ماذا تنتظر مصر لخفض أسعار الوقود بعد هبوط النفط لأدنى مستوى منذ 2021؟
صدى نيوز - رغم تراجع أسعار النفط عالمياً إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2021، لا تزال أسعار الوقود في مصر دون تغيير، في وقت يترقب فيه الشارع انعكاس هذا الهبوط على تكلفة الطاقة محلياً.
تراجع سعر خام غرب تكساس الوسيط خلال ديسمبر الجاري إلى ما دون 55 دولاراً للبرميل لأول مرة منذ فبراير 2021، في أحدث إشارة إلى أن إمدادات النفط تفوق الطلب، في وقت تتأهب السوق لفائض كبير بالمعروض. وفي وقت سابق من الجلسة، انخفض سعر مزيج برنت، وهو المؤشر العالمي، إلى ما دون 60 دولاراً للبرميل قبل أن يرتفع قليلا الأيام الماضية ليسجل 62 دولارا.
تراجعت أسعار النفط هذا العام بفعل توقعات بوجود فائض، مدفوعةً بموجة من الإمدادات الجديدة من تحالف "أوبك+" ودول في الأميركتين، إلى جانب نمو ضعيف في الطلب. وفي الأيام الأخيرة، أسهمت آمال جديدة بالتوصل إلى اتفاق ينهي حرب روسيا في أوكرانيا في تقليص علاوة جيوسياسية طويلة الأمد كانت مضافة إلى أسعار النفط.
لا تزال أسعار المواد البترولية الحالية بالأسواق تمثل سعر التكلفة الفعلي لتوفير المنتجات، رغم تراجع النفط لنحو 60 دولاراً للبرميل قبل ان يرتفع قليلا لنحو 62 دولارا، بحسب مسؤول حكومي لـ"الشرق" مشترطاً عدم نشر اسمه.
الوقود في مصر لا يزال مدعوماً
أضاف المسؤول أن لجنة تسعير الوقود تحسب حصة مصر من النفط الخام الذي يتم إنتاجه من البلاد بالتعاون مع الشركاء الأجانب بصفر. لافتاً إلى أنه ما زال هناك دعم للمواد البترولية التي يتم توفيرها بالأسواق وتحديداً "البوتاجاز" الذي يحصل على الشريحة الأكبر من فاتورة دعم الوقود.
تعتمد لجنة تسعير الوقود في مصر، والتي تأسست في يوليو 2019، في قراراتها بشأن زيادة أو خفض أو تثبيت الأسعار، على متوسط أسعار النفط العالمية، وسعر صرف الدولار مُقابل الجنيه، بالإضافة إلى معدل وتكلفة الإنتاج والتشغيل.
وبينما حددت الحكومة سعر 75 دولاراً لسعر برميل النفط في موازنة العام المالي العام الجاري 2025-2026، مقابل 82 دولاراً في الموازنة السابقة، تراجعت أسعار النفط عالمياً بنحو 20% منذ بداية 2025 وهو أقل من المستهدفات الحكومية.
قال مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، إن التكاليف الفعلية للوقود، خاصة السولار والبنزين، لا تزال مرتفعةً مما يرفع من قيمة الدعم المُخصص للوقود، مشيراً إلى أن دعم أسطوانة غاز الطهي الواحدة يصل إلى 150 و170 جنيهاً يومياً، ما يعني أن الدولة تصرف حوالي 200 مليون جنيه على دعمه.
عند احتساب التكلفة الفعلية للوقود وفق سعر برنت الحالي وسعر صرف الدولار، مضافاً إليه تكاليف التشغيل والضرائب وهوامش الربح، يتجاوز السعر الحقيقي للبنزين المطروح في السوق مستواه الحالي، إذ يصل سعر بنزين 95 إلى نحو 27 جنيهاً للتر مقابل 21 جنيهاً حالياً، بفارق تتحمله الدولة، كما يسجل بنزين 92 نحو 26.2 جنيه مقابل 19.25 جنيه، فيما تتراوح تكلفة السولار بين 23 و24 جنيهاً للتر مقابل سعر بيع 17.5 جنيه.
اعتماد مصر على استيراد المشتقات النفطية
استبعد يوسف أن يؤثر انخفاض أسعار النفط عالمياً علي أسعار الوقود المحلية طالما استمرت وتيرة استيراد شحنات الغاز المسال بمعدلاتها الحالية بتكلفتها المتزايدة والتي ترفع من مستويات الدعم لمستويات غير مسبوقة.
تعتمد مصر على الاستيراد لتغطية فجوة تصل إلى 225 ألف برميل نفط يومياً، إذ تستهلك 750 ألف برميل يومياً، فيما يتراوح الإنتاج المحلي من 510 آلاف برميل إلى 540 ألف برميل، ويتم تغطيتها جزئياً بالاستيراد المباشر للخام والمشتقات، مما يجعل الموازنة حساسة لأي تقلبات في أسعار النفط العالمية.
قال أسامة كمال، وزير البترول الأسبق ورئيس لجنة الطاقة في مجلس الشيوخ، إن مشكلة دعم الوقود، خاصةً البنزين والسولار في مصر، ترتبط بشكل رئيسي بالفجوة بين الإنتاج المحلي والاستيراد خاصة في ظل تراجع قيمة الجنيه وارتفاع تكلفة استيراد الطاقة.
