حماس وزيارة المغرب: ما الذي يريده إسماعيل هنية؟
رئيس التحرير

حماس وزيارة المغرب: ما الذي يريده إسماعيل هنية؟

كتب رئيس التحرير: بعد أشهر من توقيع اتفاق التطبيع بين المغرب ودولة الاحتلال، وبعد أسابيع من انتهاء الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، يطير إسماعيل هنية من الدوحة إلى الرباط في زيارة لاقت استهجاناً كبيراً من رافضي التطبيع، وتساؤلات عديدة من الناس في غزة وخارجها، فما الذي يريده إسماعيل هنية من وضع يده في يد المطبعين؟

من الطبيعي جداً أن تستثمر حركات التحرر الوطني إنجازاتها العسكرية لتحقيق مكاسب سياسية، ليس عيباً ولا حراماً في المعاجم السياسية، لكن الغريب في ما يقوم به رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية هو أن يقوم بزيارة لدولة طبعت مع الاحتلال الإسرائيلي على حساب القضية الفلسطينية وأن يكيل آيات المدح والثناء للنظام الحاكم هناك، وكأن محمد السادس هو الخليفة وفاتح ديار المسلمين، ومحرر قطاع غزة!

المقاومة والسياسة نهران يعزز كل منها الاخر ليلتقيا في مجرى واحد بحيث يصبح كل منها أقوى وأكثر غزارة ليصب في بحر الثورة والتحرير والاستقلال وإقامة الدولة، وقبلهما عزل كل القوى الرجعية العربية المتناغمة مع الاحتلال الاسرائيلي وتعزيز العلاقات مع الدول والشعوب التي تدعم و وقفت بقوة خلف الثورة والمقاومة.

ماذا سيقول الشعب المغربي الرافض لتطبيع نظامه السياسي اليوم عندما يرى رئيس حركة حماس والتي تتفاخر أنها عمود محور المقاومة يقف مع حكومة تهنئ وتطبع مع الاحتلال الاسرائيلي؟ هل سيكونون ملكيين اكثر من الملك؟!؟ واذا كان هنية غير غاضب من سلوك المغرب هل مطلوب من المواطن المغربي ان يغضب؟!

هل يسعى هنية بهذه الزيارة لتحقيق مكسب سياسي على حساب السلطة الوطنية؟ وهل هذه الحرب ضد  إسرائيل أم ضد السلطة؟ حيث رافق ذلك في حوار القاهرة قول قيادات حماس للسلطة الوطنية وجميع الفصائل ان التعامل مع حماس قبل الحرب يختلف عنه بعد الحرب، ولكن في المقابل هل هذه الزيارة مكسب جماهيري فلسطيني وعربي واسلامي ام مخسر لهؤلاء الذين اعتقدوا ان مرحلة جديدة للثورة انطلقت؟ 

قد يكون هناك تفسير وحيد من قبل حماس لزيارة المغرب، وهي أن هنية ذهب إلى الرباط ليعزز قوة حزب العدالة والتنمية الإخواني!

الواضح ان هنية ينافس السلطة الوطنية سياسياً، فلا مانع عنده من زيارة الإمارات  والبحرين وعُمان والسودان رغم تطبيعهم مع دولة الاجرام والاحتلال الاسرائيلي، في مقابل ان يخدم ذلك في سيطرة حماس على العنوان السياسي للشعب الفلسطيني، فهل سيستمر انتقاد السلطة الوطنية على علاقاتها في تلك الدول كما تفعل حماس ليل نهار ام سنسمع من "محور المقاومة" ان الضرورات تبيح المحظورات؟

الشارع تعاطف مع مقاومة انتصرت للقدس نفذت خلال 11 يوما نقلة نوعية باطلاق صواريخ وصلت معظم المدن داخل فلسطين، وآمن ان هذه المقاومة ستنفذ شعاراتها بالاستمرار على هذه الاهداف لكن ممارسة حماس خلال هذه الايام جعلت الشارع يقف مطولا امام تلك الشعارات سواء هذه الزيارة غير المفهومة او حتى شعارات "ان عدتم عدنا" فهذه اسرائيل تقصف غزة وتستمر باقتحام الأقصى وبمصادرة بيوت أهالي الشيخ جراح بل وزادت على ذلك في بطن الهوى في سلوان وقامت بمسيرة الأعلام في ذكرى احتلال القدس دون ان نرى أي رد من حماس فقد عادوا في عدوانهم ولم نعاود في مقاومتنا.

المقبول من اي تحرك سياسي أولاً ان يكون منسجماً مع روح المقاومة والمعركة الاخيرة ودماء الشهداء، فلا يعقل أن لا نرى في أجندات الجميع ومنهم هنية جولات تفضح إعدام عائلات فلسطينية كاملة في غزة وإعدام 67 طفلاً وقتل النساء والشيوخ وهدم الأبراج والبيوت.

وأخيراً، لا يهم إن كانت حماس في زيارتها للمغرب أو غيرها من الدول العربية والانظمة الخيانية التي طبعت علاقاتها مع دولة الاحتلال تسعى لحضور دولي وقطف ثمار الحرب الأخيرة أو إضعاف دور السلطة الوطنية ومنظمة التحرير عربيا ودوليا، فهذا آخر الهموم، حيث ان حماس وفتح هم من أوصلوا شعبنا وقضيتنا لهذه المرحلة، ولكن من غير المقبول نهائيا وتعتبر خيانة وطنية أن تقوم بزيارة دولة مطبعة مع الاحتلال بعد حرب أكلت الأخضر واليابس! فزيارة النظام السياسي في الرباط بعد التطبيع لا تختلف أبداً عن زيارة تل أبيب!