غُول الغلاء يمشي في الشوارع.. هل ستردعه الحكومة؟!
رئيس التحرير

غُول الغلاء يمشي في الشوارع.. هل ستردعه الحكومة؟!

كتب رئيس التحرير: يشهد عالمنا موجة ارتفاع للأسعار أثرت على غالبية بلدان الأرض، ولم تكن فلسطين ذات الغطاءين الجمركيين استثناءً، بل إن الارتفاع يظهر فيها واضحاً أكثر من أي مكان آخر، بسبب تدني الأجور والرواتب والضرائب "المضاعفة" التي تُجبى من الناس.

طال ارتفاع الأسعار ثلاث مواد رئيسية في فلسطين بسبب رفع الضرائب عليها في إسرائيل وهي السكر والطحين والزيوت النباتية، وبناء على بروتوكول باريس فإن السلطة الفلسطينية مُلزمة بتطبيق هذا الرفع على الضرائب تماماً كما فعلت إسرائيل.

هذه المواد أساسية من المنتجات اليومية التي يستهلكها المواطنون، فيما الكثير من المصانع تعتمد على السكر، كمصانع المشروبات، ومصانع الشوكولاتة، والمخابز، إضافة إلى أن أسراً كثيرة تعتمد في صناعتها للحلويات "بقصد البيع" على السكر، ما يعني أن الضرر مُركب، فهو يطال المستهلك والمنتج البسيط والشركات والمصانع، في حين  سيتحمل المواطن التكلفة النهائية لأي ارتفاع، ما سيجبره على العزوف عن تلك المنتجات، وما يعنيه ذلك من انخفاض لنسب المبيعات ما يهدد وجودها بالإغلاق وما ينتج عنه من تسريح آلاف العمال.

أسباب ارتفاع الأسعار معروفة للجميع، وتتلخص في انخفاض نسبة الإنتاج لدى الشركات الأم في العالم، حيث انخفض انتاج السكر في البرازيل بنسبة 35 %، كذلك ارتفاع تكلفة الشحن بسبب إغلاقات جائحة كورونا.

موجة الغلاء الحالية تستلزم جُهداً حكومياً لتخفيف أضرارها، صحيح أن الحكومة ستجبي ضرائب إضافية، لكنها ستخسر كثيراً على المدى البعيد، فهي ستواجه مصانع مُغلقة، وبطالة إضافية وفقراً أكثر، فالمصنع الذي سيرفع أسعار منتجاته سيواجه انخفاضاً في المبيعات، وانخفاضاً في الأرباح، ما يعني الذهاب إلى تخفيف النفقات وتسريح العاملين، وهو ما سينتج ما ذكرناه سابقاً من فقر وبطالة وانهيار شركات، خصوصاً المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، ذلك الفقر الذي أجبر 8 أطفال وفتية للخروج من عقربا للبحث عن لقمة العيش في المستوطنات بأريحا، ليلقوا حتفهم بحادث سير وهم في طريق العودة لبيوتهم!

 على الحكومة أن تخطط للمستقبل، وأن لا يسيل لعابها لزيادة في الضرائب وزيادة في إيراداتها، فهي مجرد فقاعة ستنفجر في وجهها، وعليها التدخل للتخفيف من الغلاء الذي يضرب البلاد، وأن لا تتحجج برفع الضرائب من الجانب الإسرائيلي، فإذا دخلت الحكومة من هذا الباب عليها أن لا تنسى أن إسرائيل خفضت الضرائب على العديد من المنتجات، منها الأجهزة الكهربائية، فلماذا لم تخفضها الحكومة الفلسطينية؟؟! 

تستطيع الحكومة الفلسطينية التخفيف من موجة الغلاء من خلال تخفيض ضريبة القيمة المضافة، وتخفيض أسعار البنزين، حيث يسمح بروتوكل باريس بأن يكون الفارق في السعر بين السوق الإسرائيلية والفلسطينية 15% أقل أو أكثر.

على الحكومة أن توقف جشع بعض التجار لحماية المواطنين، كذلك عليها حماية المصانع والشركات، فهي بالمحصلة من تشغل الأيادي العامة، ومن تدفع الضرائب، وانهيارها يعني انهياراً للاقتصاد الفلسطيني.

مطلوب من الحكومة دعم السلع الأساسية، ودعم المنتجات الوطنية من خلال تخفيض الضرائب على منتجاتها، وزيادة الضرائب على المنتجات المستوردة التي لها بديل وطني.

موجة ارتفاع الأسعار التي نحن في أوجها لن تكون الأولى ولا الأخيرة، والاستعداد لها واجب من خلال إشراك الاقتصاديين من الجامعات والغرف التجارية ورجال الأعمال وممثلي شرائح العمال والمواطنين، لوضع خطط متوازنة تحمي الجميع.

كذلك فإن هذا الغلاء يُحتم علينا العمل جدياً لتحرير أيدينا المكبلة واقتصادنا المقيد ببروتوكول باريس، فإسرائيل التي رفعت ضرائبها الحد الأدنى للأجور فيها 5000 شيقل، ونحن الذين نُلزم بتطبيق نفس الضريبة الحد الأدنى للأجور لدينا 1450، وحديثاً صار 1880 شيقلاً، ولم يطبق بعد أصلاً.