يا أهل غزة .. لا تلتفتوا لأصوات "التمييز والعنصرية"!
رئيس التحرير

يا أهل غزة .. لا تلتفتوا لأصوات "التمييز والعنصرية"!

كتب رئيس التحرير: غضبُ الغزيين على واقعهم المُر والمظلم كبير، ألمهم وجوعهم وحصارهم لا يحتمله آدمي، إلا أن أهل القطاع أثبتوا عِظَمَ صبرهم وجَلَدِهم. 

هذا الغضب عُبِّر عنه هذه الأيام باتهامات للقيادة والحكومة بأنها تنظر بعينٍ عنصرية تجاه قطاع غزة، وأنها تعاملهم بيدِ التمييز الجغرافي.. فهل أصابَ أهل غزة؟ أم أن غضبهم "توّهَهُم"؟

غزة مخنوقة ومحاصرة؟ (نعم)
موظفوها اخترقوا خط الفقر وغرقوا به؟ (نعم)

الحكومة السابقة قاعدت الكثير منهم وفصلت بعضهم وصرفت 75٪ من الراتب للموظفين، سواء كان على رأس عمله أم لا، هؤلاء الموظفين هم نفسهم الذين التزموا بقرار قيادتهم بعدم الدوام مع حكومة حماس بعد الانقلاب، وصدر ذلك بقرار رسمي وقعه رئيس الوزراء في ذلك الوقت سلام فياض، فلماذا يدفعون الآن ثمن التزامهم؟

في غزة حُرم الموظف أيضا من ترقياته ومن الدراسة في الخارج والسفر، فالمعبر يفتح لأيام وتكون معظمها لمن له واسطة لدى حماس او متنفذين واحيانا ثُبت انها تتم بالرشوة ودفع الأموال! .. (معك مصاري تغادر النار، ما معك ستظل فيها!)

كلنا نقف مع غزة وحقوقها ونطالب برفع الظلم عنها، وليس فلسطينياً من يقول غير ذلك! 

رئيس الوزراء د. محمد اشتية صرح أن قانون التقاعد المالي غير موجود وألغي من الرئيس وأن ما تم بحق موظفي غزة من الحكومة السابقة خارج عن القانون ووعد على لسان الرئيس أن يعالج ذلك، وحتى تاريخه لم ينفَّذ شيء!

مبرر الحكومة الحصار المالي، وعدم مقدرتها على دفع الفروقات المالية المستحقة لهم، وهذا لم يلقَ القبول من موظفي غزة الذين تساءلوا: لماذا لا ينفذ الالغاء والدفع بالتساوي للموظفين في الضفة الغربية، وتُدفع المستحقات عندما ينتهي الحصار المالي والازمة المالية؟

الجميع مع غزة ومطالبها المحقة، لكن هل ما تم بحقهم عنصرية جغرافية كما قالوا؟ وهل الوزراء من غزة عنصريون أيضا ضد غزة سواء في الحكومة السابقة ام الحالية؟ هل أعضاء اللجنة المركزية من غزة عنصريون ضد غزة؟ ولماذا تُصرف رواتب كاملة لموظفين من غزة في السفارات والعاملين في رام الله!؟ وهل فعلاً وزراء الضفة متنفذون وعنصريون؟ واذا كانوا كذلك لماذا نطلب منهم رفع الظُلم؟

الغريب أن بعض من يكيلون الاتهامات قيادات حزبية! فكيف تسللت لفكرهم هذه اللغة الغريبة عن شعبنا؟ وهل دخلت أجندات حزبية على مشاكل غزة لتستخدمها سياسيا وانتخابيا؟ والأغرب من ذلك هو لماذا يصمت وزراء غزة بالحكومة على الظُلم ضد موظفي غزة وعلى هذه التُهم المستهجنة ضدهم اولاً؟

معلوم للجميع ان ما يحدث لموظفي غزة تم بسبب الإنقسام وبعد الانقلاب والسبب سياسي وصراع بين الفصائل، صراع على الُحكم والكرسي والسيطرة ولا علاقة للتمييز الجغرافي بذلك، والأصل محاكمة كل من يستخدم مصطلحات عنصرية ستترك أثر مستقبلا على وحدة الشعب.

استخدام هذه التُهم للضغط جهل بأقل تقدير وخيانة مؤكدة للمبادىء التي تربى عليها شعبنا.

موظفو غزة يحتاجون للإنصاف، وقد لا يكون هذا الوقت مناسباً بسبب الأزمات التي تواجه الحكومة من جائحة كورونا إلى حجز أموال المقاصة ووقف الدعم العربي والدولي، لكن مهمة الحكومة الإجابة على أسئلتهم،  وكذلك هذا واجب قيادات الفصائل.

معظم عائلات الموظفين لا تجد قوت أولادها، حيث يحصل موظف غزة الآن على نصف راتب الـ 75٪ او نصف النصف لمن تقاعدوا ماليا، فهل يقبل إنسان ان يحصل طبيب على رأس عمله في الحرب والسلم على نصف راتبه تحت شعار التقاعد المالي؟ أين العدل وأين الانصاف؟

حماس (تتفرج) على هذا الخلاف، وهي سببه الرئيسي، وفي نفس الوقت تحصِّل الضرائب والجمارك وبدل فواتير الكهرباء ولا يستطيع أحد أن يتهمها؟ فلماذا لا تساهم بالدفع لمن يعمل معها وتستكمل لهم رواتبهم؟

لماذا لا تصرف حماس غير رواتب عناصرها؟ أما باقي الشعب في غزة فهو بنظرها مسؤولية رام الله!

هل من يخطف الطائرة يطلب الطعام للمخطوفين؟ وهل حماس تعتبر نفسها حصلت بالانقلاب على شقة مفروشة واجب رام الله ان تصرف عليها وتوفر لها الادوية وبدل التعليم والمشاريع وتدفع بدل الكهرباء ولحماس السيادة فقط.

آن الاوان بعد الحوار والتوافق بين فتح وحماس أن يتحمل كل منهم ما عليه تجاه موظفي غزة، إما ان تتحمل حماس التي تجبي الضرائب والرسوم كامل الرواتب، او ان تُسلم ذلك للحكومة الفلسطينية لكي تدفع كامل الحقوق لموظفي قطاع غزة، ولا يجوز ان يبقى الأبرياء من أطفال ونساء غزة يدفعون ثمن الانقسام.

غزة مخنوقة وتعاني الأمرَّين، لكن تُهم مغردوها على وسائل التواصل مرفوضة، والحكومة عليها ايضا ان تمنع وزراء وقيادات حالية من التصريح بكلمات تستفز مشاعر المظلومين والمخنوقين من غزة منذ 13 عاما.

غزة كما القدس وكما جنين ومن يميز بين غزة و الخليل ليس فلسطينيا، ولأهلنا في غزة نقول: لا تجعلوا الغضب يقتل صبركم، فما بعد الضيق إلا الفرج، وهذا الوقت وهذا الظلم سيمضي بإذن الله بالتوافق والمصالحة التي ننتظرها بفارغ الصبر.