
دعم ذكي للطلاب في الامتحانات
مع حلول الامتحانات السنوية الصيفية في فلسطين، يعيش الجميع حالة من الترقب والضغط، سواء كانوا طلابا يستعدون لاجتياز عام دراسي أو مرحلة دراسية، أو كوادر تعليمية يسعون إلى إنهاء العام الدراسي بنجاح، أو حتى الأهالي الذين يرافقون أبناءهم خلال هذه الفترة. وبينما يستعد المجتمع كله لهذه الفترة كالتوجيهي مثلا، تبرز أهمية الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته كأداة مساندة ذات قيمة علمية عالية تساعد في الاستعداد والتفاعل مع الامتحانات ومع هذه الفترة العصيبة، من خلال دعم كل مكونات االعملية التعليمية من الطلاب للمعلمين وللأهالي بوسائل مبتكرة تسهل التعلم، وتقلل التوتر، وتزيد من فرص النجاح.
بداية، نؤكد مجددا أن الذكاء الاصطناعي لم يعد من كماليات عصرنا الحديث ولا محصورا على البعض دون الاخرين، بل أصبح ممساعدا امنا لكل تفاصيل حياتنا اليومية، حتى في أصعب الظروف كحالتنا الفلسطينية، ومع التطور السريع في التكنولجيات المتطورة وتطبيقاتالذكاء الاصطناعي، بتنا نشهد أن هناك تطبيقات مجانية أو تكلفتها قليلة يمكنها أن يستفيد منها أي طالب أو معلم أو ولي أمر لتحسين مستوى التحصيل الدراسي ومتابعة الاستعداد للامتحانات.
بالنسبة للطالب، فإن الذكاء الاصطناعي يفتح له أفقا جديدا في طريقة التحضير للامتحانات مثلا، فبدلًا من اعتماد الطالب بشكل كامل على الطرق والأدوات التقليدية من الدروس والملاحظات المدونة، يمكنه الآن استخدام تطبيقات ذكية تساعده في تنظيم وقته وتحديد أولوياته ووضع برنامج دراسي له وبعض الأدوات مثلا، Notion AI أو StudyGPT، والتي تمكّن الطالب من إنشاء خطة دراسية شخصية، مبنية على الأوقات المتاحة له، وعلى المواد التي تحتاج إلى مراجعة أكبر، وعلى مستوى فهمه السابق لكل موضوع، وبهذا، ينتقل الطالب من الدراسة العشوائية إلى المذاكرة المنظمة المعتمدة على تحليل البيانات وتحديد النقاط الحرجة التي تحتاج إلى جهد إضافي.
كما أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون بمثابة المعلم المساعد الافتراضي المتاح على مدار الساعة، فإذا واجه الطالب سؤالا صعبا أو مفهوما غير واضح، يمكنه استخدام أدوات مثل ChatGPT أو Khan Academy المدعومة بالذكاء الاصطناعي للحصول على شرح مبسط وفوري، دون الحاجة إلى انتظار الدرس القادم أو البحث الطويل في الإنترنت، هذا النوع من الدعم الفوري يعزز من هدوء الطالب، ويزيد من قدرته على الفهم الذاتي، ويقلل من شعوره بالقلق في اللحظات الحرجة.
ولا تقتصر الفوائد على ذلك، بل إن بعض التطبيقات تتيح إنشاء اختبارات تدريبية تفاعلية بناء على مستوى الطالب، حيث تقوم بتحليل أخطائه واقتراح تمارين إضافية تركز على نقاط ضعفه، ومن خلال هذا الأسلوب، يصبح التدريب على الامتحانات أكثر فعالية وأقرب إلى الواقع، مما يزيد من فرص الطالب في تحقيق نتائج أفضل، ويشعره بالثقة بالنفس مع اقتراب موعد الامتحان.
المعلم، فإن الذكاء الاصطناعي يمكّنه من أداء مهامه التعليمية بشكل أكثر مرونة ودقة لاسيما في نهاية العام الدراسي، من التحديات الكبيرة التي يواجهها المعلم في نهاية العام الدراسي هي ضيق الوقت وكثرة المهام، من إعداد الامتحانات وتصحيحها، وترحيل العلامات والتقييمات إلى مساعدة الطلبة وتحفيزهم، وهنا تأتي أدوات الذكاء الاصطناعي لتخفيف العبء وتحسين جودة الأداء، فيمكن للمعلم استخدام تطبيقات مثل Eduaide أو QuestionWell لإنشاء أوراق عمل واختبارات في دقائق معدودة، دون الحاجة إلى صياغة كل سؤال يدويا، كما يمكنه توليد ملخصات دروس أو أوراق مراجعة تساعد الطلاب على الاستعداد بشكل أكثر فعالية.
إضافة إلى ذلك، تتيح بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي وأنظمتها للمعلمين متابعة أداء طلابهم بشكل أكثر دقة، من خلال تحليل البيانات، يمكن للمعلم معرفة من هم الطلاب الذين يواجهون صعوبات في مادة معينة، أو الذين انخفض مستواهم في الفترة الأخيرة، أو الذين يحتاجون إلى تدخل إضافي قبل الامتحانات، هذا النوع من التتبع والتحليل يسهم في تخصيص الدعم وتوجيه الجهد حيث يكون أكثر حاجة، مما يعزز من فعالية العملية التعليمية ككل.
