الدعم الأوروبي لفلسطين.. هذا ما على الحكومة فِعلُه!
رئيس التحرير

الدعم الأوروبي لفلسطين.. هذا ما على الحكومة فِعلُه!

كتب رئيس التحرير: منذ حوالي العامين، والدعم الأوروبي لخزينة السلطة الفلسطينية متوقف، ما فاقم الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة، نتيجة إجراءات متراكمة وترهل إداري وزيادة "غير مبررة" بفاتورة الرواتب.

كان السبب الرئيسي للأزمة المالية التي تعاني منها الحكومة الفلسطينية الاقتطاعات الإسرائيلية من أموال المقاصة، والتي ترتكز على اقتطاع قيمة فاتورة رواتب الأسرى وأسر الشهداء، إضافة إلى اقتطاعات أخرى دون استشارة السلطة الفلسطينية، وأحياناً دون تبرير.

جاء تأخر الدعم الأوروبي ليزيد الطين بلة، ما دفع السلطة الفلسطينية إلى استنفار دبلوماسي في أوروبا لإنقاع صناع القرار في الاتحاد الأوروبي لإعادة الدعم بأثر رجعي، مع أن مجمل الدعم الأوروبي السنوي لموازنة السلطة لا يقارن أبداً بحجم الاقتطاعات الإسرائيلية من أموال المقاصة، أو الأموال التي هي حق للفلسطينيين، ولم تعدها إسرائيل لهم، كضريبة المغادرة التي لم تحول نهائياً إلى خزينة السلطة منذ قيامها.

في الآونة الأخيرة برز شرط أوروبي جديد لاستنئاف دعم خزينة السلطة، وهو المناهج الفلسطينية التي يرى بعض الأوروبيين أنها معادية للسامية، وهو ما رفضته الحكومة الفلسطينية، فيما من المرجح أن يتم التراجع عن هذا الشرط باتفاق معين.

لم يقرأ قادة أوروبا المناهج الفلسطينية، إنما بُني قرارهم على تحريض اللوبي الإسرائيلي والرواية الصهيونية، فأن يكون الفلسطيني (فلسطينياً) هو معادة للسامية في نظر إسرائيل وحلفائها!

هذه سياسة الكيل بمكيالين التي لم تطرأ أبداً مع الأزمة الأوكرانية، بل هي منذ نكبة الفلسطينيين، فلم يؤجل أو يجمد الدعم الأمريكي لإسرائيل عند ارتكابها للمجازر بحق الفلسطينيين، ولا عندما تنكرت لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة، ولا عندما قتلت نشطاء السلام!

أوروبا حملت راية الديموقراطية في حديثها مع السلطة، طالبة إحداث إصلاحات وملاحقة وإنهاء للفساد، وتعزيز لحقوق الإنسان، وكل هذه المطالب هي مطالب الفلسطينيين أنفسهم، فلا جديد في الدعوة الأوروبية مع أننا نؤيدها، بل تحدثنا عنها قبلهم، وهنا من الضروري أن يفهم الأوروبي وصانع القرار في بروكسل أن ضرب الاقتصاد الفلسطيني يعني زيادة البطالة وما يجره ذلك من ويلات وفساد ومخدرات وعنف وجرائم.

هذه الدعوات الأوروبية دفعت رئيس الوزراء محمد اشتية للقول إن الحكومة الفلسطينية ستقدم في مؤتمر المانحين في بروكسل خلال شهر أيار أجندة إصلاح شاملة للحكومة، ويبدو أن هذا كان شرطاً للمانحين لاستئناف الدعم.

على الحكومة الفلسطينية أن تضع برنامجا اقتصاديا يواجه تحديات الخنق الاقتصادي والمالي،  وترسيخ سياسة تقشفية تشمل كل مناحي العمل الحكومي وأن لا نسمع عن ترقيات وتعينات غير مبررة وغير قانونية ولا نرى سيارات فارهة ومصاريف لا يحميها القانون والنظام.

إسرائيل والإدارة الأمريكية وكل من يقف خلف تل أبيب يسعون من خلال أموالهم لتطبيق المثل الدارج (إطعم الفم تستحي العين)، لكن قضية فلسطين ليست توسلاً أو "شحدة أموال"، إنما هو حق واستحقاق، فأموالنا المصادرة في خزائن تل أبيب تكفي لإنهاء الأزمة الاقتصادية والديون والمتأخرات التي وصلت إلى 10 مليارات دولار أو يزيد!