
ورقة موقف: الاعتراف بدولة فلسطينية ضرورة قانونية وسياسية وأخلاقية
صدى نيوز - أصدرت وحدة دعم المفاوضات في دائرة شؤون المفاوضات بمنظمة التحرير الفلسطينية، ورقة موقف تقدير بشأن الاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967.
وأكدت الورقة على أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية ضرورة قانونية وسياسية وأخلاقية لعضوية كاملة في الأمم المتحدة
ورأت الورقة، أن الاعتراف بدولة فلسطين على خطوط الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وقبولها عضوًا كامل العضوية في الأمم المتحدة ليس مجرد خطوة طال انتظارها، بل التزام قانوني وضرورة سياسية وواجب أخلاقي. وهو متجذر في عقود من الإجماع الدولي على حل الدولتين، ويدعمه قانون دولي راسخ. ومع ذلك، ورغم الدعم السياسي الواسع، لا يزال الشعب الفلسطيني محرومًا من الاعتراف الكامل ومن المساواة في السيادة. تهدف هذه الورقة إلى ترسيخ ضرورة الاعتراف من خلال دراسة أسسه القانونية، وتحليل المأزق السياسي الحالي، وتوضيح القيمة الأخلاقية والاستراتيجية للتحرك الفوري.
وبينت أن الدولة المستندة إلى الحق: الأساس القانوني لدولة فلسطين في الأمم المتحدة
بموجب ميثاق الأمم المتحدة، تنص المادة 4 على أن العضوية مفتوحة لأي دولة محبة للسلام، راغبة وقادرة على الوفاء بالتزامات الميثاق.
وقالت: لقد برهنت دولة فلسطين، التي أعلنتها عام 1988 منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، واعترفت بها 149 دولة عضوًا في الأمم المتحدة، على التزامها بالمعايير الدولية من خلال الانضمام إلى أكثر من 100 معاهدة واتفاقية دولية. وقد دأب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي على تقييم المؤسسات العامة لدولة فلسطين على أنها قادرة على أداء وظائف دولة ذات سيادة. وقد حافظت فلسطين على هذه الإنجازات المؤسسية على الرغم من القيود المنهجية واسعة النطاق التي يفرضها الاحتلال العسكري الإسرائيلي المستمر.
وأضافت: لطالما أكد القانون الدولي على عدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة. وقد أكد قرار مجلس الأمن للأمم المتحدة رقم 242 (1967) على هذا المبدأ، ودعا إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة. وقد تعزز هذا الأمر بالقرار رقم 2334 (2016)، الذي أدان صراحةً إنشاء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، باعتبارها "فاقدة لأي شرعية قانونية". علاوة على ذلك، حدد القرار صراحةً جميع الإجراءات والممارسات الإسرائيلية بأنها غير قانونية بموجب القانون الدولي. كما أكدت محكمة العدل الدولية، في رأيها الاستشاري لعام 2004 بشأن جدار الضم، ومرة أخرى في رأيها لعام 2024 بشأن عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي الذي طال أمده، أن تصرفات إسرائيل في الأراضي المحتلة تنتهك القانون الدولي، وأن جميع الدول ملزمة بعدم الاعتراف بشرعية أي وضع ناتج عن خرق هذه القواعد.
وتابعت: وتستند شرعية الدولة الفلسطينية أيضًا إلى القانون الدولي، كما ينعكس ذلك في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 (1947)، الذي أوصى بتقسيم فلسطين الانتدابية إلى دولتين- وكان قرار التقسيم الأساس القانوني والشرط الذي بموجبه تم قبول إسرائيل عضواً في الأمم المتحدة. إن الاعتراف بفلسطين على خطوط 4 حزيران 1967 من شأنه أن يستكمل هذه الولاية غير المكتملة، ويضمن تطبيق مبدأ المساواة في السيادة المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة تطبيقًا ثابتا غير منقوص.
