السطو المسلح في فلسطين: ظاهرة خطيرة تهدد الاقتصاد والأمن
كتب رئيس تحرير صدى نيوز - شهد الشارع الفلسطيني في الآونة الأخيرة مشاهد عجيبة للاقتحام والسطو المسلح على البنوك والمحال التجارية، وكأنها مقتبسة من أفلام الأكشن. هذه الحوادث، التي تكررت بشكل لافت، لا تبدو عابرة، بل تشير إلى وجود سطو منظم، حيث تستغرق بعض العمليات دقائق معدودة لتنفيذ السطو والفرار.
من الملفت أن هذا النوع من السطو لا يبدو مرتبطاً بالوضع الاقتصادي المتردي في فلسطين، بل يرتبط بمجموعات منظمة تسعى إلى سرقة مبالغ ضخمة وبناء ثروات على حساب الاقتصاد الفلسطيني وزعزعة شعور المواطنين بالأمان. الأدوات المتطورة التي تُستخدم في هذه العمليات، كما شاهدنا في عملية السطو الأخيرة على محل الذهب في طولكرم، تشير إلى أن هؤلاء اللصوص مجهزون بشكل جيد.
إذا نظرنا إلى القضية من زاوية اقتصادية، نرى أن الخسائر التي يواجهها الاقتصاد الفلسطيني لا تقتصر على الأموال المسروقة أو كميات الذهب، بل تشمل أيضاً تدمير الأمان الضروري لجذب الاستثمارات.
إن تكرار عمليات السطو على المؤسسات المالية والتجارية يعد ضربة قاصمة لأي فرص للاستثمار، حيث أن البيئة غير الآمنة تنفر رأس المال.
لكن من يتحمل مسؤولية هذه الكارثة الاقتصادية؟ وهل النظام السياسي والأمني عاجز عن حماية أساسيات الاقتصاد، وأولها الأمن؟ حماية المؤسسات التجارية والمصارف هي مسؤولية القيادة السياسية والأمنية، التي يجب أن تتخذ إجراءات صارمة لضمان الأمان الاقتصادي الفلسطيني.
إن وزارة الداخلية وجميع الأجهزة الأمنية مطالبون بوضع خطط أمنية واضحة لمواجهة هذه الظاهرة التي لم تعد فردية أو عابرة، بل أصبحت أشبه بمسلسل مجهول النهاية. فالخاسر الأكبر في هذه المعادلة هو الاقتصاد الفلسطيني بأسره.
والرابح الوحيد في هذا الوضع هو من يؤوي اللصوص ويفتح لهم طرق الهروب عبر فتحات الجدار أو الطرق الالتفافية، مما يؤدي إلى إضعاف أي استثمار فلسطيني وضرب شريان مؤسسات السلطة الفلسطينية.
الجريمة هنا لا تقتصر على سرقة مليون أو مليونين، بل هي سرقة اقتصاد بأكمله وتهديد لنهضة شعب. فهل سيجد هذا الملف من يعالجه بحزم وصرامة؟
إضافة إلى ذلك، يمر الشعب الفلسطيني بأزمة مركبة، سياسية واقتصادية وأمنية، أثرت على جميع جوانب حياته. يرافقها انعدام الأمل والحلول، سواء السياسية أو الاقتصادية، حتى بات الحديث عن "قرب انهيار السلطة الفلسطينية" أمراً جدياً.
مع وجود حكومات إسرائيلية متعاقبة تسعى لإجهاض حل الدولتين وإنهاء المشروع السياسي الفلسطيني من خلال فرض حقائق على الأرض تمنع بشكل مطلق وجود دولة فلسطينية مستقلة، ومحاولة جعل السلطة الفلسطينية أداة لتنفيذ مخططات الاحتلال. حكومة الاحتلال الحالية أعلنت صراحة أنها ستعمل على إنهاء وجود السلطة عبر إجراءات تتجاوز الحصار المالي والسياسي، مما يضع مستقبل السلطة الفلسطينية على المحك.