ترامب المُخَلّص للإسرائيليين أم صانع الفوضى القاتلة
مقالات

ترامب المُخَلّص للإسرائيليين أم صانع الفوضى القاتلة

تمتلأ وسائل الإعلام الإسرائيلية وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين بكلمات التزلف والتملق لحث الرئيس الأميركي دونالد ترامب التدخل في الحرب الإسرائيلية على إيران بقصف منشأة فوردو النووية "الكهف النووي" المحصنة دون إدراك لمخاطر التدخل الأمريكي، أو بقصد تحويل أهداف الحرب الإسرائيلية من تدمير البرنامج النووي إلى زعزعة النظام السياسي الإيراني وفقا لتصريحات وزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس، عبر توريط الولايات المتحدة في احتلال جديد أو سيطرة عسكرية أمريكية على الأراضي الإيرانية لخلق الفوضى القاتلة في منطقة الخليج العربي.  

هذا التملق ذو طابع الاستجداء من أجل تدخل الرئيس الأمريكي لحسم الحرب في أيام، كمخلّص للشعب الإسرائيلي، بدلاً من أسابيع أو أشهر كحرب استنزاف لا تقوى عليها الجبهة الداخلية في إسرائيل أو من أجل إبقاء إسرائيل المتفوقة عسكرياً في المنطقة كمصلحة أمريكية خالصة. هذا التزلف يتزامن مع تصريحات متعددة وللرئيس الأمريكي تشي بإمكانية التدخل العسكري الأمريكي وتبث حالة من عدم اليقين حول الموقف الأمريكي في شروط زمنية متعددة للإفصاح عن القرار الأمريكي المتخذ في هذا الشأن. 

إنّ تصريحات الرئيس الأمريكي المتعددة والمتناقضة أحيانا حول المشاركة الفعلية في العمليات الهجومية على الأراضي الإيرانية تشير في بعض جوانبها إلى الخلافات القائمة بين أجنحة الحزب الجمهوري الفاعلة في البيت الأبيض حول المصلحة الأمريكية؛ أي بين الجمهوريين اليمنيين الراغبين في المشاركة لحسم الحرب لصالح إسرائيل والجمهوريين الانعزاليين غير الراغبين في التورط بحرب خارجية تماشياً مع المفهوم القاضي بالتخلص من الإنفاق الخارجي.  

ناهيك عن المخاطر المحدقة بالمصالح الأمريكية الاقتصادية والعسكرية في هذه المنطقة في حال نشبت مواجهة ما بين إيران والولايات المتحدة؛ فالقواعد العسكرية والبوارج والسفن الحربية الرابضة في الخليج العربي في متناول الصواريخ الإيرانية من جهة، وتضرر الاقتصاد العالمي في حال تم إغلاق مضيق هرمز من جهة ثانية، والمس المباشر بمصالح حلفاء الولايات المتحدة في دول الخليج العربي وأراضيهم جهة ثالثة، وتحول إيران ذات المساحة الشاسعة إلى منطقة فوضى، في حال انهيار النظام السياسي الحاكم، بوجود مجموعات أو مليشيا مسلحة تمتلك أسلحة متطورة قريبة من مناطق النفط في دول الخليج العربي مما يهدد أمن المنطقة واقتصادها من جهة رابعة، وخطر تسرب إشعاعات نووية جراء ضرب المنشآت النووية تؤثر على مجمل المنطقة المجاورة لإيران من جهة خامسة. 

ومن جهة سادسة احتمالية عودة حلفاء إيران "محور المقاومة" إلى الواجهة ومنحهم شرعية العمل المسلح من جديد؛ خاصة لجماعة أنصار الله عبر العودة لإغلاق مضيق باب المندب وملاحقة السفن العسكرية والتجارية الأمريكية، واحتمالية مشاركة حزب الله وفصائل عراقية في هذه المواجهة خوفاً من الأطماع الاستعمارية وتسييد إسرائيل في المنطقة من جديد. إضافة إلى الخوف من التورط بحرب خارجية طويلة الأمد يتعرض خلالها الجنود الأمريكيون للمخاطر والقتل كما حدث في فيتنام والعراق وأفغانستان من جهة سابعة، واحتمال تحول هذه الحرب "الإسرائيلية الإيرانية" إلى حرب إقليمية وربما عالمية إذا ما تدخلت قوى عالمية عضوة في نادي الدول النووية مثل الباكستان من جهة ثامنة. ناهيك عن زيادة حالة الانقسام الداخلي في الولايات المتحدة سواء في الطبقة السياسية أو المجتمع الأمريكي خاصة إثر استمرار الاحتجاجات على سياسات دعم إسرائيل وجرائمها في قطاع غزة على مدار الواحد وعشرين شهراً الماضية من جهة تاسعة. 

إنّ دعوة الإسرائيليين للرئيس الأمريكي دونالد ترامب للانخراط في الهجمات العسكرية تحوله من مخلّص للشعب الإسرائيلي من مغامرات رئيس حكومتهم العسكرية إلى داعم للفوضى القاتلة في المنطقة خدمةً لأطماع نتنياهو السياسية الضيقة.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.