وواصلت: غالبًا ما يستشهد معارضو الاعتراف بفلسطين كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة بالمادة (7) من اتفاقية أوسلو المؤقتة لعام 1995، والتي تحظر على أي من الطرفين اتخاذ خطوات أحادية الجانب لتغيير وضع الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وقطاع غزة، قبل انتهاء مفاوضات الوضع النهائي. ومع ذلك، فقد تم انتهاك هذا البند بشكل منهجي، ليس من جانب فلسطين، بل من قِبل إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال. ومن خلال مشروعها الاستيطاني الواسع، وضم القدس الشرقية، وسياسات الضم الفعلية في جميع أنحاء الضفة الغربية، وترسيخ السيطرة العسكرية فيها، والحصار المفروض على قطاع غزة، غيرت إسرائيل من جانب واحد المشهد القانوني والجغرافي للأرض الفلسطينية المحتلة في انتهاك مباشر لالتزاماتها.
وقالت: لا تنتهك هذه الإجراءات الاتفاقيات الثنائية فحسب؛ بل تمثل أيضًا التحضير التدريجي وغير القانوني لتوسيع السيادة الإسرائيلية على أراضٍ لا تعود إلى القوة القائمة بالاحتلال. وتُقوّض هذه الإجراءات بشكلٍ جذريّ احتمالات حلّ الدولتين المُتفاوض عليه، وتُفكّك الإطار الذي وُضعت ضمنه محادثات الوضع الدائم في البداية. وفي هذا السياق، تدعو دولة فلسطين الدولَ دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي إلى التأكيد على أنّ أيّ بسطٍ أحاديّ للسيادة الإسرائيلية على أيّ جزءٍ من الأرض الفلسطينية المحتلة سيُقابل بإجراءاتٍ مُقابلة من قِبَل هذه الدول، لتصبح هذه الإجراءات ثقلا قانونيّا ودبلوماسيّا موازيا، ولتُؤكّد على المبدأ الأساسيّ بأنّ السيادة لا تُكتسب بالقوة.
وأضافت: إنّ الاعتراف بفلسطين على خطوط الرابع من حزيران 1967 ليس خيارًا سياسيًّا أحاديّ الجانب، بل هو امتثالٌ للقانون الدوليّ، وهو مُتجذّرٌ في مبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
لا سلام بدون عدالة: لماذا يشكل الاعتراف ضرورة سياسية؟
وبينت أن الأساس السياسي للاعتراف بفلسطين اليوم مُلِحّ وضروري. فبعد ثلاثة عقود من اتفاقيات أوسلو، فشلت العملية الدبلوماسية في تحقيق حل الدولتين عبر التفاوض. وبينما التزمت القيادة الفلسطينية بالتزاماتها بموجب هذه الاتفاقيات، دأبت إسرائيل على تغيير الحقائق على الأرض بشكل منهجي ومن جانب واحد. فقد ازداد عدد المستوطنين من 236,000 مستوطن عام 1993 إلى أكثر من 740,000 مستوطن بنهاية عام 2024، مما أدى إلى تفتيت التواصل الجغرافي للضفة الغربية. إضافةً إلى ذلك، تحرّكت الحكومة الإسرائيلية بقوة نحو الضم الفعلي لأجزاء كبيرة من الضفة الغربية، بما في ذلك سنّ تدابير قانونية تُوسّع نطاق ولايتها القضائية المحلية على الأراضي المحتلة، مع أن هذه الممارسات تُشكّل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي. وقد صادق الكنيست الإسرائيلي مؤخرا بأغلبية 71 عضوا من أصل 120 على مشروع قانون يدعم فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وغور الأردن .وقد ضَمّت إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، القدس الشرقية، عاصمة الدولة الفلسطينية المُستقبلية، بشكل أحادي الجانب، وأخضعتها لسياسات الهندسة الديموغرافية والتهجير وإنكار الوجود الفلسطيني.
