هل أصبحنا جُبناء أم أن الخوف نُزع من قلوب المستوطنين؟
رئيس التحرير

هل أصبحنا جُبناء أم أن الخوف نُزع من قلوب المستوطنين؟

رئيس التحرير: رحم الله تلك الأيام التي كانت حافلات المستوطنين لا تجرؤ على دخول شارع فلسطيني أو حتى الانتقال من مستوطنة لأخرى دون أن تكون مصفحة وترافقها مركبات عسكرية لجيش الاحتلال، يومها كان المستوطنون يُكلفون خزينة الاحتلال اموالاً طائلة، وكانوا لا يشعرون بالأمان.

تبدَّل الحال اليوم، صار الفلسطيني يخاف التنقل من مدينة لأخرى خصوصاً في أوقات الليل، وانطلق المستوطنون يعربدون بكل ما أوتوا من حقد وكره وتطرف، بحماية جيش الاحتلال الذي حماهم وهم خائفين، وبات يقف وراءهم هذه الأيام وهم يحرقون ويقتلون ويخربون.

هل أصبحنا جبناء أم أن الخوف نُزع من قلوب المستوطنين؟ إذا كان الجواب نعم، من الذي زرع الخوف فينا ونزعه من عند عدونا؟ وكيف في سنوات قليلة تبدل الحال؟!

انتقلت اعتداءات المستوطنين من أعمال فردية وجماعات غير متناسقة إلى تنظيمات لها هيكيلتها وقيادتها ومحاموها ومساندوها وممولوها، تحرق وتنهب، تماماً كالعصابة التي حرقت عائلة دوابشة حتى الموت، ليظل طفل واحد من هذه العائلة شاهد بذاكرته وجسده على إرهاب المستوطنين.

كانت ردة الفعل الفلسطينية ولا تزال ارتجالية، فلم يردوا على التنظيم بتنظيم مماثل، فاقتصر الأمر على خطوات منفردة من شباب يقومون أحياناً بحماية حاراتهم ومناطقهم من إرهاب المستوطنين، دون مساندة قانونية أو تنظيمية أو مالية، ما جعل من المحتم لهذه التجربة أن تفشل.

بات صاحب الأرض أعزلَ خائفاً والمستعمر الصهيوني يصول ويجول بقلب قوي، وبسلاح رشاش، على الرغم من تحذيرات المستوى الأمني الإسرائيلي من أن تكرار اعتداءات المستوطنين سيفجر الوضع مع الفلسطينيين الذين لن يظلوا صامتين دائماً أمام هذه العربدة.

سلوك المستوطنين لم يأتي فقط بسبب رعاية الجيش الاسرائيلي لإرهابهم وجرائمهم، بل أتى من عدم رد الشارع الفلسطيني و فصائله عليه، بل أتى من التزام السلطة الوطنية الفلسطينية بمحاربة اي عمل عسكري ضد الاحتلال وهذا ما يتم الاعلان عنه ليل نهار دون ان نسمع محاربة إرهاب المستوطنين من قِبل جيش الاحتلال وكأن قدر الشعب الفلسطيني الآن ان يحمي اتفاقيات داسها الاحتلال آلاف المرات.

الفصائل الفلسطينية دون استثناء لا تتبنى ولا تقوم بأي عمل مقاوم بل هي صامتة برعت في تكرار البيانات والتنديد والاستنكار، وأصبح تهديد بعض الفصائل عبارة عن بيع الوهم للشارع الفلسطيني ولا يتم ترجمته على الأرض.

المقاومة الشعبية التي أجمعت على تبنيها معظم فصائل العمل الوطني والإسلامي لا ينفذها أحد، بل تقتصر على أشخاص ومتضامنين أجانب، فيما يبقى المسيطر على الشارع عربدة المستوطنين.

المطلوب فلسطينياً ان تقوم السلطة بدورها بإلزام الاحتلال باحترام الاتفاقيات ومواجهة عربدة المستوطنين ووقفها وعكس ذلك عليها الاعلان بتخليها عن الالتزام بما عليها من قيود فرضتها أوسلو، وبذل جهد دولي منتج لحث العالم للضغط على إسرائيل لوقف هذه الاعتداءات وتجريم الاستيطان واتخاذ اجراءات وفق القانون الدولي، والمطلوب من الفصائل غير المقيدة بالاتفاقيات مع الطرف الاخر وضع برنامج سياسي واضح يتعلق بمقاومة من أجل التحرير وحماية الشعب والمقدسات وليس من أجل فك حصار أو السولار والبنزين أو مقاومة موسمية أو انتخابية.

المطلوب من السلطة أن تفعل المقاومة الشعبية من خلال جيشها وعساكرها، فلماذا لا ينتشر عسكرنا بزيهم المدني في القرى والمناطق المهددة من المستوطنين ليكونوا جنباً لجنب مع الناس، فيحمونهم من بطش وإرهاب المستوطنين، ويقتربون أكثر وأكثر من الشعب، في الوقت الذي تشتغل فيه ماكينة التحريض ضدهم بأقصى طاقتها.

قد يكون فتيل الثورة والانتفاضة هو سلوك المستوطنين وجرائم جيش الاحتلال وليس تخطيطاً وجهداً من أشخاص وفصائل، فتراكم اشكال المعاناة اليومية سيولّد ضغطا سينفجر يوماً ما في وجه المحتل.