وحدهم الفلسطينيون
مقالات

وحدهم الفلسطينيون

وحدهم الفلسطينيون من دون شعوب الأرض لهم دولتان: فلسطين الشمالية في رام الله وفلسطين الجنوبية في القطاع!
ربما يكونون مستقبلاً مثل الكوريتين دولة تصنع الغسالات وأخرى تطلق أقماراً صناعية!
ولهم فلسطين ثالثة، أيضاً، تلك القديمة الكاملة القوام، والتي يسمونها التاريخية، ويخصصّونها للخراريف في دور المسنّين، ولاستخدام الشعراء!
لهم حكومتان، واحدة ليبرالية معتدلة، وأخرى تعلن أنها لن تتخلى عن راية الجهاد!
لديهم ثلاثة بحور: واحد محتل، وآخر "ميت"، وواحد في غزة جرت العادة أن يموت على شاطئه الفقراء في نزهات ساذجة، بين الحرب والحرب!
لهم أيضاً، أقصد الفلسطينيين، برلمانان: واحد يسمى "التشريعي" وآخر "الوطني"، ولهم في كل بلد سفارة ومقبرة للشهداء، ولديهم مستودع ضخم من الفصائل من كل الاتجاهات والعقائد والنظريات، ولديهم رعايا بالغو الانتماء والبكاء من مخيم شاتيلا وحتى أضيق شارع في التبت!
لديهم برنامجان للتحرير والاستقلال وبناء الدولة: واحد يدعي العقلانية والحكمة وينتهج "طولة البال" كاستراتيجية بعيدة المدى، وآخر مغرم بصناعة الصواريخ من مواسير المياه ويحلم بعكا!
..ولديهم رؤساء عديدون، كلهم قادة وحكماء، بل إن خبراتهم في القيادة جعلتهم ينشئون دولا صغيرة قبل ذلك في الفاكهاني وفي تونس ووو.... واستطاعوا أن يحكموا باقتدار وصرامة في كل الدول إلا في بلدهم!
في العام الماضي تنافس مرشحان مسيحيان على رئاسة الإكوادور، ونجح أحدهما، كلاهما من أصل فلسطيني!
لديهم أول قبلة للمسلمين، ومن عندهم خرج السيد المسيح.
يُصدّرون الورد من غزة الى هولندا، والبندورة الى أوروبا، والشعر الحر، والملوخية، والزيتون، وصارت حطّتهم السوداء رمزا للاحتجاج والحرية في كل المظاهرات من مؤيدي شافيز الى مناهضي العولمة في دافوس، إلى الناشطين في مسيرات المبايعة للرئيس عمر حسن البشير!
لديهم وزيران للداخلية ونصف الشعب معتقلون في سجون إسرائيل، ووزيران للصحة وثلاثة أرباع الشعب مرضى، وثلاثة وزراء للخارجية ولا أحد يعترف بهم كدولة كاملة السيادة!
زيّان رسميان للشرطة ولا أمن ولا أمان، خمسة أعلام للبلد ولا بلد، تلفزيونان ونشرتان جويتان وفيلمان للسهرة.. ولا بطل ينتصر في آخر الفيلم!
معبران ولا أحد يعبر، مطاران ولا عصفوراً صغيراً واحداً يستطيع أن يطير.
جهازان للمخابرات ولا أحد يعلم إن كانت ستمطر مطراً في الليلة المقبلة أم دماً و... قذائف!
لديهم من الثروات والأموال العامة والخاصة ما يكفي لطرح عطاء لإنشاء دولة من خمسة طوابق، ومن الخبراء ما يكفي لجعلها دولة عظمى ومنتجة، ومن الفاسدين ما يكفي لإفلاسها في خمسة أيام!
دخلوا كتاب غينيس بعدد الشهداء، وعدد العملاء، وعدد الأنبياء، وعدد الشعراء، وبأكبر صحن تبولة أقاموه في رام الله.. رغم الحصار الاقتصادي ورغم شُحّ البرغل والزيت!
لديهم منتخب لكرة القدم يتوزع لاعبوه في أندية أكثر من سبع دول أوروبية، ويحضرون عندما يدعوهم نداء الواجب.. الكرويّ!
لدى الفلسطينيين ما يكفي لإنشاء دولة، لديهم كل شيء، كل شيء، ربما تنقصهم فقط الإرادة ومنتخب للتنس الأرضي!

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.