مسار نزع سلاح المخيمات الفلسطينية ممكن!
مقالات

مسار نزع سلاح المخيمات الفلسطينية ممكن!


تكللت زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس باتفاق فلسطيني لبناني لإطلاق مسار تسليم سلاح المخيمات أو ما فيها من سلاح وفق جدول زمنيّ محدد كي يتم حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية على أراضي الجمهورية اللبنانية. هذا الأمر بدأ الحديث عنه في العام 2005 عند تشكيل اللجنة الفلسطينية اللبنانية لكن لم يتم تفعيل عمليا ما تم الاتفاق عليه. يتضمن الاتفاق الجديد شقين رئاسيين متوازيين الأول سحب السلاح والآخر تبني خطوات عملية لتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في لبنان.  

في ظني أنّ حصر السلاح بيد الدولة ينطلق من مسألتين رئيسيتين الأولى: تكريس سيادة الدولة اللبنانية وهو حق حصري لمؤسسات الجمهورية، والثانية: تتعلق بدور السلاح الفلسطيني في المخيمات بالنضال الفلسطيني والحاجة إليه بعد أكثر أربعين عاما من خروج الثورة الفلسطينية من لبنان عام 1982؛ خاصة أنّ هذا السلاح ليس له تأثير فعلي في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، وبمدى مساهمته في تحقيق الأمن للاجئين الفلسطينيين.  
في ظني يتوفر في هذا الاتفاق، خلاف لما كان عليه الأمر في العامين 2005 و2017، إرادة سياسية لبنانية لحصر السلاح بما فيه سلاح التنظيمات اللبنانية يصاحبها ضغط دولي واسع لحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية. لكن قدرة الدولة اللبنانية على تحقيق المسارات المتوازية يبدو ما زال محدودا على مستويين الأول القدرة على جمع السلاح من المخيمات اللبنانية أو نزعه كون أن بعضه لا تمتلكه فصائل منظمة التحرير الفلسطينية؛ مثل فصائل المعارضة الفلسطينية حركتي حماس والجهاد الإسلامي، بالإضافة إلى وجود مجموعات مسلحة متطرفة في بعض مخيمات الجنوب اللبناني. 

في إطار هذا الأمر يمكن تقسيم المخيمات الفلسطينية في لبنان جغرافيا تلك المخيمات الموجودة في منطقة بيروت التي يبدو أن إمكانية جمع السلاح منها ممكنا، فيما المخيمات الموجودة في مدن الجنوب قد يكون من الصعوبة بمكان جمع السلاح أو نزعه لتنوع التنظيمات العسكرية الموجودة فيها وحضور لبعض المجموعات المتطرفة الأمر الذي قد يفتح المجال لمواجهة مسلحة ضحيتها بالضرورة هم سكان المخيمات. كما أنّ نزع سلاح المخيمات أو حصره بيد الدولة اللبنانية مرهون أيضا بموازين القوى اللبنانية الميدانية وقدرتها على حصر السلاح بيدها على كامل الأراضي اللبنانية، وإزالة المخاوف الفلسطينية من تكرار تجارب تاريخية مؤلمة كي لا تكون المخيمات الفلسطينية ضحيتها، كما حدث في مخيمي صبرا وشاتيلا، وهذا الأمر يتعلق بمدى قدرة الدولة اللبنانية على تحقيق الأمن في هذه المخيمات وسلامة اللاجئين الفلسطينيين من أية أخطار أمنية من أطراف لبنانية أو خارجية.

 فيما المسار الآخر يتعلق بقدرة الدولة اللبنانية على تلبية المسار الموازي المتعلق بتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في لبنان في الوقت الذي تعاني الدولة اللبنانية من أزمة اقتصادية بالغة الأمر الذي قد يعيق تقدم المسار الأول. 

في ظني أنّ المخاوف المطروحة مشروعة وهي تحتاج إلى إجابة مقنعة لمعالجة جميع التساؤلات المقدمة من جميع الجوانب والأطراف، ولتوفير الضمانات لحق المواطنين اللبنانيين واللاجئين الفلسطينيين بالعيش الكريم، ناهيك عن ضرورة وجود خارطة طريق للسلام الداخلي وإعادة بناء أو تطوير مؤسسات الدولة والرعاية الاجتماعية بمعناها الشامل، وهو أمر لا يقتصر على فقط على مؤسسات الدولة اللبنانية بل أيضا على توفر الإرادة الدولية اللازمة لضمان الحرية والاستقلال ومنع الاعتداءات الإسرائيلية وتوفير أدوات وآليات إعادة الاعمال سريعة بعد الحرب المدمرة التي خاضها الشعب اللبناني.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.