ماذا ينتظر مروان البرغوثي ؟
عاد إسم الاسير المناضل القائد مروان البرغوثي ، الى الواجهة مرة أخرى ، بعد استثناءه وقيادات من الحركة الاسيرة في صفقة التبادل التي ابرمت بين المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس وسلطات الاحتلال الاسرائيلي ، والتي جاءت احدى نتائج قمة السلام التي عُقدت في شرم الشيخ في الثالث عشر من الشهر الجاري برعاية الرئيس الامريكي دونالند ترامب ومشاركة دول مصر وتركيا والاردن وقظر .
بالرغم من الغموض الذي ما زال يكتنف قضية اطلاق سراح البرغوثي ، الا ان الآمال تجددت بعد تصريحات الرئيس ترامب حول تلقيه طلبا لاطلاق سراحه ، وأنه سيعلن قراره قريبا ، وربما تتضمن الطلب من الجهة التي لم يُكشف عنها وتقدمت به ومن دون شك انها تتابع الشان الفلسطيني بكل تفاصيله ، ان البرغوثي ابن السبعة وستين عاما والذي تُصر سلطات الاحتلال على رفض الافراج عنه ، في ظل الحالة الفلسطينية المتشعبة ، الانسب لادارة الشأن الفلسطيني كونه يتمتع بشعبية كبيرة وقاعدة عريضة تُسهل له عملية لم الشمل الفلسطيني ، وخاصة الشق المتعلق بحركة فتح ، وتزامنت تصريحات ترامب ، بتصريحات اخرى له حول الرئيس محمود عباس وكيله المديح له ، لكنه لا يراه مناسبا لحُكم قطاع غزة ، وان الشعب الفلسطيني يُعاني من غياب القائد الواضح !!
وسط حساسية المشهد الفلسطيني والذي يواجه ضغوطا من كل صوب وحدب ، والتصريحات المختلفة حول السلطة الفلسطينية وما تواجهه من مطالبات بالاصلاح ومحاربة الفساد وحاجتها الى توافق داخلي ، دستوري وشرعي وسياسي يضمن وحدة القرار والشرعية والجغرافيا الفلسطينية ، والجدل الجاري حول غزة وادارة شؤونها ، يعود اسم البرغوثي الى تصدر المشهد وما يتمتع به من رمزية من شتى اطياف اللون الفلسطيني ، تتيح له الفرصة لتوحيد الكلمة الفلسطينية ، ولكن هناك تساؤلات مختلفة اخذت تطفو الى السطح : لماذا مروان البرغوثي ؟ وهل هناك علاقة بين مرسوم الرئيس ابو مازن الاخير حول تكليف نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ، نائبا له يتولى المهام في حال تعذر عليه أداء عمله ، وبين العودة الى الحديث عن ضرورة الافراج عن البرغوثي ؟ واخيرا ماذا ينتظر مروان البرغوثي ان صحت الانباء المُسربة حول اطلاق سراحه ؟
من دون ان المشهد الفلسطيني في حالة شديدة التعقيد ، منظمة التحرير الفلسطينية ، الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني فقدت مصداقيتها وشعبيتها في صفوف الفلسطينيين ، واصبحت مثار سخرية للكثيرين من المتابعين والمحللين ، السلطة الفلسطينية دكها الفساد وما زال من رأسها الى أساسها ، حركة فتح باتت في اسوء حالاتها ، والحركة الوطنية بمختلف اتجاهاتها اصابها الترهل والوهن ، ومن هنا تأتي النظرة الفتحاوية والفصائلية ومن ثم الشعبية الى البرغوثي على انه المنقذ والمُخلص من كافة تجليات الحالة الفلسطينية الراهنة .
مراوان البرغوثي ، ويُطلق عليه البعض مانديلا فلسطين ، يعتبر الحالة النضالية الوحيدة في الساحة الفتحاوية والفلسطينية على وجه العموم ، وينتمي الى الحقبة العرفاتية بكل معطياتها ، ياسرعرفات الذي ما زال الفلسطينييون يتغنون بامجاده ويعيشون على إرثه ، "فربيبه" مروان البرغوثي يعتبره وخاصة الفتحاويين ، الامل الكبير في توحيد صفوف حركتهم واستعادة روحها النضالية ودورها الكفاحي ومكانتها فلسطينيا وعربيا ودوليا ، والقادر على إعادة بناء الهوية الوطنية الجامعة ، وإعادة التأسيس لكيان وطني جامع على اسس وطنية ، وهو الأقدر لما يحظى فيه من احترام وشعبية ، وبالشراكة ونظرائه من الفصائل الاخرى التي تحترم تاريخه وإرثه النضالي ، على توحيد شطري الوطن وبالتالي انهاء الانقسام المدمر واحداث انتفاضة اخلاقية ووطنية وسياسية في المجتمع الفلسطيني وتدشين مرحلة جديدة في النضال الفلسطيني ، وهو يجمع ما بين السلم والحرب وتوظيف كلاهما لاجل تحقيق الاحلام التي يصبو اليها ابناء الشعب العربي الفلسطيني .
وليس سرا القول ان هناك من القيادات الفلسطينية الحالية ، من يخشى الافراج عن البرغوثي ، وربما ذلك هو ما دفع الرئيس محمود عباس الى اصدار مرسومه بشأن تولي حسين الشيخ مكانه ، حال تعذر استمراره في ادارة الامور ، فالرئيس استبق ما يدور في الاروقة المحلية والعربية والدولية وحدد مسار المرحلة القادمة بشخوص من ذات التيار الذي يمثل فكره ، وهو ما يخشى منه عامة الفلسطينيين بان الهدف من وراء هذا المرسوم إطالة أمد المرحلة الراهنة بكل معطياتها ، ما يعني الاستمرار في مصادرة القرار الوطني الفلسطيني واحتكاره بيد قلة متنفذة مستفيدة من المرحلة ، وهو ما يُشكل عقبة تنتظر مروان البرغوثي في عمله الذي سيكون مُعبدا بالاشواك ومزروعا بالالغام ، وفي ابعد تقدير وهو أمر محتمل ان البرغوثي قد يواجه التصفية ، إما المعنوية وإحتماليتها قليلة نوعا ما نظرا لصعوبتها في النيل من ابو القسام معنويا ، وإما الجسدية وهي الاقرب إن شرع في تنفيذ خطته بالاصلاح وتوحيد شرائح الشعب الفلسطيني ، وعكس صورة فلسطينية وحدوية أمام الرأي العام المحلي والعربي والدولي ، وذلك ان نجح في اعادة بناء حركة فتح وإحياء منظمة التحرير ، بما يساعد على تحقيق المصالحة الوطنية وبناء مرجعية موحدة للشعب الفلسطيني .
مراسيم الرئيس أبو مازن وإشكالية خلافته
ترامب.. تاجر الوهم الذي باع السلام في سوق الدم
"خذوا أسرار نتنياهو من أبواقه"...
قانون التجارة الإلكترونية: معادلة التوازن بين المصلحة الاقتصادية وحقوق المستهلك
المصير الوطني بين الفوضى الداخلية والوصاية الدولية
البنوك تربح.. والاقتصاد يتجمّد
فيما تتقدم مبادرة ترامب يتراجع التوافق الوطني










