أين يتجه الدولار الأمريكي مقابل الشيكل  حتى نهاية 2023؟
مقالات

أين يتجه الدولار الأمريكي مقابل الشيكل حتى نهاية 2023؟

لامس سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الشيكل رقماً جديداً نهاية الأسبوع الماضي، حيث وصل إلى 3.85 شيكل، وتعود قوة الدولار الأمريكي أمام الشيكل المتصاعدة منذ مارس الماضي لأسباب متعددة، أهمها الإصلاح القضائي في "إسرائيل"، والانخفاضات الأخيرة في بورصة وول ستريت، مروراً بتحويل "الإسرائيليين" مدخراتهم إلى الاستثمارات في الخارج.

لقد أصبح ارتفاع الدولار الأمريكي أمام الشيكل روتينيًا أسبوعياً لن يتوقف قريباً طالما استمر الحديث السياسي عن الإصلاحات القضائية، ولم يتدخل بنك إسرائيل، ويأتي السؤال المعقد إلى متى سيستمر هذا الارتفاع؟ وما هي المتغيرات التي ستقرر سقف هذا الارتفاع؟ بصراحة الإجابة هي مزيج من السياسة والاقتصاد، وعلم النفس، لذلك سنقوم في هذا المقال بالحديث أكثر عن المتغيرات أو الأسباب التي تدعم وتعزز قوة الدولار الأمريكي أمام الشيكل.

أولاً: الإصلاح القانوني
بمجرد الحديث عن خطة إصلاح النظام القضائي من قبل الحكومة "الإسرائيلية"، بدأت الاضطرابات في سوق الصرف الأجنبي في "إسرائيل". ومنذ ذلك الحين، يعاني النظام المالي "الإسرائيلي" بأكمله من حالة عدم الاستقرار وعدم اليقين، وعندما ننظر إلى أداء الدولار الأمريكي حول العالم مقابل سلة العملات الأخرى نرى أنه متوسط ارتفاعه منذ بداية العام يزيد قليلاً عن واحد في المئة، مقابل ارتفاعه بنسبة 10 في المئة مقابل الشيكل. ويرى المحللون "الإسرائيليون" بأنه بدون ردود فعل السوق على الإصلاحات القضائية، كان من المحتمل أن يكون الدولار اليوم عند حوالي 3.35-3.55 شيكل مقابل الدولار الأمريكي.

ولعل المداولات المقبلة في المحكمة العليا خلال الأسبوع الحالي حول قانون المعقولية والحديث عن التسوية بين الحكومة والمعارضة "الإسرائيلية"، تزيد في الساعات المقبلة من حالة عدم اليقين، وتزيد مخاوف المستثمرين، وخاصة الأجانب.

ثانياً: زيادة في مستوى التشاؤم
إذا كانت التقلبات الحادة في سوق أسعار الصرف في البداية في كلا الاتجاهين، يبدو الآن أن الجانب المتشائم هو المسيطر وسعر صرف الدولار الأمريكي مقبل على مزيد من الارتفاع. على سبيل المثال، عندما تحدث رئيس "إسرائيل" يتسحاق هرتسوغ عن حقيقة أن "التسوية تقترب"، في في شهر مارس، تعززت قيمة الشيكل بشكل ملحوظ. وفي شهر يونيو أيضًا، عندما كانت المحادثات لا تزال جارية في منزل الرئيس، تم تسجيل اتجاه إيجابي فيما يتعلق بالشيكل. وحتى تقرير في صحيفة وول ستريت جورنال حول التقدم في المحادثات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية حول التطبيع مع "إسرائيل"، عزز موقف الشيكل.

ولكن في الأسابيع القليلة الماضية الأخبار الإيجابية حول اقتراب التسوية أخذت شكلاً مغايراً ولم تقنع المستثمرين بالاستثمار في الشيكل. فعلى سبيل المثال، نشرت شركة التصنيف فيتش تقريراً إيجابياً شاملاً عن "إسرائيل" في 14 أغسطس/آب، وحافظت على التصنيف الائتماني والتوقعات المستقبلية للاقتصاد "الإسرائيلي"، والإعلان عن أكبر صفقة أسلحة في تاريخ "إسرائيل" لألمانيا، أو إعلان الأحزاب الحريدية أنها لن تدعم المزيد من التشريعات القانونية حتى يتم إقرار قانون التجنيد، وقد شهد سوق الصرف مزيداً من قوة الدولار الأمريكي.

