تقرير: "الخيط القرمزي".. جدار فصل جديد يهدد محافظة طوباس والأغوار الشمالية
أهم الأخبار

تقرير: "الخيط القرمزي".. جدار فصل جديد يهدد محافظة طوباس والأغوار الشمالية

صدى نيوز - قال تقرير أعده المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، إن محافظة طوباس والأغوار الشمالية في دائرة الخطر المباشر بسبب المخططات الاستعمارية، التي ازدادت وتيرتها في الآونة الأخيرة.

وأضاف المكتب في تقريره الأسبوعي، الذي يرصد الفترة من 27-11 إلى 5-12 الجاري، أنه رغم تعهد الرئيس الاميركي دونالد ترمب لقادة عدد من الدول العربية والاسلامية بمنع اسرائيل من ضم الضفة الغربية أو أجزاء منها، إلا أن التطورات الجارية في محافظة طوباس والأغوار الشمالية تؤكد أنها في دائرة الخطر المباشر، أكثر من أي وقت مضى.

وأشار إلى أن سلطات الاحتلال أصدرت مؤخرا كما هو معروف تسعة أوامر عسكرية جديدة تقضي بوضع اليد على مساحات كبيرة من الأراضي في المحافظة، تشمل أراضي ملكية خاصة وأخرى مصنفة كأراضي دولة، بهدف إنشاء طريق عسكري جديد يربط بين "عين شبلي" وقرية "تياسير"، بطول يزيد على 40 كيلومترًا، وتمتد من أراضي طمون، مرورًا بسهل البقيعة شرق قرية عاطوف، ومنطقة عينون في طوباس، وصولا إلى منطقة يرزا شرق طوباس، وحتى الأراضي الواقعة شرق قرية تياسير.

وأوضح أن قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال آفي بلوت قد شن مع قيادات المستعمرين فجر السادس والعشرين من الشهر الماضي حربا مفتوحة على المحافظة، أطلق عليها اسم "الحجارة الخمسة"، في إشارة إلى خمس مناطق تتركز فيها العملية، تشمل: مدينة طوباس، وبلدة طمون، وبلدة عقّابا، وبلدة تياسير، ومخيم الفارعة ومحيطه، بحجج أمنية واهية.

ونوه التقرير إلى أنه من الواضح وفق سير هذه الحرب على المحافظة، التي استمرت لأسبوعين، أن الاحتياجات الأمنية التي يطرحها جيش الاحتلال تُستخدم كغطاء لخطوات سياسية وميدانية توسعية تهدف إلى التضييق على الفلسطينيين وتدمير مقومات الزراعة الفلسطينية، إذ يمارس التضييق على المزارعين كأدوات ضغط تهدف من جهة إلى إضعاف القطاع الزراعي الفلسطيني، ومن جهة أخرى إلى تهيئة الأرض للاستيلاء عليها، وصولا إلى تهجير المواطنين من المنطقة برمتها.

وأوضح أن العمليات العسكرية الجارية في محافظة طوباس والأغوار الشمالية لا تمت بصلة للدواعي الأمنية التي تروّج لها سلطات الاحتلال، فليس من بين أهدافها ما يعبر عن أي مخاوف أمنية حقيقية، بقدر ما تأتي في سياق مشروع أوسع يتعلق بالتدريب العسكري، والتهيئة الميدانية لخطوات سياسية واستيطانية مستقبلية، وعلى رأسها ضم الأغوار الشمالية.

وحسب التقرير: ترافقت هذه العملية العسكرية مع حملة دهم وعمليات اقتحام لمنازل المواطنين، وتحويل بعضها إلى ثكنات عسكرية.

 ونقلا عن صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، فقد شاركت ثلاثة ألوية من جيش الاحتلال في العملية، هي: "منشي"، و"الشومرون"، و"الكوماندوز"، حيث بدأت بإغلاق الطرق الرئيسية في المحافظة، لتعزيز السيطرة على المنطقة، وفرض حظر تجول شامل على مدينة طوباس والبلدات المجاورة، واغلاق جميع المداخل بالسواتر الترابية والحواجز العسكرية، ما حوّل محافظة طوباس إلى "منطقة عسكرية مفتوحة"، بدلاً من أن تكون مجتمعا مدنيا.

وحسب ما أوردته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فقد شرع جيش الاحتلال بتنفيذ مقطع جديد من جدار فصل عنصري في عمق الأغوار الشمالية، في خطوة وصفها مواطنون وحقوقيون بأنها الأخطر منذ سنوات، كونها تُحوِّل عشرات التجمعات إلى مناطق محاصرة، وتقطع صلتها بمساحات واسعة من الأراضي الزراعية والرعوية.

