الصراع يعود الى ابجدياته الاولى
مقالات

الصراع يعود الى ابجدياته الاولى

ما يجري على ارض فلسطين التاريخية من عكا شمالا الى رفح جنوبا، يؤشر الى تغيير جوهري في ابجديات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي التاريخية. المتغير العميق هو دخول المدن والبلدان الفلسطينية في إسرائيل ومنها المدن المختلطة الى ساح الصراع ، معلنة انه لا يمكن الحديث عن انهاء الاحتلال دون انها نظام التمييز العنصري الإسرائيلي( الابارتهايد )  ، الذي يعامل نحو مليون ونصف مليون فلسطيني من السكان الأصليين داخل الدولة باعتبارهم رعايا وسكان لا حقوق لهم ، لا بل وتطلق عليهم عصابات مسلحة ومعهم أعضاء كنيست وبرعاية من الشرطة الإسرائيلية ، رافعين شعارات الموت للعرب وتقتحم بيوتهم ومساجدهم وتطلق عليهم النيران ، وتحاصرهم في بلداتهم بعشرات القوانين التي تمنع عيشا كريما او مساواة في الحقوق او إضافة غرفة او توسيع البيوت بعد سبعين عاما من إقامة الدولة . ويتعزز مسار النهاية لمرحلة كاملة محاولات التسوية الفاشلة، استمرار الحصار والتجويع لقطاع غزة ومحاولة انهاء الوحدة الكيانية للفلسطينيين بتمكين انفصاله عن الضفة الغربية، او استمرار التهويد لما تبقى من الأرض في الضفة الغربية وإخراج القدس والأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية من دائرة الصراع والحلول. تراكمات طويلة أدت الى انفجار الوضع بصورة غير مسبوقة، إذ يتوحد قرابة سبعة ملايين فلسطيني في الصراع من اجل الحقوق الطبيعية والحرية والكرامة. اليوم بهذا العنف المحمول على غطرسة القوة الغاشمة نشهد نهاية للتسوية السياسية التي قامت على مبدا حل الدولتين، بعد ان خلق المحتل وقائع على الأرض بالتوسع الاستيطاني وتهويد القدس. اليوم نشهد بداية النهاية الفعلية لكل الأدوات السياسية التي قادت مرحلة تاريخية بأكملها. فالسلطة الفلسطينية ومعها كل الأطر والفصائل وجسم منظمة التحرير المحنط والمتهالك تتهاوى الان في الميدان، فهذه التركيبة المتخلفة عن روح الشعب واستعداده المذهل للتضحية، لم يعد بإمكانها الاستمرار بادعاء تمثيل الشعب، فالذي لا يستطيع الإجابة على صرخات ونداءات القدس واللد وعكا والناصرة ورهط وخان يونس ورفح، والذي لا يستطيع التقدم نحو الشعب بإعادة الصراع الى ابجدياته الاولى الى ما قبل سبعين عاما ونيف، لا يمكنه الاستمرار في القيادة. عملت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على كي وعي الفلسطينيين لدفعهم للاستسلام ورفع الراية البيضاء، اليوم يظهر امامنا بصيص نور في نهاية النفق تحمله الأجيال الجديدة التي تتجاوز نخبة منظمة التحرير والحركات السياسية العاجزة، بالاستعداد للكفاح بكل الوسائل لكي وعي الإسرائيلي حتى يستفيق على حقيقة مرة: ان القوة العسكرية لا يمكنها حل الصراع مع السكان الأصليين، ولا خيار غير العيش المشترك والحقوق المتساوية السياسية والمدنية. ومن اليوم وصاعدا لا يمكن القبول بالخطاب الغربي الابله والمستشرق، الذي يطالب الفلسطيني الضحية بالتقدم واقتراح حلول لجلاده، الذي لا يطرح غير فناء الضحية بالقتل والتغييب والترحيل. وحتى يحين ذلك اليوم الذي لا ريب فيه، لا خيار للضحية الا المواجهة بكل الوسائل.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.