وأضافت: أصبح قطاع غزة، المحاصر منذ نحو 18 عامًا، في حالة خراب الآن بعد حملة عسكرية مدمرة بدأت في تشرين الأول 2023 قتل خلالها أكثر من 59000 فلسطيني وجُرح أكثر من 143000. وتعرض المدنيون لأسوأ الهجمات العشوائية والعقاب الجماعي، بينما لا يزال وصول المساعدات الإنسانية محظورًا. وتُظهر هذه الحقائق أن الوضع الراهن ليس ثابتًا؛ بل إنه يتدهور. إن التأخير المستمر في الاعتراف بفلسطين لا يؤدي إلا إلى تمكين القوة القائمة بالاحتلال، وترسيخ نظام الفصل العنصري، وتآكل إمكانية التوصل إلى السلام الحقيقي.
لذلك، فإن الاعتراف بدولة فلسطين ليس بديلاً عن المفاوضات، بل شرط أساسي لنجاحها. فهو يعيد التوازن إلى عملية أحادية الجانب من خلال وضع الطرفين على قدم المساواة قانونيًا ودبلوماسيًا. كما يؤكد على حل الدولتين كإطار متفق عليه للسلام، ويرسم خطًا واضحًا ضد المزيد من الاستيلاء على الأراضي ونقل السكان. ويُظهر قرار الجمعية العامة لعام 2024، الذي يدعو مجلس الأمن إلى إعادة النظر في طلب فلسطين للعضوية الكاملة، والذي أيدته 143 دولة، عمق الإجماع الدولي على هذا الموقف.
وتابعت: علاوة على ذلك، فإن الاعتراف بدولة فلسطين على خطوط الرابع من حزيران 1967 من شأنه أن يُرسي أساسًا واضحًا وشرعيًا لأي تبادل مستقبلي للأراضي، كما توخاه الفلسطينيون والإسرائيليون بعد اتفاقيات أوسلو، وأُقرته مقترحات السلام اللاحقة، من خلال التأكيد على أن هذه الخطوط هي نقطة انطلاق للسيادة. وسيُشكّل هذا أساسًا لتحقيق السلام الدائم والازدهار في المنطقة، مع الحفاظ على التواصل الجغرافي الفلسطيني في الضفة الغربية، والحفاظ على الوحدة السياسية بين قطاع غزة والضفة الغربية. كما سيوفر إطارًا قانونيًا ودبلوماسيًا لحل النزاعات طويلة الأمد حول الموارد الطبيعية، والتي استغلتها إسرائيل أو أعادت تخصيص الكثير منها بشكل أحادي الجانب، في انتهاك مباشر للقانون الدولي والاتفاقيات الثنائية.
الضرورة الأخلاقية: تأكيد الحقوق، وإنهاء النفاق
وقالت: بعيدًا عن الاعتبارات القانونية والسياسية، ترتكز قضية الاعتراف على ضرورة أخلاقية راسخة. لقد عانى الشعب الفلسطيني 77 عامًا من التهجير، 58 عامًا من الاحتلال العسكري، ونحو 18 عامًا من الحصار على غزة. وحُرم من حقوقه الأساسية التي يكفلها ويحميها النظام الدولي؛ وهي تقرير المصير، والمساواة، والكرامة، والحرية. إن الاعتراف بدولة الشعب الفلسطيني المستقلة ذات السيادة يؤكد إنسانيته، ويؤكد أن القانون الدولي ينطبق عالميًا، لا انتقائيًا.
وأضافت: سعى الفلسطينيون باستمرار إلى نيل حقوقهم عبر قنوات سلمية ودبلوماسية، وانخرطوا في عمليات السلام، وبنوا المؤسسات، وقبلوا بتنازلات مؤلمة في سبيل إقامة الدولة. إن الفشل الأخلاقي لا يكمن في الجانب الفلسطيني، بل في عجز المجتمع الدولي عن إنفاذ قراراته ومحاسبة المنتهكين لها. إن استمرار عدم الاعتراف يُكافئ الإفلات من العقاب، ويُقوّض مصداقية النظام العالمي القائم على القواعد. وفي عصرٍ يشهد توتراتٍ جيوسياسيةً متصاعدة، حيث تشتد الحاجة إلى نظامٍ كهذا، فإن استعادة شرعية هذا النظام يجب أن تبدأ بالالتزام بالقانون الدولي، بدءًا بالاعتراف بفلسطين.
