
هل انتهى المشروع الوطني الفلسطيني التحرري؟
تحت وقع الصدمة التي سببتها جرائم الاحتلال في غزة والضفة ونتيجة سيطرة الإعلام المعادي الذي يتلاعب بعقول الناس السُذج ويروج للرواية اليهودية ويردد القول إن القضية الفلسطينية انتهت بهزيمة الفصائل المسلحة في غزة ومن يدعمها من محور المقاومة ،وأن السلطة الفلسطينية ضعيفة وفاسدة وعلى وشك السقوط ، ومع استمرار الانقسام الفلسطيني وتعنت كل طرف وتمسكه برؤيته وموقفه الخ نتيجة ذلك نجد من الفلسطينيين والعرب من يعتقد أن المشروع الوطني الفلسطيني قد انتهى وعلى الفلسطينيين التسليم بالأمر الواقع والتخلي عن مقاومة الاحتلال وعن طموحاتهم ومطالبهم بدولة فلسطينية مستقلة على أرض فلسطين.
فهل بالفعل انتهى المشروع الوطني ووصلت القضية الوطنية الفلسطينية لطريق مسدود وبالتالي ضاعت التضحيات من شهداء وجرحى وأسرى ومعاناة التشرد وما راكمته الحركة الوطنية والشعب بصموده وصبره من إنجازات سياسية ودولية طوال مائة عام ذهب كل ذلك هباءً منثوراً؟ أم للمشهد قراءة أخرى مغايرة تماماً؟
لا نريد تجميل الصورة والمشهد من الناحية الميدانية وما يجري على أرض الواقع كما لا نعفي الطبقة السياسية والأحزاب من المسؤولية عما آلت له الأمور، وخصوصاً بعد المغامرة غير المدروسة والمتهورة لحركة حماس والفصائل المسلحة في طوفان السابع من أكتوبر 2023 مما منح العدو مزيدا من المبررات والذرائع لينفذ مشاريعه في التدمير والاستيطان والتهجير ولكن ،،،
الطبقة السياسية والأحزاب المقاوِمة وغير المقاوِمة والسلطة وحتى منظمة التحرير، كل هؤلاء الذين فشلوا أو انهزموا والمتهمين بالفساد ليسوا المشروع الوطني بل مجرد أدوات لتنفيذه، وغالبيتهم لا يمثلون تمثيلا صحيحا الشعب والقضية، وبالتالي لا يرتبط مصير الشعب والقضية والمشروع الوطني بهم. كما أن المشروع الوطني لا يتحمل مسؤولية فشل الأنظمة والأحزاب العربية التي كانت تقول بتحرير فلسطين وتعتبر إسرائيل عدوا استراتيجيا للأمة وبعضها طبع علاقاته مع العدو.
ليس هذا قولاً عاطفياً ومحاولة لرفع المعنويات وبالتأكيد ليس تساوقاً مع حركة حماس ومشايعيها الذين يزعمون أنهم انتصروا في حرب غزة دون أن يعيروا اهتماماً بدمار 80 % من القطاع وفقدان حوالي ربع مليون ما بين شهيد ومفقود وجريح وأسير ومعاق، وفي حقيقة الأمر إن النصر المزعوم كان لحزب إسلامي لا يمثل الشعب ومن خارج المشروع الوطني والوطن أكبر وأهم وأسبق في الوجود من الأحزاب.
المشروع الوطني هو تعبير عن إرادة شعب فلسطين بالتحرر من الاستعمار الصهيوني وعودة الحياة الطبيعية بشعب فلسطين عبى أرض فلسطين قبل النكبة ، وبالتالي هو عابر للأحزاب وقياداتها وسابق عليها، وهو يقوم على ثلاث مرتكزات:
١-الشعب، وهو ما زال موجوداً ومتجذراً في ارضه منذ أكثر من الربعة آلاف سنة، وهناك داخل الوطن حوالي ٧ مليون فلسطيني ومثلهم خارج فلسطين ينتظرون العودة لها، وغالبية دول العالم تعترف بوجود الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره الوطني على أرضه.
٢-الشرعية التاريخية، المشروع الوطني لا يستمد شرعيته من الأحزاب بل، بالإضافة الى وجود الشعب، من الحقائق التاريخية من كُتب ووثائق أكدتها وعززتها لاحقاً الشرعية الدولية سواء تعلق الأمر بقرارات الأمم واعترافها بدولة فلسطين أو الاعترافات المنفردة لغالبية دول العالم بدولة فلسطين وبمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب وبالسلطة الفلسطينية.
٣-عدالة القضية، وهي تُستمد من العنصرين السابقين ومن رأي عام عالمي داعم ومؤيد لفلسطين وشعبها ورافض للصهيونية والاحتلال، وقد أصبحت عدالة القضية أكثر بروزاً وتجلياً بعد حرب الإبادة والتطهير العرقي التي شنها جيش الاحتلال على كل شعب فلسطين في الضفة وغزة.
اذاً المشروع الوطني ما زال قائماً وكل ما يجري من تراجعات وانتكاسات وأوجه فشل سياسية وعسكرية إنما تمس الأدوات التنفيذية أو الإدارة التي قالت إنها تمثل المشروع الوطني وتقوده، وكان الفشل الأكبر لأحزاب مقاومة تشكلت خارج السياق والمشروع الوطني بل وناصبته العداء ورهنت نفسها بمرجعيات خارجية سواء كانت جماعة الإخوان المسلمين أو ايران، ونقصد هنا حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي.
وخلاصة القول القضية الفلسطينية ما زالت حية وتفرض حضورها عالمياً وعلبنا ألا ننخدع أو نرتعب من تهديدات اليمين الصهيوني وترامب فأزمة إسرائيل لا تقل عن أزمة الفلسطينيين، فبالرغم من التفوق العسكري والتكنولوجي للعدو وقوة تحالفاته الخارجية ابلا أن أزمته الاستراتيجية تكمن في وجود وصمود شعبنا في أرضه.
ولو كان المشروع الوطني فشل والقضية الوطنية انتهت ما كان كل هذا السعي المحموم لتهجير سكان القطاع خارجه، وإذا تكاتفت الجهود الوطنية والعربية والدولية لأفشال مخطط ترامب الجنوني وما أثاره من ضجيج، فإن القضية الفلسطينية والمشروع الوطني سيعودان مجدداً لواجهة الأحداث ولكن الأمر يحتاج لتجديد أدواته من طبقة سياسية ونظام سياسي فلسطيني.

اليمن والكويت بين الكلمة الصادقة والفعل الثوري.. ولا عزاء للمتخاذلين

أي إصلاح مستدام لقطاع الأمن نريد!

ابـتـسـامـة الأسـتـاذ

عن دروز سورية: عودة إلى ما قاله فرو في كتابه...

غزة: كارثة إنسانية بين المجاعة والإبادة

بين الحضارة والهمجية...

المطلوب لتحصين السلطة الفلسطينية
