هل سنُنهي أنفسنا بأيدنا وإسرائيل تتفرج؟
رئيس التحرير

هل سنُنهي أنفسنا بأيدنا وإسرائيل تتفرج؟

كتب رئيس التحرير: فقدنا كفلسطينيين الكثير الكثير من قوتنا، لم نخسر "عظمتنا" وقوتنا دفعة واحدة، فقد ذابت كقطعة السكر في كأس ماء، خروج المنظمة منكسرة من لبنان، تخلي الشقيق العربي عنا ليتركنا وحدنا على طاولة المفاوضات الأولى مع إسرائيل، الانقسام الفلسطيني، الحروب الإسرائيلية المتكررة. سُفك دمنا كثيراً على الشوارع، وديست كرامتنا مراراً.

بقي لدينا بعد كل تلك الخسائر، وبعد كل ذلك الموت والدم، حائط صد ودفاع وحيد، الحائط الأخير لمقارعة إسرائيل، بقي لدينا تماسك مجتمعي، وهو ما تحاول إسرائيل اليوم حرقه ونقضه وتدميره.

هذه الفسيفسائية الفريدة في فلسطين ظلت لسنوات تُغضب إسرائيل، فلا مسيحية أو فلسطينية أو درزية أو حتى سامرية في فلسطين، لم نسمع يوماً عن قتل مواطن على خلفية دينية، لا وجود لأبيض أفضل من أسود في بلدنا، لا وجود للعنصرية (رغم وجود ملامحها).

لم يرق هذا النسيج القوي لإسرائيل، فعملت بمساعدة جهلة وعملاء في إغراق الشارع الفلسطيني بالخلافات الحزبية والعائلية، في وقت ضعفت فيه الفصائل والوازع الديني واختفت فيه الطليعة والقدوة، ما أدخل المجتمع الفلسطيني في منعطف خطير 

بدأت إسرائيل خلال السنوات الأخيرة بتغذية "الطوش" والخلافات متعددة الأسباب داخل مناطق الـ 48 بين أبناء شعبنا مع غياب كامل لشرطة وأمن الاحتلال، لقد زودوهم بالسلاح والمخدرات، وتركوهم يأكلون لحم بعضهم وهم يتفرجون، عشرات الجرائم وقعت دون أن يكشف عن مرتكبيها، مع كل هذا الكم من المخابرات والكاميرات والتكنولوجيا!

وليس ببعيد عن أراضي الـ48، تنتشر الأسلحة "باهظة الثمن" كالأرز في المخيمات والقرى، شبان لا يملكون ثمن علبة سجائر يحملون أسلحة بـ 100 ألف شيقل، ورصاص يعادل سعره ثروة! من وضع هذا السلاح في أيديهم؟ من أدخله للمناطق الفلسطينية؟ ومن هو صاحب الغطاء الأمني والسياسي عنهم؟ وأين يختفي هذا السلاح خلال اقتحامات الاحتلال وقتلهم لأطفالنا على عتبات بيوتهم؟ إنه سلاح خصص لصدورنا .. اليد فلسطينية والمُشغل إسرائيلي!

لم تشهد فلسطين حرباً أهليه، والحمد لله حمداً كثيراً، لكن إسرائيل نجحت بتقسيم القرى والمدن والمخيمات لعائلات وعصابات وزرعت جواسيسها وعملاءها لتغذية أي خِلاف، فتجد في ظِل ضَعف التنظيمات والعائلات سقوط قتلى وجرحى بين الأهالي وأحيانا بين الأسرة الواحدة وما يتبعه ذلك من حرق للبيوت وتهجير للآمنين، إضافة إلى الخلافات غير العشائرية والتي عادة ما تكون أسبابها "تافهة". هذه الظواهر بدأت في تزايد مقلق في معظم المناطق، ولو بحثنا عن "أبو إصبع" لوجدناه إما الاحتلال بشكل مباشر، أو عملاءها.

التفكك الأسري والإجتماعي يتزايد بشكل كبير ويهدد المجتمع وينعكس بشكل كبير على العمل الوطني ووحدة الشعب ويستفيد الاحتلال من ذلك بتجنيد العملاء وخاصة من يرغب في الانتقام من أبناء جلدته.

واجب التنظيمات، العائلات، المدارس، الجامعات، العودة للتعبئة الوطنية وترسيخ القيم والاخلاق، وواجب الدولة أن تسن قوانين رادعة وقاسية بحق أصحاب الجرائم ومن يحرضون عليها، وأن تقر الدولة مناهج مدرسية تنبذ العنف وتزرع التسامح والمحبة في صدور أطفالنا وطلبتنا.

إننا نحمل بذرة فنائنا في أيدينا، فهل نزرعها لتصنع موتنا ودمارنا؟ أم نحرقها ونحرق العقلية الجاهلية التي تلذذ الإسرائيلي عليها، فاستخدمها وأتقن استخدامها لتدميرنا وتمزيق وحدتنا؟

ناقوس الخطر يدق بقوة، ما يحتم علينا البدء بشكل فوري وعلى المستوى الرسمي والشعبي بتعزيز قيم القانون بشكل يجعل القاتل وأصحاب الجرائم يفكرون ألف مرة قبل ارتكابهم لجرائمهم، ولتكون المحاكم والقانون هو الرادع وإشارة "قف" أمام انفلات العقل، وحائط صد أمام تسرب السم الإسرائيلي إلى أدمغتنا وأيدي أبنائنا!