بندر .. مُهرّج أم ثعلب ماكر ينطق بلسان البلاط الحاكم؟
رئيس التحرير

بندر .. مُهرّج أم ثعلب ماكر ينطق بلسان البلاط الحاكم؟

كتب رئيس التحرير: لا يُمكن للشمس أن تُغطى بغربال، ولا يمكن لأحد إنكار دور السعودية ودول الخليج في دعم فلسطين، سياسياً ومادياً. لكن هذا الاعتراف الصريح لا يعني أن الخليج دعمنا "لسواد عيوننا"، فهو أراد بجميع دوله أن يحقق بعض مصالحه، وأن يظهر كحامي الديار والأقصى، وهنا لا نقصد الشعوب، والتي لو أتيحت لها الفرصة لقدمت الغالي وكل ما تملك لفلسطين وأهلها.

صُدم الفلسطينيون كما شرفاء الخليج بتصريحات بندر بن سلطان بن عبد العزيز، السفير السعودي السابق في واشنطن وأمين مجلس الأمن الوطني السعودي السابق، والذي فتح نار لسانه وحقده على القضية الفلسطينية. 

كانت تل أبيب أقرب لقلب بندر من القدس وأحيائها وازقتها! وكانت العاريات على شواطئ إيلات أكثر قرباً له من الأم التي ماتت هي وأطفالها تحت الأنقاض في قطاع غزة!

تصريحات بندر عن فلسطين وقيادتها كانت كالبنت الكبيرة "البايرة" والتي تزوجت "أخواتها" وهي تنتظر النصيب! يبدو أن السعودية "ملت" من الانتظار، وقررت الزواج بزوج أخواتها، ظانّة أن الستر والأمن والرفاه سيأتي من بيت زوجها الإسرائيلي!

كانت هذه التصريحات صادمة وزلزالاً هزّ الأمة العربية والإسلامية وخاصة انه كشف ولو بشكل غير رسمي الموقف السعودي والخليجي بشكل علني بالتخلي عن اعتبار فلسطين قضيتهم الأولى وان السعودية تدعم الإمارات والبحرين في التطبيع مع إسرائيل وبرر ذلك أن لدول الخليج مصالحها وأمنها القومي وأن هذه الدول تعتبر إيران وتركيا العدو الأول لهم وبالتالي لا يوجد محرمات بالتحالف مع إسرائيل وأمريكا ضد تلك الدول.

لن ندخل في سوء التقدير الذي أظهره موقف بندر بمن هو العدو الأول لدول الخليج فهذا شأنهم، وفلسطين أظهرت بشكل علني وقوفها لجانبهم ولم يكن هناك لُبس في الموقف الرسمي الفلسطيني في ذلك سواء مع الإمارات وجزرها المحتلة أو حتى في العدوان على اليمن الشقيق، وصُنفت فلسطين انها ضمن المحور السعودي، فلماذا لم يذكر ذلك بندر بن سلطان؟" وهل الأمن القومي الخليجي لا يتأثر باحتلال دولة عربية اسمها فلسطين وقبلة الأمة الإسلامية والمسيحية الأولى؟ وهل الخطر الإسرائيلي ليس على حدودها؟ وهل المشروع الصهيوني المعلن بإقامة اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات لن يصيبها!؟

لن ندخل في هجومه الظالم على كفاح ونضال الشعب الفلسطيني بل سنذهب باتجاه ما هي الرسالة من تصريحاته المستهجنة هو والمحطات الرسمية السعودية والخليجية في ضرب القضية الفلسطينية وحقوق أخوة لهم يرزحوا تحت الاحتلال منذ 72 عاماً وهو طليعة الأمة ورأس الحربة في مواجهة أخطر عدو عليهم وقدم آلاف الشهداء من أجل الأمة وليس أرضه وحقوقه فقط

قال بندر أن محامي الفلسطينيين فاشلون وبرر ذلك بقضايا وخلافات تحصل لدى كل الشعوب وضربت كل الثورات، ولكن ليس هذا مهماً، بل الأهم أنه اعتبر دول الخليج ليست جزءا من المحامين عن فلسطين، بل هم دولة كما موزمبيق متفرجون، وان المسجد الاقصى ليس قبلتهم وان هذه الأرض لشعب غريب عن الشعب السعودي والخليجي العربي! 

