الريادة المجتمعية: "ريادة متوازنة: استدامة مالية وعدالة مجتمعية"

الكاتب: لما عواد

"ريادة برؤية عادلة... توازن بين الربح والحق"

الريادة المجتمعية هي مفهوم جديد يشير إلى قدرة الأفراد على ابتكار حلول للمشكلات التي تؤثر في المجتمع المحلي. وعند الحديث عن الريادة المجتمعية من منظور النوع الاجتماعي، فإننا نتناول بشكل خاص كيفية تمكين النساء من لعب دور فعال في المجتمع، ليس فقط على الصعيد الاقتصادي، بل أيضًا في المجالات الاجتماعية والسياسية. وفي السياق الفلسطيني، في ظل التحديات السياسية والاقتصادية التي يواجها المجتمع الفلسطيني، فإن النساء اللواتي يمارسن الريادة المجتمعية لا يقتصر دورهن على التنمية الاقتصادية فحسب، بل يمتد ليشمل دعم الأسرة وأحد الأساليب الفعّالة لتعزيز دورها في عملية التنمية المستدامة والمساواة بين الجنسين، وبناء مجتمع أكثر عدلاً وتقدمًا.

وتعد الريادة المجتمعية مجالًا هامًا يتيح للنساء الفرصة للتأثير بشكل إيجابي على مجتمعاتهن، من خلال المبادرات التي تتعلق بتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية. وقد يعتقد البعض ان الريادة تختص بمجال معين، لكن تتسع وتضيق بكافة المجالات وتعتمد على رؤية الريادي/يه في عكس مفهومها. وهي مفهوم يتسم بالمرونة، ونسب مخاطرة قليلة، ويعمل على تحقيق معادلة win – win situations، مما يجعلها أكثر انتشارا بين فئة الشباب/ات، وتوازن عملية تحقيق التوقعات الطموحات الربحية والمجتمعية.

"نحو فضاء ريادي أكثر شمولًا وحساسية للنوع الاجتماعي"

تساهم الريادة المجتمعية بخدمة النساء في عدد من المجالات، بشكل مباشر ام غير مباشر، حيث تمكن النساء من أن يكنَّ قائدات مؤثرات في مجتمعاتهن من خلال تعزيز قدراتهن في القيادة والتخطيط المجتمعي وتعزيز حضورهن في صنع القرار، ومنحهم فرصة لتوجيه السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر في حياتهن وحياة أسرهن، وتوفر الفرص المتساوية للنساء للمشاركة في الأنشطة المجتمعية، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية، وتساهم في تحدي الأدوار التقليدية والتغيير في المفاهيم الاجتماعية التي تحد من فرص النساء.

وتتيح للنساء إحداث التغيير في مجتمعاتهن بحلول مبتكرة لمشاكل مجتمعية لتشمل هذه الحلول المبادرات الصحية، التوعوية، البيئية، والتربوية التي تسهم في تحسين الوضع الاجتماعي، وتعزز الوعي بحقوق النساء وقضاياهن، بما في ذلك حقوق العمل، التعليم، والعدالة الاجتماعية. فالنساء الرياديات غالبًا ما يركزن على قضايا تؤثر بشكل مباشر على مثيلاتهن من النساء والأطفال، مثل العنف الأسري، والتعليم، والرعاية الصحية، وهو ما يسهم في بناء مجتمع أكثر عدلاً.

ولا يغيب عن اذهاننا الدور الذي يقوم به هذا المفهوم في مقاومة الاحتلال وخاصه ضمن الوضع الحالي للسياق الفلسطيني، حيث تمثل النساء جزءًا أساسيًا في مواجهة التحديات التي يفرضها الاحتلال، بما في ذلك الدعم المجتمعي، والضغط السياسي، ومبادرات المجتمع المدني.
 

 "ريادة مسؤولة: منفعتي ومنفعة مجتمعي"

تندرج الريادة المجتمعية ضمن الاقتصاد التضامني الاجتماعي، حيث تتيح للنساء فرصًا اقتصادية جديدة سواء من خلال المشاريع الصغيرة أو التعاونيات، وتتيح الخياران ضمن ما يتم طرحه وتبنية. 