ثالثاً: تأثير الدور النفسي في السوق
لا يزال علم النفس يحتل مكاناً مركزياً في السوق، فمنذ حوالي ثلاثة أسابيع، فالحديث كان بداية عن إمكانية تجاوز سعر الصرف مستوى 3.75 لفترة طويلة، وعندما حدث ذلك، تساءل السوق عن السقف التالي، إن سوق الصرف الأجنبي هو سوق مضاربة ويعكس إدارة التوقعات. وقد قال أحد المحللين الماليين: "إن علم النفس عامل رئيسي هنا". وبالتالي، فإن كل اختراق لخط المقاومة يؤدي في الواقع إلى استمرار انخفاض قيمة الشيكل. منذ 15 أغسطس، لم يغلق سعر صرف الدولار ولو مرة واحدة دون 3.75 شيكل، مما دفع المحللين الماليين إلى الحديث بأن نقطة المقاومة التالية ستكون 3.88 شيكل، وهو المستوى الذي تم تسجيله ليوم واحد فقط خلال فترة كورونا ودفع إلى تدخل بنك "إسرائيل". وبالتالي ستكون هناك نقاط مقاومة تالية 3.9 أو حتى 4 شيكل.

تأثير بورصة وول ستريت
إحدى النقاط التي دعمت الشيكل، على الرغم من انخفاض قيمته منذ بداية العام، هي بورصة وول ستريت. منذ بداية العام والتي سجلت حتى نهاية نهاية يوليو/تموز ارتفاعاً كبيراً انعكس على ارتفاعات بلغت نحو 20% في مؤشر ستاندرد آند بورز 500، وتقريباً الضعف في مؤشر ناسداك، ولكن في شهر أغسطس خسرت بورصة وول ستريت أكثر من تريليون دولار من قيمتها السوقية لتصل إلى 58 تريليون دولار وسط انخفاض جماعي لمؤشرات الأسهم الرئيسية وفي مقدمتها مؤشر ناسداك المركب الذي سجل أكبر خسارة شهرية منذ بداية العام الحالي.

وبالتالي حتى لو لم يحدث شيء جديد وظلت حالة عدم اليقين على ما هي عليه، فإن الانخفاضات في وول ستريت وحدها يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع قيمة الدولار مقابل الشيكل. إذا استمر الاتجاه السلبي في وول ستريت، فمن المتوقع أن يستمر الدولار في قوته.

تراجع الاستثمارات في "إسرائيل" 
ساهم الانخفاض الحاد في الاستثمارات في "إسرائيل" خاصة في قطاع التكنولوجيا المتقدمة في انخفاض قيمة الشيكل، وقد أعلنت وزارة المالية خلال الأسبوع الماضي عن انخفاض بنسبة 60% تقريبًا في إجمالي الاستثمارات الأجنبية في "إسرائيل" في الربع الأول من عام 2023. وعلى الرغم من ازدهار الصناعات الدفاعية، إلا أن هذا لا يزال غير كافي. بالإضافة إلى ذلك، يعيش السوق حالة من عدم اليقين المحيط بمستقبل المحافظ البروفيسور أمير يارون مما يضغط على المستثمرين ويساهم في انخفاض قيمة الشيكل.

الخلاصة أن كل المتغيرات المؤثرة على سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الشيكل "الإسرائيلي" ومنها استمرار أزمة الإصلاحات القضائية، قوة الدولار على المستوى العالمي، التأثير النفسي وحالة عدم اليقين في الأسواق "الإسرائيلية"، الانخفاضات في بورصة وول ستريت وأخيراً تراجع الاستثمارات في "إسرائيل"، تؤكد بأننا سنشهد مزيداً من الارتفاع لصالح الدولار الأمريكي أمام الشيكل الإسرائيلي، وأن أي تدخل من بنك "إسرائيل" لن يكون له الأثر الكبير على سوق الصرف في "إسرائيل" لأن المشكلة سياسية بإمتياز، وأن أي حلول أو مبادرات سياسية سيكون لها أثراً إيجابياً على إعادة ثقة المستثمرين والمؤسسات العالمي في الاقتصاد "الإسرائيلي". 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.