حكومة متطرفة: الديمقراطية أَم القانون
مقالات

حكومة متطرفة: الديمقراطية أَم القانون

حليل حول تداعيات تشكيل الحكومة الإسرائيلية: ‏

‏- نتنياهو يعود من جديد وهنا نتذكر مقولة في علم السياسة "الشيطان الذي تعرفه أفضل من الشيطان الذي لا تعرفه". ‏الافضلية هنا أننا نعرفه جيداً وعلى مدار حكومات متعاقبة طبق نتنياهو معتقداته المتطرفة على أرض الواقع من خلال ‏سياسات الفصل وضم الاراضي والتهجير القسري والاستيطان وخطط المصادرة وعزل القدس والتنكيل بالمواطنين ‏عسكرياً. من المتوقع أن نشهد فصلا أعمق للضفة عن قطاع غزة؛ لا ننسى هنا ان نتنياهو هو من دعم تمكين حماس في قطاع ‏غزة من خلال ادخال الاموال مباشرة عبر مطار بن غوريون لإيمانه بمبدأ "فرق تسد". استراتيجية نتنياهو هي الفصل ‏والضم، فهو يعتمد على فصل الفلسطينيين عن بعضهم سواء بين غزة والضفة من جهة او بين القدس والضفة من جهة اخرى، ‏وسياسته الاخرى هي الاستمرار في ضم ومصادرة الاراضي بشكل عملي يومي منظم يفرض على الارض ‏De facto‏ ‏تحت مظلة الابارتهايد بما فيه خدمة للمشروع الكولونيالي الاستيطاني. ‏

‎ ‎نتنياهو لا يحمل صفة مستوطن كنفتالي بينيت أو وزراء حكومته المرتقبة وقد يُنظر له أنه أقل تطرفاً، الحقيقة ان نتنياهو ‏أثبت للعالم مراراً وتكراراً أن لا نية له في السلام، فهو رجل الضم والاستيطان الفعلي على الارض بامتياز‎.‎

‏- عودة نتنياهو تعني عودة مكثفة لجهود السلام الاقتصادي؛ ستتربع اتفاقيات التطبيع (ابراهام) على العرش وستعود خطة ‏القرن للحياة! الاتفاقيات التطبيعية التي هندسها بالسابق نتنياهو ستأخذ شكل المشاريع الاقتصادية الاستراتيجية من الغاز ‏وبدائل الطاقة وغيره عملاً بالمدرسة البراغماتية التي تقوم على مصالح الدول بالدرجة الاولى. إحلال المسار الاقتصادي ‏مكان المسار السياسي قد يخدم مصالح الدول ولكنه لن يجلب السلام للمنطقة. ‏

‏- حكومة نتنياهو قد تكون ديمقراطية حسب التعريفات النظرية، إلا أنها بالتأكيد غير قانونية، فهي تضم أفرادا أقل ما يمكن ‏وصفهم "خارجين عن القانون" فهم ببساطة مستوطنون، وحسب التعريفات البسيطة والمباشرة للاستيطان وقرارات الشرعية ‏الدولية، وآخرها 2334 فهم غير قانونيين ولا يمكن قبولهم او التعامل معهم. سيقول بعض المحللين او افراد المجتمع الدولي ان هذه الشخصيات وبرغم تطرفها إلا أنها منتخبة وكسبت شرعيتها من خلال صناديق الاقتراع، هذا كلام حق يراد به ‏باطل ولا يسقط حقيقة انها شخصيات غير قانونية حسب تعريفات القانون الدولي ومواقفه من الاستيطان والتطرف. الجدل ‏يطول ما بين الديمقراطية والقانون، ونذكر أعضاء المجتمع الدولي أجمع أنهم رفضوا الديمقراطية التي أخرجتها صناديق ‏الاقتراع التشريعية الفلسطينية الأخيرة على اعتبارات سياسية! ‏‏- تصاعد اليمين في الحكومات الخمس الأخيرة بشكل ملحوظ، هناك فروق تفصيلية في رؤساء الوزراء بين يائير لابيد ‏ونفتالي بينيت وبيبي نتنياهو، ولكنهم متشابهون جداً في تطرفهم اليميني الصهيوني، وفي سياساتهم العنصرية وتوجهاتهم ‏الكولونيالية الاستعمارية. من الطبيعي ان إشراك عدد من أقصى المتطرفين والمستوطنين الإرهابيين في هذه الحكومة سيكون ‏له أبعاد سلبية على دولة الاحتلال؛ سيظهر الوجه الحقيقي العنصري والإجرامي لدولة الاحتلال، من المتوقع من أعضاء ‏المجتمع الدولي الذين يشهدون الجرائم اليومية الموثقة وشهدوا على اعتداءات بن غفير وغيره من المستوطنين ان يقولوا كلمة ‏حق وان يتصدوا لتلك الشخصيات العنصرية ويرفضوا التعامل مع هذه الحكومة المتطرفة. ‏

‏- الاستيطان مرفوض وغير شرعي ويعتبر عائقا اساسيا امام عملية السلام، دخول هؤلاء المستوطنين يحمل نفس الصبغة ‏غير الشرعية ويجب ان يكون هذا الكلام واضحاً وصريحاً، وهنا نتذكر موقف أعضاء المجتمع الدولي التي قاطعت اي ‏حكومة فلسطينية تشكلها حماس المنتخبة ديمقراطياً في السابق!‏

هذه الحكومة بقيادة نتنياهو لا ترى في الفلسطينيين بشراً، ولا تعترف بحقوقهم السياسية ولا الانسانية ولا تؤمن بأي دولة ‏فلسطينية، سنشهد تصعيدا في الشارع بسبب عنف المستوطنين وجنود الاحتلال، وهذا تماماً ما شهدناه في الأيام الاخيرة، ‏إعدامات ميدانية وقتل خارج عن القانون، إرهاب دولة منظم على أقل تعبير. نطالب بموقف صريح ورافض للتعامل مع هذه ‏الحكومة التي تضم شخصيات متطرفة، والتي شهدنا جرائمها الموثقة واعتداءاتها المتكررة في القدس والشيخ جراح والخليل ‏وبيت لحم وبيتا ونابلس.‏

- دلال عريقات: أستاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية.‏

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.