وتابعت: في أعقاب الدمار الذي خلفته "حرب غزة"، يكتسب الاعتراف أهميةً مُتجددة. فهو يُشير إلى الفلسطينيين بأن العالم لم يتخلَّ عنهم، ويؤكد أن الحقوق ليست خاضعةً للتفاوض، بل يجب صونها بالوسائل القانونية والدبلوماسية. كما يُرسل رسالةً قويةً إلى الجهات الفاعلة الأخرى في المنطقة مفادها أن الالتزام السلمي بالمعايير الدولية سيُحترم بدلًا من تجاهله. إن الاعتراف، في هذه المرحلة الأخلاقية الحرجة، من شأنه أن يساعد في عزل المتطرفين والجهات الفاعلة العنيفة على الجانبين، ومنع المزيد من التطرف الذي يهدد بزعزعة استقرار الشرق الأوسط بأكمله.
الاعتراف كعمل استراتيجي: تمكين السلام والمساءلة وإقامة الدولة
وقالت: إن الاعتراف بفلسطين وقبولها في الأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية ليس مجرد إجراء رمزي، بل له آثار قانونية ودبلوماسية واستراتيجية ملموسة. فهو يسمح لفلسطين بالمشاركة الكاملة في النظام الدولي، والوصول إلى المحاكم الدولية وآليات فض النزاعات، والمطالبة بالحماية والمسؤوليات الممنوحة للدول ذات السيادة. كما أنه يعزز إنفاذ قرارات مثل قرار مجلس الأمن رقم 2334 من خلال السماح لفلسطين بالسعي إلى مساءلة انتهاكات القانون الدولي. وهو أيضا يساعد على إنشاء البنية التحتية القانونية للمفاوضات المستقبلية، بما في ذلك القدرة على إبرام المعاهدات والرقابة من قبل طرف ثالث.
وأضافت: علاوة على ذلك، يُسهّل الاعتراف إعادة هيكلة الحكم الفلسطيني نحو السيادة. ويُمكّن من إعادة توجيه دعم المانحين من الإغاثة الإنسانية والمالية قصيرة الأجل إلى بناء الدولة على المدى الطويل، مع التركيز على إدارة الإيرادات والحدود، واستقلال القضاء، وتقديم الخدمات العامة. إن هذه الإصلاحات ضرورية لبناء القدرة على الصمود وتقليل الاعتماد على سيطرة إسرائيل على الشؤون المالية والتجارية والمدنية الفلسطينية.
الاعتراف: خطوة ضرورية نحو السلام
ورأت أن الاعتراف بدولة فلسطين على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، التزامٌ قانوني وضرورة سياسية ووضوح أخلاقي. وهو ليس غايةً في حد ذاته، بل بداية لمسارٍ عادلٍ نحو حقوقٍ متساويةٍ وسلامٍ دائم. لقد أكّد المجتمع الدولي على رؤية الدولتين لعقودٍ من الزمن؛ والآن عليه أن يتحرّك بحزمٍ لتحقيقها. ومن خلال الاعتراف بفلسطين، ومنحها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، يُؤكّد العالم أن السيادةَ مُستمدّةٌ من القانون، لا من القوة، وأنه لا ينبغي حرمانُ أيِّ شعبٍ من حقِّه في الحرية وتقرير المصير.
وقالت: إن ثمنَ التأخيرِ لا يُقاس بالجوانب السياسية فحسب، بل بحياة الناس، والفرصِ الضائعةِ، والتآكلِ المُستمرِّ للمعاييرِ التي أُنشئت الأممُ المتحدةُ لدعمها. باختصار، يُمثّلُ الاعترافُ بدولةِ فلسطين المستقلة خطًّا فاصلًا بين الحقِّ الوطنيِّ والقوةِ العسكرية (National right vs. military might).

صحيفة: الجيش اللبناني يفكك موقع تدريب لحماس شرق بيروت

بينهم طالبي مساعدات.. شهداء وجرحى في حرب الإبادة المستمرة بغزة

اعتقالات خلال اقتحامات الاحتلال لمناطق متفرقة بالضفة الغربية

شهيدان برصاص الاحتلال في الضفة واحتجاز جثمانيهما

برنامج الغذاء العالمي: نحو ثلث سكان غزة لا يأكلون منذ أيام

ومصر تؤكدان تواصل وساطتهما: تعليق المفاوضات لعقد مشاورات يعد أمرا طبيعيا

فرنسا وبريطانيا وألمانيا تدعو إلى "إنهاء الكارثة الإنسانية في غزة فورا"