ليس هذا فحسب، بل تُقدِّم أدوات الذكاء الاصطناعي حلا ثوريا في عالم التصحيح والتقييم، تخيل منصات تعليمية ذكية قادرة على تصحيح الامتحانات في ثوان، وإرسال ملاحظات مفصلة للطلاب والمعلمين، هذه التقنية لا تُخفِّف العبء عن كاهل المعلمين فحسب، بل تضمن أيضا شفافية وموضوعية عالية في النتائج (قد تحتاج لبعض المراجعات السريعة) لكنها دون تعب السهر لتصحيح الأوراق، أو تدخُّل العوامل البشرية غير المقصودة
الأمر يصبح أكثر إبهارا خلال فترات الذروة، مثل نهاية العام الدراسي، حيث تصبح السرعة والدقة ضرورة قصوى، ولكن الأهم هنا هو التوازن: فبينما يتولى الذكاء الاصطناعي المهام الروتينية، تبقى اللمسة الإنسانية للمعلم سرا صعب أن نحاكيه، فلا خوارزمية قادرة على فهم مشاعر الطالب القلق، أو تشجيعه عند تحقيق نجاح شخصي، أو إلهامه بأسلوب فريد.
أهالي الطلبة، أصحاب الدور الأساسي والمهم في توفير بيئة مريحة لابنائهم خلال فترة الامتحانات، فيمكنهم هم أيضا الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تعزيز هذا الدور، ففي كثير من الحالات، يشعر الأهل بعدم القدرة على مساعدة أبنائهم دراسيا، إما بسبب ضغط العمل، أو بسبب عدم الإلمام بالمحتوى العلمي، ولكن اليوم، يمكنهم توجيه أبنائهم لاستخدام أدوات تعليمية ذكية تقدم الشرح والمساعدة المطلوبة بطريقة مبسطة وسهلة تحت اشرافهم، وتدريب ابنائهم عليها كما يمكنهم استخدام هذه التطبيقات بأنفسهم لتتبع تقدم أبنائهم، وفهم المواد التي يواجهون فيها صعوبة، والتواصل مع المعلمين بناءا على بيانات دقيقة بدلا من التخمين أو القلق العام.
ومن المهم الإشارة إليه أيضا، يمكن أن تقلل هذه التقنيات والتطبيقات من التوتر والضغط النفسي الذي يترافق عادة مع هذه الفترة الدراسية، فعندما يشعر الطالب بأن لديه أدوات جديدة تسنده وتساعده وتقف إلى جانبه، وعندما يشعر الأهالي أن هناك ما يؤازرهم في دعم أبنائهم، وعندما يشعر المعلم أن بإمكانه انجاز مهامه بطريقة سريعة وفعالة، فإن الجو العام المحيظ بالطالب يصيح أكثر هدوءا واستقرارا، وأكثر تركيزا على الجهد الحقيقي بدلا من القلق والتوتر.
في سياقنا الفلسطيني، حيث يواجه القطاع التعليمي تحديات متعددة تتعلق بالبنية التحتية، وصعوبة الوصول إلى المصادر التعليمية، والظروف السياسية والاقتصادية، فإن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة ذهبية لتعويض هذا النقص، وذلك من خلال تطبيقات بسيطة يمكن تحميلها على الهاتف أو الحاسوب، يستطيع الطالب الفلسطيني أن يتعلم ويستعد، حتى وإن لم تتوفر لديه بيئة صفية مثالية أو دعم مباشر من المدرسة، ويمكن كذلك للمعلمين في فلسطين أن يستخدموا أدوات الذكاء الاصطناعي لتوفير محتوى تعليمي بديل للطلاب الذين يتعذر عليهم الحضور المنتظم، أو لتقديم شروحات إضافية عبر الإنترنت أو منصات التعليم الذكي.
لا شك أن إدماج الذكاء الاصطناعي في التعليم ليس بديلا عن الدور البشري، ولا يقلل من أهمية التفاعل المباشر بين الطالب والمعلم، أو بين الأسرة والمدرسة. بل إن الهدف من هذه الأدوات هو أن تكون مكملا وداعما يعزز من جودة التعليم ويزيد من كفاءة العملية التعليمية، خاصة في الفترات الحساسة مثل الامتحانات النهائية.
ومع ملاحظاتنا الكثيرة على هذه الحالة فإن الوقت مناسب جدا لتجربة هذه الأدوات، واستثمار قدراتها في تهيئة الطلاب بشكل أفضل، وتخفيف العبء عن المعلمين، وتمكين الأهل من متابعة أبنائهم بطريقة أكثر واقعية وفعالية. التكنولوجيا ليست بعيدة عنا، بل هي في متناول أيدينا، وإذا استخدمناها بحكمة، يمكن أن تكون حليفا قويا في رحلتنا نحو تعليم أفضل ونتائج أكثر تميزا.

مسار نزع سلاح المخيمات الفلسطينية ممكن!

الانفصام الرقمي: سيرة ذاتية متخيلة للذوات المفقودة، بين الفلتر والواقع

حين كانت الأمة العربية بوابة الحرية… غزة اليوم بوابة الخذلان العربي والعالمي

حين تصبح العدالة إرثًا منسيًا

حين تختفي غزة من العناوين: قراءة في أجندة الإعلام العالمي

من الرّقيب إلى الحافز، رسالة رفعت الصبّاح وجلباب السؤال

من لا يرى المخيمات لا يرى فلسطين كلها