أضاف كمال أنه رغم إيجابية انخفاض أسعار النفط عالمياً لمصر لكن في الوقت نفسه فإن هبوط السعر عن مستوى 55 و60 دولاراً للبرميل يمثل تحدياً لشركات الإنتاج العالمية التي تتحفظ بدورها عن ضخ استثمارات إضافية في مجال البحث والاستكشاف لعدم تحقق عوائد من الإنتاج في ظل انخفاض سعر البرميل.
لا زيادة في أسعار الوقود بمصر لمدة عام
قرّرت مصر رفع أسعار الوقود بنسبة تصل إلى 13% في ثاني زيادة هذه السنة، على أن تثبتها في السوق المحلية لعام بحد أدنى، وفقاً لبيان صادر عن وزارة البترول والثروة المعدنية.
شملت الزيادة جميع أنواع البنزين والسولار، وبلغت قيمتها جنيهين للتر. وحسب الأسعار الجديدة، صعد سعر بنزين 95 من 19 جنيهاً للتر إلى 21 جنيهاً، وبنزين 92 من 17.25 إلى 19.25 جنيه للتر، وبنزين 80 من 15.75 إلى 17.75 جنيه للتر. كما تم رفع سعر السولار من 15.5 إلى 17.5 جنيه للتر. أما غاز السيارات فارتفع سعره إلى 10 جنيهات من 7 جنيهات للمتر المكعب.
سبق أن رفعت مصر أسعار الوقود في أبريل الماضي بقيمة حوالي جنيهين للتر، متوقعةً أن تحقق وفراً قدره 35 مليار جنيه في ميزانية السنة المالية 2024-2025.
أضاف كمال أن دعم الوقود يمثل عبئاً كبيراً على الاقتصاد المصري، خاصة دعم وقود محطات الكهرباء حيث لا تزال تحصل المحطات على الغاز بنسبة دعم تصل لنحو 120% عن سعر الغاز، موضحاً أن محطات الكهرباء تحصل على وقود مدعوم بنحو 40 مليار جنيه شهرياً فيما يظهر تفاقم الدعم بشكل يصعب معه خفض الأسعار.
الحكومة المصرية تقلص دعم الوقود 50%
قلّصت الحكومة المصرية دعم الوقود في مصر بنسبة 50% في الموازنة العامة للعام المالي 2025/2026، إذ خصصت 75 مليار جنيه لدعم الوقود، مُقارنةً بـ154 مليار جنيه في الموازنة السابقة.
يصل استهلاك مصر اليومي من الغاز لنحو 6.4 مليار قدم مكعب يومياً، وتصل في ذروة الصيف لأكثر من 7 مليارات قدم مكعب يومياً. فيما تبلغ قدرة البلاد الإنتاجية نحو 4.2 مليار قدم مكعب يومياً، ويتم استيراد الفارق بين الطلب والمعروض من الخارج عبر خط غاز الشرق من إسرائيل أو استيراد شحنات غاز مسال.
يقول خبير الطاقة جمال القليوبي إن دعم الوقود سبب رئيسي في ضغط الاقتصاد المصري، وإن انخفاض أسعار النفط في السوق العالمية لن يؤثر كثيراً على قدرة الحكومة في تثبيت أو تخفيض أسعار الوقود.
وأضاف أن استمرار هبوط أسعار النفط العالمية سيساعد الحكومة على توفير نسبة من المخصصات الشهرية اللازمة للاستيراد بما يعزز من الفائض المحقق فى الموازنة العامة، كما سيساعدها على تحقيق تعهد رئيس الوزراء في أكتوبر الماضي بعدم زيادة الأسعار، والذي أكد عدم وجود أي زيادات جديدة لمدة عام كامل.
في أكتوبر الماضي، قال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي: "إذا استمرت أسعار النفط عالمياً عند المستويات الحالية لن نحتاج لزيادة أسعار الوقود حتى بعد مرور عام. تحريك سعر الوقود غير مرتبط بسعر برنت فقط".
وأشار إلى أن المستهدفات التي توافقت عليها الحكومة مؤخراً مع صندوق النقد لن تضيف أي أعباء على المواطن، ولا تتطرق لملف الطاقة أو دعم الوقود وجميعها حول تحسين أداء المالية ومؤشرات النمو الاقتصادي.
هل تبلغ أونصة الذهب 5000 دولار في 2026؟ وماذا عن الفضة؟
أسعار الفضة تستقر بعد أكبر انخفاض يومي في أكثر من 5 سنوات
أسعار النفط تحافظ على مكاسبها مع تصاعد التوترات الجيوسياسية
هذه توقعات بنوك الاستثمار للتضخم وأسعار الفائدة والدولار في مصر خلال 2026
ارتفاع طفيف بأسعار النفط وسط توقعات بتحسن الطلب الصيني
أرباح الشركات الصناعية في الصين تتراجع بأسرع وتيرة منذ أكثر من عام
أين تستثمر الطبقة المتوسطة في مصر أموالها خلال 2026؟










