
انقسام أمريكي غير مسبوق حول دعم إسرائيل: اليمين يراجع مواقفه والديمقراطيون يزدادون انتقادا
ترجمة صدى نيوز - في تحول غير مسبوق في المشهد السياسي الأمريكي، بدأت أصوات يمينية بارزة، لطالما كانت من أشد المدافعين عن إسرائيل، في التعبير عن رفضها لتحالف واشنطن مع تل أبيب، خاصة في ظل الحرب المستمرة على غزة. النائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين، المعروفة بولائها الشديد للرئيس دونالد ترامب، فجّرت جدلا واسعا بتغريدة شبهت فيها ما يحدث في غزة بما قد يحدث لأمريكا لو كانت في موقع الفلسطينيين، قائلة: "لا أريد أن أدفع ثمن إبادة جماعية في بلد أجنبي ضد شعب أجنبي، من أجل حرب أجنبية لا علاقة لي بها".
ووفق تقرير نشره موقع "ذا إيكونوميست" فإن مارجوري تايلور غرين، التي تعتبر ربما أكثر مؤيدي دونالد ترامب حماسة في الكونغرس، نشرت تغريدة مؤخرا دعما للفلسطينيين ومعارضة لحرب إسرائيل على غزة، قالت فيها: "لو كانت أمريكا تُقصف ليلًا ونهارًا بسبب عملٍ مروع ارتكبته حكومتنا، وقُتل وأُصيب العديد من الأمريكيين الأبرياء والأطفال الأمريكيين بجروحٍ بالغة، وتوسلنا الرحمة، لكن بقية العالم قال: "لقد صوّت الأمريكيون لحكومتهم، فهم يستحقونها"... وقُصفت مدننا ومنازلنا وحُوّلت إلى أنقاض. ودُمّرت بنيتنا التحتية، فلا مزارع، ولا متاجر بقالة، ولا مجتمع منظم. ولم يُساعد أحد أطفالنا الجرحى والجوعى، فكيف كنتَ ستشعر؟"
منذ يونيو/حزيران الماضي، وبعد الضربات الأمريكية على إيران بطلب إسرائيلي، تصاعدت انتقادات رموز يمينية مثل ستيف بانون وتاكر كارلسون ومات غيتز، الذين اتهموا إسرائيل بجرّ الولايات المتحدة إلى صراعات خارجية، واستنزاف مواردها، بل واعتبارها معادية للمسيحية. هذا التوجه الجديد يتعارض مع شعار "أمريكا أولًا"، ما دفع غرين إلى اقتراح شعار أكثر تطرفا: "أمريكا فقط".
تراجع الدعم الشعبي
استطلاع رأي أجرته "يوجوف/إيكونوميست" في أغسطس كشف أن 43% من الأمريكيين يعتبرون ما تفعله إسرائيل في غزة إبادة جماعية، في حين تراجعت نسبة المتعاطفين مع إسرائيل إلى أدنى مستوياتها منذ 25 عامًا. اللافت أن هذا التراجع لا يقتصر على الديمقراطيين الشباب، بل امتد إلى من هم فوق الخمسين عاما، وحتى إلى الإنجيليين الذين كانوا من أكثر الداعمين لإسرائيل.
الديمقراطيون يتقدمون في المعارضة
في الكونغرس، بدأ الديمقراطيون يعكسون هذا التحول الشعبي. ففي يوليو، صوّت نصف أعضاء الحزب تقريبا ضد إرسال شحنة أسلحة إلى إسرائيل، مقارنة بـ18 فقط في نوفمبر الماضي. النائب جيك أوكينكلوس، الذي يمثل دائرة انتخابية تضم 100 ألف يهودي، أشار إلى أنه اضطر لتحديث مذكراته السياسية حول غزة أكثر من 20 مرة منذ بداية العام، في ظل تغير سريع في مواقف ناخبيه.
نتنياهو وتأثيره على صورة إسرائيل
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لعب دورا محوريا في تعميق الفجوة بين إسرائيل والديمقراطيين، خاصة بعد تقربه من ترامب وتجاهله للمفاوضات النووية مع إيران في عهد أوباما. توسع المستوطنات، والعنف في الضفة الغربية، ومعاملة الفلسطينيين، كلها عوامل دفعت جماعات يهودية ليبرالية مثل "جيه ستريت" إلى انتقاد الحكومة الإسرائيلية علنا، وزيادة نشاطها السياسي والمالي داخل التيار الديمقراطي.
تضامن يساري مع القضية الفلسطينية
الحراك الفلسطيني في أمريكا استفاد من موجات التضامن مع قضايا العدالة الاجتماعية، مثل حركة "حياة السود مهمة"، ما ساهم في تعريف جيل جديد من الأمريكيين على القضية الفلسطينية. هذا التداخل بين النضالات الحقوقية عزز من حضور القضية الفلسطينية في الأوساط اليسارية والشبابية.
الجمهوريون: دعم مستمر رغم التصدعات
ورغم تصاعد الانتقادات من بعض الجمهوريين، لا يزال الحزب الجمهوري يحتفظ بدعمه التقليدي لإسرائيل، خاصة بين الإنجيليين الذين يرون في قيام الدولة اليهودية خطوة نحو تحقيق نبوءات دينية. لكن هذا الدعم، وإن بدا قويًا على السطح، يواجه تحديات داخلية متزايدة، قد تعيد تشكيل العلاقة الأمريكية الإسرائيلية في السنوات المقبلة.
