هل سيكون انقسام فتح خيراً لها؟ 
رئيس التحرير

هل سيكون انقسام فتح خيراً لها؟ 

كتب رئيس التحرير: الحاصِلُ داخل فتح حالياً تماماً كولد هجر بيت أمه ليبني آخر لأن بيت الأم بات قديماً مُتهالكاً، هناك لا وصف للولد غير أنه "عاق"، فإصلاح بيت الأم لا يكون بهجرانه والانفصال عنه، بل يكون من داخله فقط، وله فقط.

يصف العدو قبل الصديق حركة فتح بالعمود الفقري للشعب الفلسطيني، وقوة فتح قوة لكل فلسطيني وضعفها لا يبشر بالخير لمستقبل القضية الفلسطينية، فتح ذهبت باتجاه الانتخابات وفق رؤية ان هذه آخر الطرق لوئد الانقسام وتوحيد الجهود نحو مواجهة التغول الاسرائيلي الامريكي والتآمر العربي لتصفية القضية الفلسطينية.

القوائم الانتخابية التي تم تقديمها للجنة الانتخابات المركزية وصلت لـ 36 قائمة، الواضح فيها ان هناك ثلاث قوائم شكلتها كوادر حركة فتح ناهيك عن مشاركة كوادر كثيرة في قوائم مختلفة وهذا فيه العديد من المؤشرات السلبية والايجابية اهمها ان هناك عدد كبير لديه رغبة نحو تغيير الواقع الصعب للحالة الفلسطينية ولكن هناك اختلافات وتباينات بين تلك المجموعات والتي عبرت عن ذلك بتلك القوائم، ونستشف منها الايمان بأن صندوق الانتخابات والديمقراطية الوسيلة الوحيدة للتغيير المطلوب. 

فتح التي قررت خوض الانتخابات ظهرت انها الوحيدة غير المستعدة لخيار الانتخابات من خلال انشقاقات وخلافات ظهرت بتعدد القوائم ورفض الأقاليم الرسمية لآلية تشكيل القوائم بحيث ظهرت مظاهر احتجاج من رفح حتى جنين.

اللجنة المركزية قررت عدة قرارات متسرعة بنظر الكثيرين، منها عدم اشراك الاطر التنظيمية جميعها بالترشح للانتخابات سواء اللجنة المركزية او المجلس الثوري او اعضاء الاقاليم والوزراء واعضاء التشريعي السابقين والمحافظين بحيث قال امين سرها جبريل الرجوب انه يستغرب من عضو لجنة مركزية يقبل الترشح لعضوية التشريعي، وتساءل: ألا يوجد شبيه لهم خارج الاطر "مقطوع وصفهم"، وقال: لن نقبل وجوه كالحة ضمن قائمة فتح وسوف نعطي مجالا للوجوه الجديدة والشابة ومن ليس لديهم مهام وظيفية او تنظيمية، وظهرت القائمة الرسمية المعتمدة وفيها خمس اعضاء مركزية و وزراء ومن لديهم مهام وظيفية وتنظيمية مما اشعل الشارع الفتحاوي والشعبي ايضا الذي لاقى ارتياحا من تصريحات الرئيس السابقة بنفس المضمون، وكل هذا سوف ينعكس على آراء المصوتين و صورة حركة فتح لدى الجمهور.

أغلب الفتحاويين هضموا طرد دحلان ولم يتفاعل مع تشكيله للتيار الاصلاحي وغضب من سرعة اتخاذ قرار فصل ناصر القدوة لكن اصبح وضع فتح مقلق بعد دخول مروان البرغوثي وعدد من اعضاء المجلس الثوري والقيادات الوازنة حلبة الخلافات الداخلية للحركة وتشكيلهم للقوائم المنفصلة عن القائمة الرسمية مما يهدد بشكل لا يقبل التأويل لحركة فتح وامكانية حصولها على الصدارة في الانتخابات التشريعية مما يهدد خسارتها للسلطة وتسليمها لاخرين ممن قوائمهم منظمة.