مع التأكيد على ان توفر الدعم المالي والتقني للنساء الرياديات في المجتمعات المحلية، ضمن الخياران المتاحان يعزز قيادة النساء لمشاريعهن وتحسين الوضع الاقتصادي للمرأة وأسرها، وفي رفع مستوى معيشة الأسر بشكل عام.

" الريادة في ظل التحديات الجندرية والاقتصادية في فلسطين"
قلة الفرص في مجالات القيادة المجتمعية والقبول المجتمعي هي من أول التحديات التي قد ترى أن دور المرأة لا يتعدى الأدوار التقليدية في المنزل، وصعوبة الوصول إلى التمويل والحصول علية، والدعم الفني لمشاريعهن الريادية، بسبب غياب البنية التحتية المناسبة والدعم الحكومي الكافي، كما أن القيود المفروضة بسبب الاحتلال الإسرائيلي تساهم في صعوبة تنفيذ مشاريعهن على الأرض.

"من التمكين إلى التأثير: ريادة مجتمعية نسوية"

تمكين المرأة الفلسطينية ضمن مسار الريادة المجتمعية، وسيلة فعالة لما تواجه من تحديات بسبب الأدوار التقليدية التي تُلقى على عاتقها. وتُظهر العديد من المبادرات النسائية في فلسطين كيف يمكن للمرأة أن تكون قائدًا حقيقيًا في مجتمعاتها من خلال مشاريع اجتماعية واقتصادية تلبي احتياجات المجتمع المحلي. 
لذلك من المهم أن يتم تفعيل برامج تدريبية وداعمة تساعد النساء على اكتساب المهارات اللازمة لتخطي هذه التحديات وتحقيق النجاح من خلال المشاريع المجتمعية، التي تمكن النساء من تحسين الوضع المعيشي، والتعليم، والصحة، والمشاركة في عملية التغيير السياسي والاجتماعي. ومقاومة الهياكل الاجتماعية السائدة التي تحد من فرصهن، وتعزيز موقعهن في صنع القرار على المستويات كافة.

"الريادة مش بس فكرة ومشروع... هي مسؤولية مجتمعية"

 مشروعات المرأة الفلسطينية في الريادة المجتمعية تتنوع بين محاربة العنف الأسري، وتعليم النساء والشباب المهارات اللازمة للانخراط في سوق العمل، والمبادرات الصحية التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة. بالإضافة إلى ذلك، العديد من النساء الرياديات يقمن بتأسيس مشاريع صغيرة تعود بالنفع على المجتمع، مثل التعاونيات الزراعية أو الصناعية، مما يعزز من الاستقلال الاقتصادي للنساء في المجتمع الفلسطيني.

وعلينا كل في مجاله توفير بيئة داعمة للنساء الرياديات بما يشمل توفير التدريب المناسب، الوصول إلى التمويل، بالإضافة إلى تقديم الدعم الفني والمشورة لضمان نجاح هذه المشاريع.
وطرح حملات توعية تهدف إلى تغيير الصورة النمطية للمرأة في المجتمع الفلسطيني، وإبراز دورها الفعّال في تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية. والتعاون ضمن جميع الأطراف ذات العلاقة تتعاون لتوفير المنصات التي تساعد النساء على تطوير مهاراتهن وإطلاق مشاريعهن الخاصة.

فالتركيز على الريادة المجتمعية من منظور النوع الاجتماعي، يمكن تحقيق نهضة اجتماعية واقتصادية تشمل كافة أفراد المجتمع الفلسطيني، وتزيد من مشاركة النساء في بناء مجتمع عادل ومنصف
 
مش بس مصدر دخل… ريادة النساء في فلسطين ...أداة تضامن وتغيير حقيقي

ختامًا الريادة المجتمعية من منظور النوع الاجتماعي هي خطوة هامة نحو تحقيق العدالة والمساواة بين الجنسين في فلسطين ونحو تمكين المرأة وتوفير الدعم اللازم لها، والمساهمة بتعزيز ادوار النساء وتمكينها لتكون محورا هاما في تغيير المجتمع الفلسطيني إلى مجتمع أكثر استدامة وتطورًا.

نعم إنها عملية طويلة تحتاج إلى تعاون وتضامن من كافة الأطراف، ولكنها بلا شك ستثمر عن مجتمع أكثر شمولًا وعدلاً.