القدس..  نتنياهو يريد حريقاً هائلاً والفلسطينيون نفضوا أيديهم من العرب
رئيس التحرير

القدس..  نتنياهو يريد حريقاً هائلاً والفلسطينيون نفضوا أيديهم من العرب

كتب رئيس تحرير صدى نيوز: على بعد مئات الأمتار من الحرم القدسي، يسكُن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء دولة الاحتلال الذي يسعى بكل السبل للهروب من قضايا الفساد التي تلاحقه، ولو من خلال إشعال النار في القدس وحتى في أي كنيس يهودي، فغايته من سياساتها الاستيطانية والعنصرية ليس نصرة اليهودية، وإنما نصرة نفسه، وتثبيت دعائم حكمه، وهو الذي حكم الأرقام القياسية في عدد السنوات التي قضاها رئيس لوزراء إسرائيل!

لن يتسع هذا المقال لإثبات أن المشروع الصهيوني برُمته لم يكن دينياً أصلاً، وإنما غُلف بالدين لاستثارة عواطف اليهود حول العالم.

ظلت القدس لقرون ماضية، وحتى اليوم بؤرة ومركزاً للصراع بين المُحتل، والواقعين تحت الاحتلال، فكان آخر المحتلين العصابات الصهيونية، والذين اتخذوا من المدينة المقدسة ملاذاً ومحطة لجمع يهود العالم، لاستعادة الهيكل وأمجاده وبعثه من جديد على أنقاض الأقصى.

منذ أسابيع تشهد المدينة المقدسة ضغوطات إسرائيلية هائلة، ومخططات كبرى لتصفية الوجود الفلسطيني المتمثل بالتطهير العرقي الحاصل حالياً في الشيخ جراح، ويسعى نتيناهو في ظل هذا التصعيد الخطير لتثبيت نفسه والبقاء على كرسي رئيس الوزراء، وهو الذي لم يتردد في استغلال حادثة التدافع التي حصلت خلال حفل ديني يهودي لتحقيق مصالح حزبية وشخصية، بمعنى أن هذا الرجل لن يتردد في حرق المسلمين واليهود والمسيحيين ليظل ممسكاً بزمام الأمور في إسرائيل، وليهرب من السجن إن أدين في رزمة القضايا المرفوعة ضده. كذلك فقد استغل صفقة القرن التي فصلها ترامب لترسيخ حكم نتنياهو في المقام الأول، ولتكون دعاية انتخابية مجانياً لهذا الرجل.

بعد تولي جو بايدن الرئاسة في الولايات المتحدة، خاف نتنياهو من إشارات التقارب المحتمل بين السلطة الفلسطينية والبيت الأبيض، وهو اليوم يحاول يائساً أن يشعل الأوضاع في القدس لتمتد النيران إلى بقية محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة، وليضع الفلسطينيين في الزاوية مصوراً إياهم كالعادة كإرهابيين، لكن ربما لن تجدي هذه "الأفلام" أمام العالم في الوقت الحالي.

بعيداً عن منزل نتنياهو، العدو الذي لا يختلف فلسطينيان على أنه الشيطان بثوب آدمي، يقف الفلسطينيون حيرى أمام صمت الموتى في الدول العربية، سواء الشارع أو الأنظمة، والتي أصدرت بعضها "على خجل" بيانات إدانة واكتفت بها تعبيرا عما يجري في القدس!

"الله يرحم" أيام قطع إمداد أوروبا وأمريكا بالنفط، ففي زمن التطبيع العربي صار السباق يتجه إلى تل أبيب بعد أن كان يتجه إلى قبلة المسلمين الأولى!

يبدو أن الفلسطينيين وقيادتهم نفضت يدها من العرب وقرأت على قبورهم الفاتحة، وهذا ما يُمكن أن يُستشف من توجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى مجلس الأمن قبل أن يتجه إلى جامعة الدول العربية، ليطلب منه اجتماعا عاجلاً لبحث ما يجري في القدس. 

هذه الخطوة الفلسطينية تعنى أن العرب لم يعودوا كما في السابق ظهراً يُستند عليه، بل باتوا يشكلون خطراً حقيقياً على القضية الفلسطينية بعد موجة التطبيع التي سقطت فيها 4 دول، في حين تظل دول أخرى في طابور الانتظار.

لكن، لماذا نوجه لوماً قاسياً للعرب؟ "أتأمرون الناس بالبرِّ وتنسون أنفسكم"؟ فعلى صعيد الشارع الفلسطيني، ما الخطوات التي اتخذت للرد على ما يحدث في القدس؟ الجواب: بشكل عام لا شيء!

رد فعل الشارع الفلسطيني وفصائله ومحافظاته ضعيف جدا ولا يرتقي لمستوى الحدث وحجم الجرائم التي يرتكبها الاحتلال فلم نسمع دعوات من الفصائل او الاتحادات والنقابات داخل فلسطين للتضامن والتفاعل مع ما يحدث بالقدس باستثناء تهديدات محمد ضيف وبعض المسيرات في الضفة وغزة و مخيمات لبنان  ولكنها أيضا ضعيفة وقليلة العدد.

نتنياهو لم يترك مجالاً للتهدئة بل يصعد الأمور، هو يريد حريقاً هائلة يرمي فيه ملفات فساده، فما حدث في ساحات الأقصى حرب حقيقية وقمع تجاوز المحرمات حيث كان الاعتداء على المصلين أثناء صلاتهم وداخل المسجد الاقصى، وخسر شباب عيونهم وتعرضت مسنات ومرابطات للاعتداء والإصابة، واقتحمت العيادات بلا رحمة!

الشرارة أشعلت، والوقود متوفر وبكثرة، فإلى أين ستصل الأمور؟ 

تحت الرماد ما لا يُمكن توقعه، وفيما جرى بعمليتي زعترة وحاجز سالم الاحتلالي إشارات للداخل والخارج أن القدس ألف خطٍّ أحمر، وأن نتنياهو الذي يلعب بالنار سيحرق أصابعه وثيابه