وبحسب الصحيفة ذاتها، يمتد المقطع الحالي بطول 22 كيلومترًا، وبعرض يصل إلى 50 مترًا، ويقع على مسافة تزيد على 12 كيلومترًا غرب الحدود الأردنية، وتشمل الأعمال الجارية تجريف منشآت سكنية، وزراعية، وخيام، ومخازن، ومقاطع من شبكات المياه، ضمن ما يعرف بالمشروع العسكري "الخيط القرمزي".

وكانت سلطات الاحتلال قد أبلغت خلال الأيام الماضية عددًا من العائلات في منطقتي عين شبلي وخربة عاطوف بأوامر هدم فورية خلال أسبوع، تمهيدًا لشق المسار الجديد للجدار، ويخشى السكان من أن تتحوّل قراهم إلى جزر معزولة، خصوصًا خربة يرزة التي يقطنها نحو 70 فردًا يعتمدون على تربية المواشي في مساحة تقدّر بـ400 دونم سيتم تطويقها بالكامل.

وتشير الوثائق العسكرية إلى أن الجدار سيُستخدم كطريق دوريات ترافقه سواتر ترابية وقنوات عميقة، بينما يجري إنشاء سياج أمني في عدة مقاطع.

وفي هذا الصدد، يقدّر الخبير في شؤون الاستيطان درور أتكاس من جمعية "كرم نابوت" المتخصصة برصد الإجراءات الإسرائيلية للسيطرة على الأرض الفلسطينية، أن المرحلة الحالية من مشروع "الخيط القرمزي" ستؤدي إلى فصل المزارعين وأصحاب الأراضي في بلدات طمون وطوباس وتياسير والعقبة عن مساحات شاسعة من أراضيهم، تصل إلى نحو 45 ألف دونم، والتي ستقع بين شارع ألون والجدار الجديد.

وتضم المنطقة المستهدفة الواقعة بين شمال الأغوار وحاجز الحمرا سبع مستعمرات قائمة، إضافة إلى 16 بؤرة رعوية على هيئة مزرعة.

إلى ذلك، كشف تقرير إخباري نشره موقع "واي نت" العبري الأسبوع الماضي، عن مسؤولين إسرائيليين من مجلس "شومرون" الإقليمي، الذي يرأسه الليكودي اليميني المتطرف "يوسي داغان"، وبلدية مستعمرة "روش هاعين"، أطلقوا مبادرة مشتركة لإنشاء مدينة استعمارية جديدة في الضفة الغربية، تحت اسم "روش هاعين الشرقية" على أراضي حكومية في مرتفعات الضفة الغربية الشمالية، وتستوعب أكثر من 130 ألف مستعمر.

 ويرى المسؤولون أن المشروع يشكل امتداداً لرؤية "مليون في السامرة"، التي تهدف إلى زيادة عدد المستعمرين إلى مليون نسمة، وتعزيز الوجود الاستعماري بحلول العام 2050.

ويؤكد المؤيدون للمشروع، أن الهدف من إنشاء المدينة ليس ديمغرافيا فحسب، بل إستراتيجيا وأمنيا بالدرجة الأولى، كما أنهم يروجون لها على أنها تشكل "حزاماً أمنياً" حيوياً لوسط إسرائيل لحماية مناطق، مثل: "روش هاعين" من تهديدات مستقبلية.

وجاء الإعلان عن المدينة المقترحة خلال زيارة قام بها داغان وساغي لمزرعة "ليرنر"، التي تقع بين مستعمرات "بدوئيل"، و"ليش م"، و"بروخين"، و"عيلي زهاف"، على أراضي محافظتي قلقيلية وسلفيت.

 وأفاد الموقع الاخباري الإٍسرائيلي "واي نت"، بأن فرقا من مجلس "شومرون" وبلدية "روش هاعين" عملت خلال الشهرين الماضيين على إعداد خطة تشمل ربط الأحياء الشرقية لـ"روش هاعين" بمستعمرة "ليشم" لتشكيل كتلة عمرانية وزراعية متصلة، ودعا القائمون على المبادرة الحكومة إلى إقرار المشروع رسمياً.

على صعيد آخر، نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية الأسبوع الماضي تحقيقا مثيرا بعنوان "من أجل يهودا: الجيش الإسرائيلي يتحوّل عجلة في ماكينة المستوطنين"، يلقي الضوء على مشروع على الشبكة العنكبوتية: "واتس اب"، و"تلغرام"، وصفحات "انستغرام"، و"يوتيوب"، يدعو فيه جيش الاحتلال الجنود والجمهور إلى زيارة بؤر استعمارية ومواقع أثرية في الضفة الغربية، بما في ذلك بالمناطق (أ)، و (ب).

ويعمل المشروع من خلال مجموعات منظمة يديرها جيش الاحتلال، ويقدم المضمون ضباط وجنود ومرشدين ورجال آثار مدنيون وشخصيات سياسية من المستعمرات، وقد أقيم على يد جندي خدم في لواء "يهودا"، ويواصل قيادته حتى اثناء وجوده في خدمة الاحتياط، مع دعم كامل من قادته الكبار.