير اعمالها، وتعيين موظفيها، ولعل القرار الاخير الذي جرى اتخاذه من قبل مجلس الوزراء بالتنسيب إلى الرئيس محمود عباس بإعارة ماجد الحلو، إلى مؤسسة الضمان الاجتماعي من صندوق التقاعد لمدة سنة اعتباراً من تاريخ صدور المرسوم، سببا في تلك الاستقالة.

تعيين الحلو، في منصبه لمدة عام، يعني بصورة اخرى محاولة من الحكومة لتهميش حرز الله في منصبه، خاصة ان الحلو كُلف بالاشراف التام والكامل على الادارة التنفيذية بهدف تطوير العمل بشتى بشتىالميادين لا سيما الشؤون الادارية والاعلامية والتنظيمية على ان يرفع تقاريره (الحلو) الى مجلس الادارة مباشرة، وان يتعاون معه الجميع على ان يتمتع بالصلاحيات الادارية والفنية اللازمة للقيام بعمله وفق ما يقرره مجلس الادرة ويكون مسؤولا امام مجلس الادارة.

والسؤال هنا، اذا كان الحلو سيتمتع بكل تلك الصلاحيات، وستنسب اليه كل هذه الاعمال في المؤسسة، بحيث سيكون الرجل الاول فيها، فماذا تبقى للمدير العام للمؤسسة اسامة حرز الله من عمل، وهل جاء قرار الحكومة في محاولة غير مباشرة من الحكومة لتهميش حرز الله، دون التورط امام الرأي العام باقالته.

ولا يخفى على احد الدور الذي لعبه حرز الله في بناء مؤسسة الضمان الاجتماعي منذ انطلاقتها، لكن مصادر خاصة اكدت لوطن ان الحكومة ومجلس ادارة المؤسسة تعاملت بشكل سلبي مع حرز الله، لافتة الى ان اسبابا سياسية حركت الحكومة لتهميش حرز الله في منصبه، والذي يعني اقصاءه منه.

ان توجه الحكومة لتعيين الحلو الذي كان يدير صندوق التقاعد، والذي حظي بانتقادات كبيرة ووصف بانه غير قانوني، يطرح تساؤلات كثيرة، ومخاوف اكثر حول مدى الثقة بهذا الصندوق، في ظل نية الحكومة كما صرح وزير العمل قبل اسابيع دمج صندوق التقاعد بصندوق الضمان ربما بعد عامين او ثلاثة، علما ان صندوق التقاعد اشبه بالفارغ نظرا لعدم تحويل الاموال اليه من قبل الحكومة، وبالتالي تصبح فرصة استفادة صندوق التقاعد من اموال الضمان عالية جدا.

لم يحظى قانون الضمان الاجتماعي في اي من مراحله بثقة الشارع الفلسطيني، بل جوبه باحتجاجات تعد الاضخم في الضفة خلال السنوات الماضية، ولعل منطلق تلك الاحتجاجات يكمن بانعدام ثقة الشارع الفلسطيني والمواطنين بهذا الصندوق، وخشيته ان يكون مصيره كمصير صناديق ومؤسسات مالية ذهبت وما بها الى المجهول.

ان استقالة حرز الله اليوم جاءت لتسلط الضوء على بعض الجوانب الداخلية في مؤسسة الضمان، وتثير المخاوف والخشية من اداءها مستقبلا، اهمها غياب الاستقرار الاداري عن المؤسسة والذي من شأنه ان ينعكس على باقي الجوانب، فأذا كان المدير العام الذي عمل طيلة 16 شهرا على بناء المؤسسة من الصفر الى ما وصلت اليه من اليوم، جرى التعامل معه على هذا النحو، فكيف ستكون المؤسسة غدا اذا ما جرت في شرايينها اموال المواطنين، واي مستقبل لتلك الاموال سيكون في ظل غياب الاستقرار الاداري.

ولا يتوقف الامر على غياب الاستقرار الاداري فقط، بل يضاف اليه غياب التعاون في ادارة قطاع العمليات والاستثمار، وهذا مؤشر يعني ان اموال العمال والموظفين قد تكون في مهب الريح والخطر، اذا ما وضعنا تداعيات غياب التعاون في استثمار الاموال والتفرد في اتخاذ القرارات ورسم السياسات.

ولعل اخطر ما كشفته اسباب استقالة حرز الله هو عدم تطبيق منظومة الحوكمة التي يجب ان يتبناها المجلس بحيث لا يكون له دور او تدخل مباشر في ادارة المؤسسة، وهذا امر ان استمر فأنه ينذر بتفاقم المشكلة والتأثير على استمرارية المؤسسة.

واخيرا، ان استقالة حرز الله، جاءت لتعطي سببا قويا لتعزيز عدم ثقة الشارع بمؤسسة الضمان وطريقة عملها الداخلية، خاصة ان المواطنين سيضعون اموالهم فيها لسنوات، ولا يعلمون اي قرارات او اجراءات او سياسات قد تتخذها بعد عدة سنوات، وما التعهدات التي ستقدمها الحكومة الا حبرا على ورق، والوق عادة ما يغطيه الغبار بعد زمن.

 

المصدر: وطن للانباء