لا تقرف أو تقرأ هذا ابو مقرف دِيَتُهُ مِنْهُ فِيهِ
مقالات

لا تقرف أو تقرأ هذا ابو مقرف دِيَتُهُ مِنْهُ فِيهِ

يُحْكى أَنَّ رَجُلاً فِي إِحْدَى الْمُدُنِّ تَمَيَّزَ بِأَحْقَرِ الْأَوْصَافِ، فَهُوَ سَرْسَرِيٌّ كَذَّابٌ وَلِصٌّ عَلَنِيٌّ، وَاشْتُهِرَ بِالاغْتِصَابِ، وَجَاهَرَ بِالْمَعَاصِي وَالدَّعَرِ الْعَلَنِيِّ، وَسُمِّيَ بِدُوعَرٍ، وَأَحَاطَ نَفْسَهُ بِالْعَاهِرَيْنِ وَالْعَاهِرَاتِ، وَسُمِّيَ بِالْمَعْوَهِرِ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى عَقَارَاتِ وَأَرَاضِيِ الْآخَرَيْنِ، وَسُمِّيَ عَقْرُوتًا، وَكَانَ شِرِّيرًا، وَسُمِّيَ تخبط شرا، وَانْتَهَكَ الْحُرْمَاتِ وَسَفَكَ الدِّمَاءَ، وَأَهَانَ الْأَنْقِياءَ، وَاسْتَعَانَ بِالْأَشْقِياءِ مِنْ مُدُنٍ أُخْرَى، وَبَاتَ كَبِيرَ الْمِنْطَقَةِ، وَسُمِّيَ شَيْخًا يُهِابُهُ الْقَاصُّ وَالدَّانِي، وَيُحِبُّهُ الْقَاسِي وَالدَّنِيءُ ، وَكَانَ جَسَدُهُ يَنْزِّ نَتَانَةً وَيَنْضِحُ قُمَامَةً. فَهُوَ فِي السُّلُوكِ أَهْوَجُ، وَفِي الْحَرَكَةِ أَفْحَجُ، وَفِي الْكَلَامِ أَعْوَجُ. وَكَانَتْ مَدِينَتُهُ الْكَبِيرَةُ كُلَّمَا ضَجَّ النَّاسُ مِنْهُ هَدَّدُوا غَيْرَهُمْ بِأَنَّهُمْ سَيَفْرِضُونَ عَلَى مَنْ يَعْتَدِي عَلَيْهِ عُقُوبَاتٍ شَدِيدَةٍ وَدِيَّةٍ بَاهِظَةٍ قَدَّرَهَا مَالٌ كَثِيرٌ، وَمُصَادَرَةُ عَقَارَاتٍ وَإِبَادَةً وَتَهْجِيرَ كُلِّ مَنْ شَارَكَ فِي الْمَسِّ بِهِ. وَأَصَابَهُ الْغُرُورُ فَطَغَى وَتَجَبَّرَ، وَصَارَ يُبَلِّلُ سِرْوَالَهُ فكان المتملقون يقولون  ان الندى يحط على الكريم الندي الراح  ، اما النَّاسُ فسموا الشَّيْخَ  بالشَّخَاخِ.      ، وَكَانَ كَرِيهَ الرَّائِحَةِ فسماه المنافقون بالفواح  وسماه الناس أَبُو ضِرْيطٍ.
وَفِي عَتَمَةٍ مِنَ اللَّيْلِ خَرَجَ رَجُلٌ يُكْرِهُ الظُّلْمَ، لَا يَعْرِفُ فِي حَيَاتِهِ سِوَى الْعُزْلَةِ وَالتَّأَمُّلِ. وَسَاءَهُ مَا حَلَّ مِنْ خَرَابٍ وَاسْتِقْوَاءٍ وَخُضُوعٍ لِذَلِكَ الشَّيْءِ الْحَقِيرِ، وَالتَقَطَ مَا أُوتِيَ لَهُ مِنْ سِلَاحٍ، فَصَارَ يَتَرَبَّصُ لَيْلًا نَهَارًا بِذَلِكَ الشَّيْءِ الشِّقِّيِّ الْمُحَصَّنِ جَيِّدًا، فَلَمْ يَجِدْ لِلنَّيْلِ مِنْهُ سَبِيلًا، وَمَلَّ مِنَ الانْتِظَارِ اياما، ثُمَّ اُطْرُقَ مُتَأَمِّلًا، وَقَالَ فِي نَفْسِهِ: إِنَّ دِيَةَ هَذَا الشَّيْءِ حِفَاظَةُ أَطْفَالٍ وَمِبْوَلَةٌ مُتَنَقِّلَةٌ، وَهِيَ مِنْهُ وَفِيهِ. فَإِنْ عَجَزْتُ عَنْهُ الآنَ قَدْ يَفْلَحُ غَيْرِي، أوَيَحُلُّ عَلَيْهِ الْغَضَبُ الإِلَهِيُّ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ، وَلَيْسَ ذَاكَ عَلَى الْخَالِقِ بِعَزِيزٍ.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.