شباب القدس يقترعون بالحجارة ويصوتون للقبلة الأولى!
رئيس التحرير

شباب القدس يقترعون بالحجارة ويصوتون للقبلة الأولى!

كتب رئيس التحرير: لا صوت يعلو فوق صوت شباب القدس، لقد أسكتوا كل أصوات الردح والتشكيك والتآمر والشعارات الجوفاء، فكانت كلمتهم هي العليا في الشارع الفلسطيني، لا الفصائل ولا القيادات، ليؤكدوا أنهم ينتخبون القدس وأنهم يصوّتون لها بالحجارة والصدور العارية أمام رصاص وقمع وإرهاب قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين.

اجتاز شباب القدس بتحركاتهم العفوية لحماية قبلة المسلمين الأولى من بلطجة وإرهاب المستوطنين كل برامج الأحزاب الفلسطينية، فهم يعملون بأيديهم، لا بأفواههم، وقد استطاعوا في ليالٍ معدودة أن يُرجعوا بوصلة الشارع الفلسطيني إلى مكانها الصحيح، واستطعوا بساعات أن يوحدوا المدن الفلسطينية من رفح وحتى جنين، في وقت لم تستطع فيه أكبر الأحزاب أن تجمع أكثر من 100 شخص لنصر القدس أو الأسرى أو ما إلى ذلك.

يبدو أن أهل القدس فهموا المعادلة الحالية للانتخابات الفلسطينية، فاستبقوها بالإعلان عن أنهم هم حماة المدينة المقدسة، وأنهم ما داموا فيها فلا خوف على القدس، لا من صفقة قرن، ولا اتفاقات التطبيع المخزية، لا خوف على القدس ما دام أهلها فيها.

كان يجدر بالفصائل الفلسطينية التي تنادي (لا انتخابات دون القدس) وهو شعار محق، أن تعمل على نصرة القدس ودعم أهلها، لا أن يكونا شعاراً يُردد على الأفواه دون أي عمل على أرض الواقع، فما الذي فعلته الفصائل لنصر القدس وتثبيت أهلها فيها؟ أم أن القدس لا يُفطن لها إلا وقت الانتخابات؟ القدس ليست ورقة انتخابية، ليست ورقة رهان، هي الأصل والكلُّ والأول والآخر.

لا انتخابات دون القدس معناها أن تُسخر كل الإمكانيات لدعم المدينة المقدسة، وأن تكون جميع البرامج الانتخابية تصب أولاً في صالح المدينة وأهلها.

لا انتخابات دون القدس يعني أن يُفتح الاشتباك السياسي والمقاومة الشعبية والاقتصادي مع الاحتلال حتى تُجرى الانتخابات فيها، لا أن نعلن أن لا انتخابات دون العاصمة وأسواقنا مليئة بمنتجات الاحتلال ومستوطناته.

لا انتخابات دون القدس يعني أن لا تكون المدينة بازاراً موسمياً يُفتتح متى شاءت الفصائل ويُغلق متى شاءت!

تؤكد جميع الأحزاب والفصائل الفلسطينية على محورية وأهمية القدس، لكن ما هي آليات عملها لتظل القدس محوراً؟

باتت القدس التي هي نقطة جذب للكل الفلسطيني نقطة خلاف ومزاودات من الفصائل على بعضها، حتى جاء شباب القدس وقالوا إن الكلمة الأولى والأخيرة لهم وحدهم.

رغم عجز الطروحات وآليات التعامل مع ملف القدس كمعركة جامعة وشاملة ونقطة اشتباك مع الاحتلال إلا أن الأمر لم يكن متوقعاً أن يصل إلى حد رفع شعار "لا قدس دون انتخابات" فهل هذا طرح مقبول؟ وهل الانتخابات سواء عام 1996 أو 2006 أو هذه الانتخابات من ستصنع القدس وتعطيها شرعيتها أم العكس؟!

مثل هذا الشعار الذي رفعه أحد المترشحين للانتخابات يحتاج للتوقف عنده طويلاً، فهو ليس عفوياً، هو شعار كارثي ويحمل ما يحمله من معانٍ ودلالات خطيرة.

الانتخابات رغم ضرورتها واستحقاقها الذي مضى عليه 15 عامت الا ان دور المجلس التشريعي محدود، وقد يكون أحد عوامل تصليب جبهة الدفاع عن القدس ولكنه لن يؤثر بالمطلق على عملية النضال المتواصل لتحرير القدس بوسائل متعددة ومشروعة، والانتخابات هي إحدى تجليات الانتصار وتأتي بعد التحرير غالبا، والفصائل والأحزاب واجب ان تبقي القدس أحد أهم النقاط في برامجها السياسية في ظل وجود مجلس تشريعي او عدمه.

من البديهي أن نقول إن تأجيل أو حتى إلغاء الانتخابات بسب عجزنا عن خلق بدائل ومعارك واشتباك ميداني لإشراك أهلنا في القدس أمر يجب أن يكون محل إجماع الكل الفلسطيني وقوائمه وأحزابه ونقاباته واتحاداته بشرط أن يكون هذا العجز نتيجة لواقع بعد إشراك كل الأطراف الفاعلة دون تفرد من جهة معينة واستخدامها بشكل غير مبرر لتأجيل الانتخابات.، إن قرار تأجيل أو إلغاء أو الاستمرار في الانتخابات هو قرار الكل الفلسطيني بمواطنيه ونقاباته وأحزابه.

ملف القدس يجب أن يكون نقطة اشتباك بين شعبنا والاحتلال ونطرح بدائل لتنفيذه منها وضع الصناديق في المسجد الأقصى والمدارس ونجعل مركز الاقتراع مكان اشتباك أمام كاميرات العالم، لتكون إسرائيل هي من منعت عملية ديمقراطية للشعب الفلسطيني.

بعد كل هذا الطرح، واجبنا ان ندرك أن الانتخابات رغم طرح البعض إنهاء وسيلة لانهاء الانقسام قد تكون فتيل لاشتباكات داخلية وتعزيز الانقسام بل واشعاله من جديد.