
ما لا ترصده الكاميرات .. شهادة حية عن حياة أهل غزة!
صدى نيوز - كل من عرفه من الصحفيين وخاصةً القدامى، كان يعرف فتحي صباح، المراسل والصحفي المخضرم الذي كان ينبض في كل حين بالحياة، رغم ما أصابه وأفراد عائلته من مرض وغيره لسنوات.
لكن ما كتبه صباح، هو مجرد شيء بسيط من معاناة لا تجسدها ولا تلتقطها عدسات الكاميرات بمعناها الحقيقي والمأساوي الكارثي.
نرصد لكم في "صدى نيوز"، ما كتبه صباح، تحت عنوان: "خيمة الموت البطيء".
يقول صباح بكلمات حملت في طياتها العامية التي لا تكاد تخلو من طباع الفلسطيني: صارلنا أكثر من 5 شهور ما أكلنا لحمة حمراء ولا دجاج ولا بيص ولا ألبان ولا أسماك ولا فاكهة ولا خضار (باستثناء قليل جدًا من الخضار)، ولا أجبان باستثناء صنف أو صنفين دخلوا قبل أيام قليلة.
ومع ارتفاع درجة الحرارة إلى 34 مئوية (كأنها 41 مئوية حسب تطبيق الطقس)، ومؤشر الرطوبة إلى حوالي 60%، بتشعر وأنت في الخيمة إنك بتموت ببطء وأن روحك بتطلع من جسدك بالتصوير البطيء، وإنه جسمك صار منهك ومنهار ومش قادر تعمل أي شيء، مع إنه مطلوب منك أن تولع النار للفطور والغداء، رحمةً ورفقًا بزوجتك، اللي مش قادرة، على القعدة قدام النار اللي بتشبه نار جهنم، بعد الغسيل والجلي والتنظيف وعجن العجين وخبزه وغيرها من المهمات المستحيلة.
يضيف بغصة يشعر بكل غزاوي: بتشعر عظامك صارت ضعيفة وهشة وصوت طقطقة مفاصلك زي صوت رزات أو صيار (مفاصل) أبواب الخشب القديمة، وانك معندكش رغبة بإنك تعمل أي شيء، حتى الكلام مش قادر تحكيه، وبتشعر إنك مخنوق وعندك ضيق في التنفس، بتروح بتولع سيجارة من النوع المعفن فبتشعر انك انخنقت أكثر، بتطلب من ابنك يروح يشتري طعام واغراض للبيت بحكيلك فش سيولة (كاش) وعمولة تسييل المصاري صارت 35% (كانت خلال فترات سابقة 50%)، فبتشعر بالنكد والقرف والاحباط من أن يتغير أي شيء أو تصير هدنة أو تقف الحرب.
يتابع: في الليل بتقعد في الشارع مع جيرانك بتلاقيهم بشكوا همّهم لبعض وإلك، وأنت أصلاً مش عارف لمين تشكي همومك، وكل شوية واحد بحكي لمعت (الضوء المنبعث عند اسقاط الطائرات الصواريخ الفتّاكة)، وبعدها بتسمع صوت انفجار ضخم جدًا في خان يونس أو رفح.
يواصل: بتقرر في نص الليل تروح تنام بتلاقي الخيمة القماش بتشع سخونة كأنها مصنوعة من حديد وحاطينها على كانون النار، فبترجع على الشارع يمكن تصادف نسمة هوا تبّرد عليك فما بتلاقيها، فبتسأل حالك معقول فيروز طول الوقت كانت بتضحك علينا وبتغنيلنا نسّم علينا الهوا وهو أصلا فش هوا رغم انه احنا قريبين من البحر.
يتابع بقلب غصه الوجع والألم مثل أي غزاوي: وبتلاقي واحد بشكي لله إنه يرحمنا من هالعذاب وواحد ثاني بحكيله تتعذب في الدنيا أحسن من إنك تتعذب بكرا (يوم القيامة) وييجيك ثعبان أقرع في القبر يضربك ينزلك 70 ذراع، وبتلاقي واحد ثالث حكاله ربنا مش حيعذبنا يوم القيامة لأنه شاف قديش تعذبنا خلال هالحرب وقبل الحرب سنين طويلة.
يواصل: بتتركهم وبترجع عالخيمة بتلاقيها لسه مولعة وبتبخ حرارة، بترمي حالك عالفرشة بتلاقيها سخنة وطبعا فش كهربا ولا مروحة اللي تساعدك انك تنام، وبتضل تتقلب عالفرشة كأنك سيخ لحمة أو دجاج بتنشوى عالنار، فبتتذكر انك ما أكلتش لحمة من 5 شهور، وبدل ما يدخلوا لحمة ودجاج بتحس حالك صرت جاجة مشوية على نار شهر أغسطس آب اللهّاب.
وقال: بترجع بتتذكر ايش كتبوا كثير من الفلسطينيين والعرب على فيسبوك والسوشيال ميديا عن صمودك الأسطوري وإنك جبل قادر تتحمل حرب لخمس سنين أو خمسين سنة، وبتسمعهم بمدحوك وبتغنوا في صبرك وقدرتك على التحمل، فبتضحك بينك وبين نفسك وبتقول: والله مانا قادر أرد على على كلامكم ولا قادر أتحمل استمرار الحرب لخمس دقايق. وبعدين بتلاقي حالك نمت من كثر التعب والانهاك وبتصحى بعد ساعة أو ساعتين بتلاقى حالك مولع نار وغرقان في عرقك، وبتتذكر إنه الكل تركك من أول الحرب تدبر حالك من حالك وإنك اللي كتبوا على الفيسبوك الآن نايمين في فراشهم الناعم تحت المكيف وعندهم كهربا ومية وأكل وشرب ومصاري، فبتشعر بالقهر وبتنخمد وبتنام غصب عنك.

نتنياهو يجاهر برؤية إسرائيل الكبرى: "مهمة تاريخية" تمتد إلى أراضٍ فلسطينية وعربية

نتنياهو يلوح مجددا بتهجير الفلسطينيين.. جنوب السودان وجهة مقترحة

مجدلاني ينصح حليلة: لا تضع نفسك في صف ياسر أبو شباب ومن تصنعهم إسرائيل وأميركا

تقرير: خطوة سرية لتعيين "سمير حليلة" حاكماً لغزة

السفير الأمريكي لدى إسرائيل يروّج لرواية الاحتلال بشأن "أنس الشريف"

في ذروة موجة الحر.. مصلحة المياه تعلن توقف ضخ المياه إلى محافظة رام الله والبيرة

مصادر لصدى نيوز: إقالة رئيسي بلديتي ترقوميا وبيت أمر بسبب سوء إدارة أزمة المياه