شجاعة في غزة: ترامب والجمهوريون بين الولاء والانقسام
في بعض النواحي، يُعدّ الرئيس ترامب أكثر الرؤساء الأمريكيين حماسا لإسرائيل. فقد استقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ثلاث مرات في البيت الأبيض منذ بداية ولايته، أكثر من أي زعيم أجنبي آخر. كما جعل ترحيل الطلاب المؤيدين للفلسطينيين جزءا من سياسته في الهجرة، وفرض عقوبات على الجامعات التي لا تتصدى لما يعتبره "معاداة للسامية"، رغم أن ذلك يشمل أحيانًا مجرد التعبير عن التضامن مع الفلسطينيين.
خطته لتحويل غزة إلى "ريفييرا براقة" غذّت طموحات اليمين الإسرائيلي المتطرف لطرد الفلسطينيين من القطاع بالكامل. وعندما طلبت إسرائيل من ترامب المشاركة في حملة جوية ضد إيران هذا الصيف، استجاب فورًا، في أول عملية عسكرية مشتركة بين البلدين ضد عدو خارجي.
الجمهوريون في الكونغرس حافظوا على دعمهم المطلق لإسرائيل. لم يصوت أي منهم لصالح تقييد مبيعات الأسلحة، وزار رئيس مجلس النواب مايك جونسون مستوطنة في الضفة الغربية، في خطوة كانت تُعدّ محرّمة سياسيًا سابقًا. ويؤكد دان سينور، الخبير الجمهوري في السياسة الخارجية، أن لا مؤشرات على وجود ضغوط داخلية لتغيير هذا الموقف.
لكن تأثير الإعلام اليميني ومقدمي البرامج الصوتية بدأ يغيّر المعادلة. فخطاب السيناتور ليندسي غراهام الأخير، الذي دافع فيه بشدة عن إسرائيل، جاء كرد فعل على تصاعد الانتقادات، وانتهى بتحذير ديني: "إذا قطعت أمريكا علاقاتها بإسرائيل، فسيقطع الله علاقاته بنا."
الانعزالية السياسية، التي يتبناها ترامب وآخرون، تُغذي أيضًا هذا التراجع. فكما يعارض كثيرون في الحزب دعم أوكرانيا، يتساءلون عن "الاستثناء الإسرائيلي"، خاصة في ظل الاتهامات بارتكاب جرائم حرب.
ورغم دفاع ترامب عن اليهود الأمريكيين، فإن الحزب الجمهوري لم يخلُ من نزعات معادية للسامية. مارجوري غرين روجت لنظريات مؤامرة حول "أشعة ليزر يهودية"، ونيك فوينتس، المعلق اليميني المتطرف، انتقد تأخر الإعلام اليميني في مهاجمة إسرائيل.
حتى جماعة "أيباك" المؤيدة لإسرائيل غيّرت استراتيجيتها، وبدأت بإنفاق عشرات الملايين لدعم مرشحين موالين لإسرائيل، بعد أن كانت تكتفي بالضغط السياسي.
معركة انتخابية قادمة
الساحة السياسية الأمريكية تتجه نحو مواجهة حاسمة. فالديمقراطيون المقبلون على الانتخابات سيضطرون لتوضيح مواقفهم من إسرائيل، خاصة إذا استمرت الحرب في غزة. أما الجمهوريون، فقد يشهدون ترشح شخصيات شعبوية مناهضة للتدخلات الخارجية، مثل ستيف بانون، الذي يُفكر في دخول السباق.
جيه. دي. فانس، نائب الرئيس ترامب، يُعدّ المرشح الجمهوري المفضل، لكنه ألغى زيارته إلى إسرائيل في مايو بعد تصعيد الحرب. ويُعتقد أنه يميل إلى معسكر "أمريكا فقط"، بحسب تصريحات كيرت ميلز، أحد أبرز الأصوات الجمهورية المعادية لإسرائيل.
ويبدو أن هذا التحول لن يتوقف حتى لو انتهت الحرب أو غادر نتنياهو منصبه. فكما يقول دوف واكسمان من جامعة كاليفورنيا: "لقد تآكل الإجماع الجمهوري القديم، وربما بشكل دائم." العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، التي شكّلت ملامح الشرق الأوسط لعقود، تواجه اليوم اختبارا غير مسبوق.

محدث: شهيد وعدة إصابات برصاص الاحتلال والمستعمرين في المغير شمال شرق رام الله

وول ستريت جورنال: هذا ما يخاطر به نتنياهو حال ضم الضفة الغربية

سفير إسرائيلي سابق: تآكل الملحق الأمني لكامب ديفيد ينذر بمواجهة مع مصر

دعا لإنهاء حرب غزة.. ترمب: الاعتراف بدولة فلسطين «مكافأة» على «الفظاعات»

إصابتان إحداهما خطيرة برصاص قوات الاحتلال في الخليل

مجلس الوزراء يدعو لترجمة المواقف الدولية إلى خطوات عملية لوقف الحرب وإعادة الإعمار

إسرائيل تقرر إغلاق معبر "الكرامة" حتى إشعار آخر