هذا التخبط وتفكيك الحركة واقرار قائمتها وفق مخالفة تنظيمية صارخة بعدم تصديق المجلس الثوري لها وعدم حصولها على رضى القاعدة وخسارة عضوين من اعضاء اللجنة المركزية التاريخين والوازنين ناصر القدوة و مروان البرغوثي وكذلك قادة تاريخين امضوا سنوات عمرهم في سجون الاحتلال ضمن صفوف فتح مثل فخري البرغوثي وجمال حويل وغيرهم تجعل المراقبين يتساءلون حول من يتحمل سبب ذلك؟ هل قيادة الحركة ولجنتها المركزية وضعف المجلس الثوري وصمته ام برنامج الحركة السياسي والاجتماعي والاقتصادي؟ ام فقط آليات تشكيل القوائم؟ كلها اسئلة برسم الاجابة للمعنين.

لا شك ان وجود 36 قائمة ومئات المرشحين فيه رسالة لعطش الشارع للمشاركة في العملية الديمقراطية والتي مضى عليها 16 عاما، وهناك اجيال كبُرت ترغب في المشاركة في اختيار قياداتها وتجاوز ما تعرضت له من مصاعب وتفشي البطالة والفقر والحصار وضعف فعالية البرامج الصحية والتعليمية وعدم الاهتمام في القطاعات الزراعية والثقافية وغياب حرية الرأي والتعبير واقرار القوانين المجحفة في ظل غياب المجلس التشريعي كلها عوامل جعلت هذا الكم يُقبل على الترشح لصنع التغير  المطلوب.

لا شك ان وجود عدة قوائم لفتح قد يكون منقذا لوضعها الصعب وتلتقي هذه القوائم تحت قبة البرلمان وتستقطب آلاف الاصوات "الحردانة" بدلا من ذهابها باتجاه قوائم اخرى غير فتحاوية وفي تعدد القوائم ايجابية حصول التيار الوطني على عدد من المقاعد كأغلبية مقابل الحركات الاسلامية وجميعها تؤمن بمنظمة التحرير كممثل و وحيد للشعب الفلسطيني بحيث لم يعُد التنافس بين فتح والحركات الاسلامية بل بين كل التيار الوطني والحركات الاسلامية.

بغض النظر عن احتمالية تأجيل الانتخابات وفق تصريحات متعددة بسبب عدم مشاركة ابناء القدس في هذه الانتخابات بقرار اسرائيلي او انتشار فايروس كورونا او عدم وصول المراقبين الدوليين او حتى الطعن بقانون الانتخابات الا ان هذا الحراك اسس لما بعده، فهل ستستفيد فتح من ما حصل ام يستمر الانهيار وبالتالي تعرض المشروع الوطني للخطر ويحدث لفتح صاحبة الرصاصة الاولى وأول الحجارة وأول الشهداء وأول الاسرى وأول الجرحى وأول الدولة كما حصل بحزب العمل الاسرائيلي لا تتجاوز مقاعدها ستة مقاعد وينتقل المشروع لايدٍ مجهولة تجعل مصير الشعب ايضا مجهول المصير.

الملاحظ ان فتح بوضعها الحالي ستكون الخاسر الاكبر، وعليها جمع اُطرها وكوادرها وتجميع طاقاتها لتجاوز هذا الخيار والطريق الاجباري وفق ضغوط الشارع والدول الداعمة للسلطة لاجراء الانتخابات واي محاولة غير مبررة للهروب منها قد تكون خسائره تساوي نفس استكماله والدخول فيه رغم ظواهر تفككها وتشرذمها المقلق لكل الحريصين على تاريخها وسبب وجودها الذي لم يستكمل بتحرير الارض واقامة دولته المستقلة، فتح حاولت انهاء الانقسام مع حماس فانقسمت على نفسها.