قانون التجارة الإلكترونية في فلسطين يدخل حيز التنفيذ قريباً.. حماية للمستهلك والتاجر
اقتصاد محلي

قانون التجارة الإلكترونية في فلسطين يدخل حيز التنفيذ قريباً.. حماية للمستهلك والتاجر

خاص اقتصاد صدى - في إطار أول قانون فلسطيني شامل ينظم التجارة الإلكترونية، أعلنت وزارة الاقتصاد الوطني عن قرب نشر قانون التجارة الإلكترونية في "الجريدة الرسمية"، بعد مصادقة الرئيس محمود عباس عليه مؤخراً. يأتي هذا القانون استجابة للتحولات الرقمية المتسارعة التي شهدتها فلسطين، خاصة بعد جائحة كورونا، والتي أدت إلى تنامي التجارة الإلكترونية بشكل غير مسبوق، وظهور تحديات قانونية واقتصادية تتطلب تنظيما دقيقا لهذا القطاع الحيوي.

ورغم المصادقة الرئاسية، أشار مسؤول السياسات والتخطيط في وزارة الاقتصاد، رشاد يوسف شاور، لـ"اقتصاد صدى"، إلى أن القانون لا يزال بحاجة إلى نظام تفصيلي يحدد الإجراءات المطلوبة، وعلى رأسها آليات التسجيل الرسمية للتجارة الإلكترونية، ما يعكس أهمية المرحلة المقبلة في استكمال البنية التنظيمية لهذا التشريع.

ويهدف القانون الجديد إلى تنظيم بيئة التجارة الإلكترونية بما يضمن حماية حقوق المستهلكين، وتحقيق العدالة بين التجار، وضبط السوق خارج الإطار الرسمي، دون أن يشكل عبئا على الابتكار أو النمو الرقمي. كما يُعد القانون خطوة مهمة نحو دمج الاقتصاد الفلسطيني في المنظومة الرقمية العالمية، من خلال إنشاء منصة إلكترونية لتسجيل الأعمال، وتقديم الحوافز، وتعزيز المنتج الوطني محليا ودوليا.

توقعات ببدء تطبيق القانون بداية العام المقبل

وأوضح شاور في تصريح لـ"اقتصاد صدى"، أن القانون سيصبح نافذا بعد مرور ثلاثة أشهر من تاريخ نشره، متوقعا أن يبدأ تطبيقه تدريجيا في شهري كانون الثاني أو شباط من العام المقبل، أي بعد أربعة إلى خمسة أشهر.

وأشار إلى أن القانون، رغم المصادقة عليه، لا يزال بحاجة إلى نظام تفصيلي يحدد الإجراءات المطلوبة، مثل آليات التسجيل الرسمية للتجارة الإلكترونية.

وبيّن أن وزارة الاقتصاد الوطني، بالتعاون مع وزارة الاتصالات والاقتصاد الرقمي، بدأت العمل على إعداد القانون منذ عام 2021، عقب جائحة كورونا، نتيجة لتنامي التجارة الإلكترونية وتزايد الشكاوى الواردة للوزارة من مستهلكين وتجار على حد سواء. فقد أشار بعض المستهلكين إلى أن البضائع التي وصلتهم لم تكن مطابقة للمواصفات المعلنة، أو واجهوا مشاكل في الإرجاع، أو أن المنتجات كانت خطرة. في المقابل، عبّر عدد من التجار عن استيائهم من انتشار التجارة الإلكترونية دون وجود التزامات واضحة على القائمين بها، في حين تُفرض عليهم التزامات تشغيلية وضريبية.

وأكد شاور أن القانون، الذي يتضمن 28 مادة قانونية، يهدف إلى حفظ حقوق المستهلكين من جهة، والتجار من جهة ثانية، والدولة من جهة ثالثة.

هل يفرض القانون ضرائب على المتعاملين بالتجارة الإلكترونية؟

وفيما يتعلق بفرض الضرائب، أوضح شاور أن القانون لا يتضمن نصا صريحا حول هذا الموضوع، مشيرا إلى أن قوانين أخرى مثل قانون القيمة المضافة وقانون ضريبة الدخل هي التي تعالج هذه المسائل.