اختار بندر بن سلطان الهجوم على فلسطين ونضالها ولم يكتفِ بفرش الورد لمن يطبع من دول الخليج بل وصف الصهاينة انهم محامون ناجحون دافعوا عن أرضهم!! وما علاقة ذلك بأمنكم القومي والخطر من ايران، ام انكم تركتم دعم فلسطين لفشل محاميهم؟

معظم أصحاب الرأي والكُتاب اجمعوا ان بندر بن سلطان يمهد لموقف علني سعودي وخليجي للتطبيع مع إسرائيل وان موقف البحرين والامارات أصلاً لا يتم إلا بغطاء سعودي كامل وشامل، يحمي ويحمل تلك المواقف وبتعليمات واضحة من الأمريكان نحو تنفيذ صفقة القرن.

أليست الدول الثلاث التي حضرت المؤتمر الصحفي لإعلان ترمب ونتنياهو دول تحت الغطاء السعودي (البحرين والامارات وعُمان)؟ رغم خطورة ذلك إلا ان تصريحات بندر والهجوم على الشعب الفلسطيني وقيادته يحمل في طياته النية الأمريكية الإسرائيلية في تغيير القيادة الفلسطينية بقيادة جديدة تقبل طرحهم وفق مبدأ اختيار من لا يضيع الفرص وفق أجندات امريكا واسرائيل، معتبراً صفقة القرن وضم القدس وإلغاء حق عودة اللاجئين وضم الأراضي الفسطينية فرصة! وأن أمنهم القومي وفق رؤيته أهم من وجود دولة فلسطينية، وأن على الفلسطينيين أن يقبلوا ذلك، وهو يدرك تماماً أنه بذلك لا يحقق أمناً للخليج ويمنح فلسطين بلا مقابل للاحتلال الاسرائيلي، وهل يتحصن الأمن القومي السعودي والخليجي باستكمال احتلال فلسطين؟

في ضوء هذا الوضوح الكامل بخسارة فلسطين  لدولة عربية رئيسية ومعها دول أخرى مهما كانت هامشية، ألا يستوجب ذلك مراجعة سريعة لدور الدبلوماسية الفلسطينية والتي حذرنا من عجزها عدة مرات وفي مقالات سابقة وقلنا أننا خسرنا دولاً عربية وغربية وشرق آسيوية وازنة مثل الهند والبرازيل، وآخرها فرنسا التي صرحت بوضوح انها جاهزة للتعامل مع اي حل حتى لو بعيدا عن حل الدولتين، والخطورة ان هذا الموقف سيتدحرج ليصبح موقف الاتحاد الأوروبي إن بقينا نتصرف بنفس الأدوات والوجوه ونفس السياسة.

أليس من العاجل والهام ان نُشكل وفدا رفيعاً لزيارة السعودية ونستغل وجود الملك سلمان بن عبد العزيز المعروف بمواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية وقد يكون آخر القيادات؟ أليس من الضروري تلك الزيارة والاطلاع على الموقف الحقيقي للسعودية ثم البناء عليه؟

مراهنة فلسطين على الدول العربية أو حتى الغربية أو نتائج الانتخابات الأمريكية أو الاسرائيلية عجز كامل، واجبنا ان نسعى بكل الوسائل الآن للاعتماد على الذات وبناء القوة والمحاور الجديدة وفق مصالحنا ووفق المعطيات الجديدة والتي أصبح اتجاهها واضحاً وضوح الشمس "وما بحك جلدك الا اظفرك"، وتصريحات بندر بن سلطان لم تأتِ من فراغ ولنجعلها إنذار رقم ألف لحالنا الذي يتراجع يومياً دون فعل مقابل، بل لنسرع نحو الوحدة ووضع برنامج سياسي عليه اجماع الجميع وانجاز الانتخابات التشريعية والرئاسية فوراً "وما بيحرث الأرض الا عجولها".

14 عاماً عانيا فيها مرارة الانقسام، 15 عاماً بدون انتخابات برلمانية ورئاسية وتجديد لشرعية القيادة وتغيير للديبلوماسية بوجوهها ورؤيتها. حركتا حماس وفتح تتحملان المسؤولية الكاملة عن ضياعِنا وتيهاننا بهذا الشكل.

 نعم، أنتم بانقسامكم وخلافكم الشخصي وغير الشخصي من أوصل الشعب الفلسطيني الى هنا، انقسامكم وخلافكم وعدم اعطاء الحق لـ 15 عاماً للشعب بأن يختار من يمثله هو من جعل دولاً عربية وشخصيات عربية تتجرأ على شعب فلسطين وقيادته. لا أمل لكم ولا خيار لكم غير الانتخابات، أجيال نشأت والصغار أصبحوا شباباً والشباب أصبحوا شيوخاً وانتم كما انتم!