
عمالقة في زمن التقزيم !!
واقع مؤلم من دون شك ، الاحباط والكآبة وفقدان الامل ، يحيط به من كل جانب ، تكالب على الشعب العربي الفلسطيني من كل صوب وحدب ، عملية تقزيم للقضية الفلسطينية تجري بتسارع من العدو والصديق ، من العجم والعرب ، واجهتها غزة التي تتعرض لابشع جريمة بشرية في العصر الحديث ، تدمير وقتل ، والاخطر تجويع وابادة جماعية ، منذ اتفاقيات اوسلو والعدو يعمل على تخريب الوعي الوطني الجمعي ، منذ عقود والانسان العربي ، والفلسطيني على وجه الخصوص ، يتعرض لموجة ممنهجة من غسيل الادمغة ، ما انعكس على الحالة برمتها من المحيط الى الخليج ، وأثر سلبا على خصوصية القضية الفلسطينية في العقل العربي ، حتى انفرد العدو بالشعب الفلسطيني واستباح امكانياته ومقدراته ، ولكنه اصطدم بغزة التي ما زلت ت العقبة الكأداء أمام تمرير مخططات الاحتلال واعوانه المبيتة لفلسطين والعالمين العربي والاسلامي ، وعلى وجه الخصوص الوطن العربي الذي تجمعه روابط عدة اهمها الدين واللغة والعادات والتقاليد ، ما زاد من وحشية هذا العدو – وهي وحشية مستوحاة من معتقدات تلمودية استعمارية قائمة على القتل والتدمير والخراب – وسخر جُل الامكانيات واستغلال الثغرات ، مستعينا بالحلفاء الذي يلتقي معهم بذات الاهداف من العجم والعرب ، لقتل روح المقاومة ووأد اي محاولة للتحررمن العبودية ، وهو ما بدى واضحا في الاشتراطات غير المعقولة على المقاومة ، وحرب التجويع والابادة التي يخوضها ضد قطاع غزة دون ادنى اكتراث لاي اعراف او قوانين دولية انسانية تخالف ممارساته الانتقامية .
بالرغم من هذه الوحشية ، وحالة الصمت والخذلان والتواطىء في الوسط العربي والدولي ، خرجت مجموعة من الشخصيات الوطنية والشعبية والاعتبارية فيالضفة الغربية والقدس - ولو كانت متأخرة قليلا – اغلبهم من مؤسسي المؤتمرين الوطني والشعبي الفلسطيني ، افترشت الارض والتحفت السماء معلنة الاضراب الطوعي عن الطعام في مركز بلدنا بمدينة البيرة ، وخوض معركة الروح والجسد ، تضامنا واسنادا لاهلنا في قطاع غزة ، ورفضا لجرائم التجويع والابادة الجماعية التي يتعرضون لها ، وسط صمت رسمي محلي مُعيب ، وتخاذل رسمي عربي مُخزي ، ونفاق رسمي دولي ، وتواطىء امريكي رسمي معهود ، شخصيات هم عبارة عن عمالقة خرجوا في زمن التقزيم ، عُزل معظمهم طاعنين بالسن ، يواجهون ثعالب تتفوق عليهم باحدث العتاد والعُدة .
اضراب قال عنه القائمون عليه والمشاركون فيه ، انه خطوة لكسر حالة الصمت التي تجتاح الساحة الفلسطينية والعربية والتي لم ترتق حتى اللحظة الى حجم الحدث وهوله ، فيما شوارع الغرب تعج بالالوف المؤلفة من الاصدقاء والمؤازرين ُمعبرة عن غضبها من ممارسات الاحتلال الوحشية المخالفة جملة وتفصيلا للقوانين والاعراف الانسانية .
اضراب يؤكد ان غزة التي تتصدى وحيدة للمشروع الصهيوامريكي ، ليست لوحدها ، والشعب الفلسطيني واحد بمصير واحد ، والضفة الغربية والقدس ستجوع وتنتفض حتى يتوقف العدوان ، اضراب فيه شكل من اشكال الاصرار والتحدي ، اضراب فيه تحذير لما هو آت ولا يُبشر بالخير ، فيما لو استمرت حالة الصمت والتخاذل والتواطىء ، فقد تنتقل الحالة الغزية الى المناطق الفلسطينية المحتلة ، فيما لو لا قدر الله ، نجحت مُخططات الاحتلال المُبيته لقطاع غزة ، وخاصة فيما يتعلق باحتلال كامل وتهجير السكان .
خطوة الاضراب ما هي الا " أضعف الايمان " لعُزل ، لكنهم يؤمنون بحتمية النصر والقدرة على التغيير، يؤمنون بتحريك المياة الراكدة وسط الاغلبية الصامتة ، وتحولا في الحالة الفلسطينية اولا ومن ثم العربية والدولية ، يؤمنون بان كرة الثلج لا بد وتتدحرج حتى يتوقف العدوان ، واستنهاض الهمم للانتفاض بوجه الظلم والقهر ، يؤمنون انه بمزيد من الثبات والصبر سيكون هناك تفاعل جماهيري اكثر وتحرك اوسع يقود الى انهاء المعاناة التي يكابدها الغزيين ، ورفع الغطاء عن المُتسببين بالجرائم وتقديمهم للعدالة المنشودة ، ومواجهة التحديات ، يؤمنون باقتراب اللحظة التي سيترتقي فيها الكل الفلسطيني ومن ثم العربي الى العمل النضالي دفاعا عن غزة والوطن واحباطا لمشاريع الاحتلال واعوانه ، يؤمنون بحتمية اتساع رقعة النضال ليصبح المُحرك الاوسع لقطاعات الشعب الفلسطيني عامة ، وانخراط احرار العالم فيه ، لتحقيق التأثير الشعبي والسياسي المطلوب لوقف الابادة الجماعية ، ومن ثم الانتقال الى مرحلة الاعمار ومحاسبة الاحتلال على جرائمه ، يؤمنون ان الانتصار االحقيقي يكمن اولا في تحرير الذات من الخوف والتبعية والتفكك !!
فيا تُرى كم من الضحايا يجب ان تسقط لارتقاء المستويين الرسمي والشعبي الفلسطيني والعربي الى حجم الحدث والتحرك الجدي لانقاذ اهلنا في قطاع غزة ونصرة المظلومين ؟ وابعاد شبح الوحشية عن المناطق الفلسطينية المحتلة ، وهل ستُترك العمالقة وحيدة لتصبح فريسة سهلة للاقزام المتكالبة ؟

نتنياهو بين وهم التطبيع وقنبلة العزلة: كيف كشفت غزة الوجه الحقيقي لإسرائيل

حرب إسرائيل الوجودية

مـطـار أثـيـنـا وقـطـاع غـزة «في ذكرى محمود درويش»

هل تكفي المبادرات الإنسانية العربية لإنقاذ غزة من حرب الإبادة؟

كم مرة ستقوم إسرائيل بـ"احتلال غزة" المحتلة؟

محدوديّة قدرة الاقتصاد الإسرائيليّ على تحمّل الأزمات

رقصة الكاسر الشعبية بمنطقة جازان
