
في انتظار قمة واشنطن
يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الإثنين القادم بواشنطن في "قمة النصر" بعد الشراكة في العدوان على إيران وإخضاع جبهات متعددة، والتفاهم في طبيعة الشرق الأوسط "الجديد" بالمعايير التوراتية الكامنة في أحلام نتنياهو وشركاؤه الحكوميين. في ظني أنّ رؤية أياً من المسائل التي سيعلن عنها في هذه القمة؛ كالإعلان عن الموافقة على مقترح ستيف ويتكوف مبعوث ترامب للشرق الأوسط الخاص بهدنة مؤقتة تفتح الباب على احتمالية وقف الحرب، وامكانية التوصل لتفاهم مع النظام السوري تتعلق بترتيبات أمنية مع إسرائيل، أو الحديث عن توسيع اتفاقات "إبراهام"، وملامح الضغط على الجمهورية الإسلامية الإيرانية فيما يتعلق ببرنامجها النووي والصاروخي أو دورها كدولة إقليمية في المنطقة، أو تعزيز دور إسرائيل في كقوة إقليمية متفوقة، واستمرار محاربة مؤيدي الشعب الفلسطيني في الولايات المتحدة، ينبغي رؤيته في إطار محاولة استثمار ما تحقق في الحرب على إيران كـ "فرصة يجب عدم تفويتها" على حد قول نتنياهو.
في المقابل، هناك ثلاثة مسائل أو وقائع ما زالت قائمة على الرغم من الهيجان الإسرائيلي هذا، وهي: أنّ إسرائيل لا تستطيع لوحدها التعامل مع القوى الإقليمية مثل إيران أو تركيا أو دون تدخل مباشر من حليفتها الولايات المتحدة كما رأيناه في تملق الإسرائيليين "الحكومة والمعارضة والإعلام" للرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتدخل في العدوان على إيران لحسم الحرب، وأنّ الدمار وحجمه للبرنامج النووي الإيراني غير معلوم واحتمالية أنْ تدخل إيران نادي الدول النووية ما زال ممكناً، وأنّ ممارسة غطرسة الحكومة الإسرائيلية في تعاملها مع ملفي سورية ولبنان ومحاولة فرض الاستسلام على حزب الله قد يؤدي إلى الانفجار وعودة الحرب من جديد.
في ظني أحدثت الحرب على ايران متغيرات متعددة في منطقة الشرق الأوسط وفي آلية تعامل إسرائيل مع المنطقة، وهي مؤشرات ذات دلالة في مستقبل سياسة إسرائيل بما فيها السياسية الأمنية؛ وهي تتمثل بـ (1) منح إسرائيل مجالاً حيوياً يمتد إلى أكثر من 1500 كيلومتر من حدودها لديها القدرة على حرية الحركة العسكرية فيها، و(2) الإقرار بحق إسرائيل باستخدام الضربات العسكرية الاستباقية، و(3) استبدال مبدأ فض النزاعات بالطرق السلمية بمبدأ السلام من خلال القوة أي بالهيمنة العسكرية، و(4) التعامل مع الأمر الواقع أيّ شرعنة احتلال أراضي الغير بالقوة العسكرية. و(5) استخدام القوة المسلحة ضد دولة عضو في هيئة الأمم المتحدة دون إذن مجلس الأمن لحفظ السلم والأمن الدولي. و(6) حرمان الدول من حقها استخدم البحث واستعمل الطاقة النووية في الأغراض السلمية.
إنّ المخاطر الكامنة في تفكير الإدارة الامريكية والحكومة الإسرائيلية القاضية بتحويل مسألة الصراع من قضية مركزية إلى قضية هامشية تتحكم إسرائيل وحدها في معالجتها باعتبارها مشكلة داخلية تتماهى معها الإدارة الامريكية الحالية مع خيارات اليمين الإسرائيلي. والتوجه نحو السلام الإقليمي دون الحاجة إلى المرور في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عبر توسيع اتفاقات "أبراهام" وفقاً لرؤية الرئيس الأمريكي تتويجاً "للنصر الموهوم"
في انتظار قمة واشنطن ومخرجاتها، وفي فهم الحقائق والمتغيرات والمخاطر المحدقة بالمسألة الفلسطينية المسجلة أعلاه، هاتان المسألتان تقتضيان من الفلسطينيين استنهاض المشاركة الشعبية لتقوية الجبهة الداخلية والاعتماد على القوى الحية في الشعب الفلسطيني، وتعزيز صمود الفلسطينيين في كل من قطاع غزة والضفة الغربية، والضغط من أجل استعادة الوحدة وتبني برنامجاً نضالياً قائماً على المقاومة الشعبية ووسائلها وأساليبها، والتحضير اللازم لإدارة الحكم في قطاع غزة بما يتسق مع توحيد الإدارة في الضفة الغربية وبما يحقق الانسجام ما بين الضفة والقطاع ويراعي المتغيرات والاختلافات التشريعية والاقتصادية والأولويات فيهما وذلك انسجاماً مع إرادة الشعب الفلسطيني بإقامة دولته الديمقراطية. ناهيك عن استثمار التغييرات على المستوى العالمي المتمثلة بالتضامن مع الشعب الفلسطيني باعتباره "ضحية الإبادة الجمعية التي قامت بها إسرائيل" وما يتطلبه ذلك من إعادة تأطير هذه التحركات لتحويلها إلى أدوات ضغط على حكومات الدول الغربية المساندة لإسرائيل والحامية لها.

من إعلان الحريّة إلى رعاية الإبادة: أمريكا وتناقضها الأخلاقي في فلسطين

ممنوع من النشر... حين تُصبح الحقيقة تهمة والكذب جواز مرور

مصيدة العسل: كي لا نخسر العملية التربوية التعليمية في القدس

كيف مرّ كل هذا الوقت في الحرب؟!

مغزى الاحتفاء بالنصر والتعويض السياسي لإسرائيل

يوم بــ"74 ساعة"

تطبيع التطبيع وأمور أخرى
