إنما الأمم الأخلاق ما بقيت...
مقالات

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت...

خرم إبرة
كثيرة هي المشاهدات اليومية التي تجعلني أتحدث مع ذاتي، مشاهدات صغيرة.. سريعة لكن تأخذني إلى جدليات ونقاشات أستطيع تلخيصها بأن القيم الأخلاقية تتلاشى هذه الأيام. ينشغل الكبار عن الصغار، وينشغل الصغار بالاستمتاع بحياتهم. لديهم القليل من الاهتمام بالمشاكل الاجتماعية أو شؤون الأسرة. عندما تتعارض قيمك الشخصية مع قيم البيئة التي تعيش فيها، فإن كونك صادقا مع نفسك يمكن أن يخلق صراعا!
تُقذف المهملات من شبابيك السيارات، لا نحترم إشارات المرور، نخرب الممتلكات العامة، نسمع حالات لشباب يسيئون معاملة آبائهم المسنين. بسبب الحياة التنافسية العالية، تتدهور الثقافة يوما بعد يوم بسبب تأثير التأثير الغربي والأفلام ووسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية المختلفة التي غالبا ما تضلل الأجيال الشابة.
للأسف، غيرت الأدوات الإلكترونية وتطبيقات الأجهزة المحمولة أساليب التعلم. نرى في الوقت الحاضر أن الطلاب يولون اهتماما أقل لمعلميهم وآبائهم وأنهم ملتصقون بأجهزة (iPad) وأجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بهم. لقد ولت الأيام التي كان الطلاب يقدرون فيها معلميهم وكان لديهم امتنان كبير لهم.
أشاهد خدمة توصيل الطعام تنتشر في مختلف المدن وحتى القرى، ولكنها أدت إلى ظهور ثقافة جديدة. في الماضي، اعتاد أفراد الأسرة على التجمع والطهي معا وقضاء وقت عائلي جميل. لقد أفسدت العادات الغذائية للأطفال وحتى البالغين بسبب الوجبات السريعة .. المزيد والمزيد من الأطفال يعانون الآن من السمنة ولا يفهمون قيمة الطعام المغذي. ويتأثر البالغون بأمراض مثل ضغط الدم والسكري والسرطان.  
أصبحت الحياة سريعة جدا ومليئة بالضغوط اليومية بسبب تآكل القيم والمثل العليا، فقد أصبحت الحياة أكثر تعقيدا. لقد نسي الناس قيمة العيش البسيط والهادف. على الرغم من أننا نرى التعصب الديني يزداد هذه الأيام، إلا أن هناك نقصا في الروحانية وأصبح الناس أقل ورعا.
علاوة على ذلك، نشهد مشكلة الوحدة المتزايدة. أصبح الأشخاص الوحيدون مدمنين على المخدرات التي تزداد بين الشباب والتي تعطل مجتمعنا. الثأر والقتل وإطلاق النار على بعضنا البعض في تزايد، وهو أمر مخيب للآمال ويعكس نظام الدعم الضعيف لدينا.
لقد أدى الجشع إلى تدني الأخلاق والقيم، ما أدى إلى زيادة الجرائم والخوف والتهديد بين المواطنين الأبرياء. أدى الانقسام بين من يملكون ومن لا يملكون إلى حالة من الحساسية بين الناس.
الناس في عصر المعلومات مشغولون بملاحقتهم الأنانية ويفتقرون إلى القيم الإنسانية. أولئك الذين هم محظوظون بما يكفي للحصول على تعليم جيد ووظيفة مربحة، وتقلد مناصب عليا ويعيشون أسلوب حياة ثرية، بالكاد يشعرون بألم الآخرين ولا يهتمون بمشاكل حتى أقاربهم المُقربين.
خلقت القيم الأخلاقية المتدنية الاضطرابات في المجتمع. نرى الشرفاء يكافحون ويواجهون المصاعب، مع اقترابنا من العصر الرقمي، حان الوقت للحفاظ على قيمنا الأخلاقية عالية لخلق مجتمع عادل ومتساوٍ. لا يمكننا أن نحلم بعالم لطيف وصادق إلا إذا رعينا القيم الأخلاقية وحافظنا على روحنا.
يقول أمير الشعراء أحمد شوقي:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه
فقوم النفس بالأخلاق تستقم.

إذا أصيب القوم في أخلاقهم
فأقم عليهم مأتما وعويلا.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.