وأضاف أن ما ينطبق على التجارة التقليدية يُفترض أن ينطبق على التجارة الإلكترونية، مؤكدا أن الهدف الأساسي من القانون هو حماية حقوق المستهلك وتحقيق العدالة بين التجار، وليس التضييق على التجارة الإلكترونية، بل تنظيمها.

وأشار إلى أن القانون يلزم المتعاملين بالتجارة الإلكترونية بالتسجيل عبر منصة رقمية لضبط العمليات خارج السوق الرسمي، مع منح مهلة لتصويب الأوضاع للمتعاملين غير الرسميين، مع إمكانية ملاحقة غير الملتزمين قانونيا.

وأوضح أن المنصة تتيح للشركات المسجلة في وزارة الاقتصاد إتمام عمليات التسجيل الإلكتروني إذا رغبت بذلك، كما تفتح المجال أمام المتعاملين عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتسجيل أعمالهم بشكل رسمي.

وأضاف أن المنصة الإلكترونية ستوفر أيضًا فرصًا للتدريب والتأهيل، إلى جانب تقديم حوافز، مثل تشجيع استخدامها في الترويج للمنتج الوطني داخل فلسطين وخارجها.

لا توجد تقديرات رسمية دقيقة لحجم التجارة الإلكترونية في فلسطين

وحول حجم التجارة الإلكترونية في فلسطين، أكد شاور أنه لا توجد تقديرات رسمية دقيقة بهذا الخصوص. أما فيما يتعلق بفرض ضرائب على الشركات الكبرى مثل "فيسبوك" وغيرها، التي تحقق أرباحا بملايين الدولارات من السوق الفلسطينية، فقد أوضح أن القانون لا يتناول هذا الموضوع، بينما تعمل وزارة الاتصالات والاقتصاد الرقمي على إعداد قانون خاص بذلك.

وكانت دراسة صادرة عن معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس" قد أشارت إلى أن حجم التجارة الإلكترونية عالميا بلغ 25.6 تريليون دولار في عام 2018، أي ما يعادل 30% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وفقا لتقديرات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد). وقد خلقت هذه الطفرة تحديات كبيرة للأنظمة الضريبية التقليدية التي تعتمد على تجارة السلع المادية القابلة للتتبع، وأثارت تحديات مزدوجة أمام الحكومات في معظم دول العالم.

وبيّنت الدراسة أن هذه التحديات تتمثل في الحفاظ على عائدات الحكومات الضريبية من جهة، وعدم إعاقة نمو السوق الإلكتروني والتنمية المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي من جهة أخرى، داعية إلى وضع سياسات ضريبية خاصة بالتجارة الإلكترونية تحقق التوازن بين الأهداف المالية والاقتصادية، وهو ما يُعد قضية محورية للدول المتقدمة والنامية على حد سواء.

كما أشارت الدراسة إلى اتساع نطاق التجارة الإلكترونية في فلسطين خلال السنوات الأخيرة، وهو ما انعكس في النمو الكبير في عدد الطرود البريدية الواردة من الخارج عبر البريد الفلسطيني، والتي تجاوزت 900 ألف مادة بريدية خلال عام 2019، بزيادة نسبتها 44% عن عام 2018. وأكدت بيانات مسح تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في فلسطين لعام 2019، الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أن 8.1% من الأفراد (18 سنة فأكثر) قاموا بشراء سلع أو خدمات عبر الإنترنت، فيما أشارت بيانات "أونكتاد" إلى أن نسبة المتسوقين عبر الإنترنت (15 سنة فأكثر) في فلسطين بلغت 8% من إجمالي مستخدمي الإنترنت في عام 2017، و4% من إجمالي السكان.

وقد شهدت التجارة الإلكترونية في فلسطين طفرة ملحوظة خلال جائحة كورونا، نتيجة لحالة الطوارئ والإجراءات الحكومية التي حدّت من الحركة بين المناطق، ما دفع أعدادا متزايدة من المستهلكين إلى شراء احتياجاتهم عبر مواقع التسوق الإلكتروني المحلية والعالمية، التي ارتفع عددها بشكل ملحوظ خلال تلك الفترة.