كيف أصبح اقتصاد الخليل زمن الحرب على غزة؟
مقالات

كيف أصبح اقتصاد الخليل زمن الحرب على غزة؟


تعدّ محافظة الخليل، الواقعة جنوبي الضفة الغربية، مركزًا تجاريًا واقتصاديًا مهما. تمتاز بمساحتها البالغة 997 كيلو متر مربع، وتعدّ الأكبر في الضفة الغربية من حيث المساحة والسكان، حيث يبلغ عدد سكانها حوالي 800 ألف نسمةوتشكل حوالي 16% من أراضي الضفة الغربية حسب دائرة الإحصاء المركزي الفلسطيني. تاريخيًا، كان للخليل أهمية اقتصادية متميزة، حيث كانت تقع على مفترق طرق التجارة بين الشام ومصر. ولا زالت تشتهر بصناعاتها التقليدية مثل الزجاج والخزف والفخار، إضافة إلى صناعة الكوفية الفلسطينية.

تعتبر الخليل أحد أجزاء المربع السياحي الفلسطيني بالشراكة مع بيت لحم، اريحا والقدس ولها دور في استقطاب السياحة الإسلامية الى فلسطين والتي عانت للأسف في السنوات السابقة بسبب جائحة كورونا وبدأت بالتعافي خلال العام المنصرم حتى تاريخ السابع من أكتوبر الذي يعتبر نقطة فاصلة في القطاع السياحي في الخليل وفي فلسطين بشكل عام حيث انقطعت السياحة بشكل عام وقامت العديد من الوفود القادمة سواء بالزيارة او الإقامة بإلغاء زيارتها بسبب الحرب القائمة في غزة في ظل موسم الحجيج المسيحي الى فلسطين بسبب الأعياد المسيحية. القطاع السياحي الذي لا يشمل فقط العاملين في الارشاد السياحي بشكل مباشرو السنتواري بل يتعدى ذلك الى العاملين في المطاعم والمقاهي التي تقدم خدمات لهؤلاء الزوار و الحافلات السياحية التي تنقل هذه الوفود بين المدن الفلسطينية المختلفة. السياحة الداخلية التي تشمل أهلنا في الداخل الفلسطيني والقدس والتي كانت تشكل رافداً مهماً للتجارة في محافظة الخليل للأسف انقطعت منذ السابع من أكتوبر بسبب الحرب على غزة وصعوبة التنقل عبر الحواجز واغلاق المدن التي قام بها الاحتلال الإسرائيلي.

قال مدير مديرية الاقتصاد في الخليل مهيب الجعبري، "إنه منذ بدء العدوان على قطاع غزة سجلت محافظة الخليل خسائر اقتصادية كبيرة قدرت بملايين الشواقل بسبب اجراءات الاحتلال الإسرائيلي، التي تحد من تنقل الأفراد والبضائعوأوضح، ان الخليل تعتمد في نشاطها الاقتصادي بشكل أساسي على تسويق المنتجات المصنعة إلى السوق المحلية في الضفة، وقطاع غزة، إضافة الى داخل أراضي عام 1948، والتصدير إلى الخارج، مبينا أن المحافظة سجلت خسائر كبيرة، نتيجة اغلاق المناطق المحاذية للمستعمرات في البلدة القديمة، والمسجد الإبراهيمي الشريف" حسب تقرير نشرته وزارة الاقتصاد الوطني.

أدى اغلاق الاحتلال مداخل المدن والقرى في محافظة الخليل وتسكير الطرق بينها، وايضا الطرق بين المحافظات، الى حرمان المحافظة من عدد كبير من المتسوقين وصعوبةالتنقل، أدى الى ارتفاع أسعار العديد من السلع. تم فرض منع التجوال منذ بداية الحرب على المنطقة المجاورة للحرم الابراهيمي الشريف في منطقة السهلة، ووادي النصارى وحارة جابر والسلايمةوتلالرميدةوغيرها من المناطق الواقعة في القسم الجنوبي للخليل او ما يسمى H2القسم الواقع حسب بروتوكول الخليل عام 1997 تحت سيطرة الاحتلال. تم الاستيلاء على موجودات بعض المطابع وشركات الدعاية والمخارط بأوامر عسكرية إسرائيلية، حيث قدرت موجوداتها المستولي عليها حسب وزارة الاقتصاد بنحو 4 مليون شيقل. تراجعت القوة الشرائية في المحافظة بشكل كبير كما هو الحال في باقي المحافظات الفلسطينية بسبب الحرب وبسبب تعطل وتأخر رواتب موظفي القطاع الحكومي وامتناع العمال من العمل في الداخل الفلسطيني، وحرمان السوق المحلي من رافد أساسي وهو المتسوقين من الداخل الفلسطينيين، اضافة إلى تراجع كبير في مبيعات بعض المصانع المحلية في الداخل يصل إلى 80%وفي قطاع غزة بسبب الاغلاق الشامل بسبب الحرب والذي يشكل لبعض مصانع المواد الغذائية حوالي 35% من مبيعاتها الى قطاع غزة، والعديد من المصانع التي تسوق منتجاتها في الداخل المحتل خاصة قطاع مناشير الحجر والصناعات البلاستيكية.

تأثر قطاع المنتجات الزراعية سواء كانت الفواكه او الخضار بسبب اغلاق قطاع غزة الناتج عن الرب فيها وبالتالي خلت الأسواق الفلسطينية من الفراولة المصنوعة في غزة والطماطموغيرها التي كانت رافداً للسوق المحلي من قطاع غزة ناهك عن العديد من المنتجات الأخرى التي تقلصت في الأسواق الفلسطينية بسبب الحرب وبالتالي انعكس على ارتفاع كبير في أسعارها الذي أدى الى انتقادات واسعة من جمعيات حماية المستهلك الفلسطينية التي ترى هذا الارتفاع مبالغ فيه ويزيد من معاناة المواطن الفلسطيني في ظل الحرب على غزة.


* خبير اقتصادي والمدير السابق لغرفة تجارة وصناعة محافظة الخليل 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.