هل يختفي نصف مصارف العراق؟
اقتصاد صدى:يواجه القطاع المصرفي العراقي مرحلة حساسة مع بدء تطبيق خطة الإصلاح الشامل التي وضعها البنك المركزي، والتي قد تؤدي وفق التقديرات إلى خروج عدد من المصارف الخاصة عبر الاندماج أو التخارج من السوق.
وتأتي هذه التطورات في وقت تتصاعد فيه مخاوف المودعين، خاصة بعد تجارب تعثر سابقة، ما يهدد الثقة بالنظام المصرفي. ومع اتساع النقاش حول مستقبل عشرات المصارف الصغيرة أو الضعيفة، قال رئيس رابطة المصارف الخاصة العراقية، وديع الحنظل، إن المصارف العربية والخليجية أبدت رغبة حقيقية وجدية في الدخول إلى العراق. وأضاف الحنظل، في تصريحات للصحافيين، أن العراق يقف اليوم أمام واحدة من أكثر مراحل الإصلاح المصرفي عمقاً، وهو مستند إلى خريطة طريق وضعها البنك المركزي لإعادة هيكلة القطاع، وهي عملية قد تفضي إلى اندماجات أو تخارجات واسعة لضمان الالتزام بالمعايير الدولية وتعزيز قوة القطاع المصرفي.
وكشف الحنظل أن القطاع المصرفي العراقي قد يشهد موجة اندماجات أو تخارجات كبيرة، مشيراً إلى أن عدد المصارف البالغ نحو 60 مصرفاً "قد ينخفض إلى النصف أو أقل"، وذلك استجابة لتوجيهات البنك المركزي التي وصفها بأنها "رسائل إصلاحية واضحة" رغم أنها لم تُعلن رسمياً. وأكد أنه يدعم هذا النهج لأنه سيؤدي إلى قطاع مصرفي أكثر قوة وكفاءة.
ويأتي هذا الطرح منسجماً مع بيان البنك المركزي العراقي الذي أكد التزامه بالمضي في الإصلاح الشامل، وحرصه على تعزيز الاستقرار المالي والتركيز على إصلاحات هيكلية تعظم الإيرادات المحلية وتدعم توجهات الحكومة في تنويع الاقتصاد.
بيئة مناسبة للإصلاح
أكد مستشار رابطة المصارف العراقية الخاصة، سمير النصيري، أن إجراءات البنك المركزي وجهوده، بالشراكة والتشاور مع المصارف الخاصة، أثمرت في تهيئة البيئة المناسبة للبدء بتنفيذ أهداف وبرامج مشروع الإصلاح المصرفي، الذي يجري بالتنسيق مع الحكومة والشركة الاستشارية العالمية أوليفر وايمن.
وأوضح، لـ"العربي الجديد"، أن هذا المشروع يستهدف بناء قطاع مصرفي قوي وحديث ومرن، قادر على دعم النمو السريع للاقتصاد الوطني، والمساهمة في رفع الناتج المحلي الإجمالي وتعزيز القيمة السوقية للقطاع المصرفي.
وأكد النصيري أن هناك جهوداً لتمكين ونمو القطاع المصرفي الخاص خلال الفترة 2025–2028، من خلال تطوير النظام المصرفي وامتثاله للمعايير الدولية، وبناء قطاع مرن وحديث، وتعزيز ثقة المواطنين والاعتراف الدولي بشفافيته.
وشدد على إعادة تأهيل المصارف المقيدة والضعيفة للعودة الكاملة إلى النشاط، وتحويل المصارف إلى دورها الأساسي في التمويل والإقراض لتعزيز الشمول المالي، ودفع التحول نحو الاقتصاد الرقمي وسحب الأموال خارج الدورة المصرفية. وبيّن أن الإصلاح سيشمل أيضاً العمل على إعادة هيكلة القطاع المصرفي وإدماج المصارف الراغبة في إنشاء كيانات مصرفية كبيرة وقادرة على جذب المستثمرين المؤسسين وفق نسب هيكل الملكية التي اعتمدها البنك المركزي.
اندماج المصارف
وشدّد الخبير المالي والمصرفي محمود داغر على أن خطة الإصلاح المصرفي وُضعت لتحسين أداء المصارف العراقية وتحسين تصنيفها دولياً، موضحاً أن الجهة الاستشارية "أوليفر وايمن" بالتعاون مع البنك المركزي رسمت تفاصيل خطة الإصلاح ومراحلها من دون أن تتضمن أي توجه لخفض عدد المصارف.
وقال داغر، لـ"العربي الجديد"، إن الخطة استهدفت واحداً من أهم مستلزمات تحسين الأداء، وهو زيادة رأس المال انسجاماً مع ما يجري عالمياً، حيث تتمتع الكيانات المصرفية الدولية برؤوس أموال كبيرة. وأضاف أن الخطة منحت المصارف خيار الاندماج أداةً لتعزيز رأس المال، إلى جانب السماح للمصارف القادرة بالاستمرار منفردة، مؤكدًا أنه لا يمكن الجزم بانخفاض عدد المصارف "إلى النصف أو إلى الربع"، لأن هذا ليس الهدف الأساسي من الإصلاح. وبيّن أن أحد عوامل تحسين أداء المصارف حول العالم هو اندماجها لزيادة صلابتها وقدرتها على مواجهة المخاطر، مشدداً على أن إصلاح المصارف الحكومية يجب أن يسبق إصلاح المصارف الخاصة، باعتبار أن المصارف الحكومية تهيمن على 85% من الودائع في العراق و90% من الأصول المصرفية، ما يجعلها الطرف الأكبر والأكثر تأثيراً في النظام المصرفي.
مخاوف المودعين
من جانبه، أكد الباحث الاقتصادي مصطفى الفرج أن مخاوف المودعين تمثل التحدّي الأكبر في مسار الإصلاح، خاصة بعد تجارب تعثّر بعض المصارف في تسديد الودائع، وما ولّدته من أزمة ثقة متصاعدة لدى الجمهور. وشدّد الفرج على أن حماية أموال المودعين أصبحت مسؤولية مباشرة تقع على عاتق البنك المركزي العراقي، بصفته الجهة المرخصة والمشرفة على عمل المصارف، وعليه أن يضمن حقوقهم بشكل كامل خلال أي عملية اندماج أو إعادة هيكلة.
وأوضح، لـ"العربي الجديد"، أن عدد المصارف الخاصة التي تزيد على 60 مصرفاً لا يعكس قوة القطاع، بل يكشف عن تجزئة وضعف في كفاءة رأس المال، لأن جزءاً من هذه المصارف لا يقدّم خدمات مصرفية فعلية ولا يسهم في الإقراض أو النشاط الاقتصادي الحقيقي، ويعتمد في عمله على أنشطة محدودة أو مضاربات غير فعّالة.
وبيّن الفرج أن الاندماج، رغم تحفظات بعض المساهمين، يشكّل خطوة إصلاحية تمنح القطاع المصرفي قدرة أعلى على المنافسة، وترفع مستوى الثقة العامة، وتحوّل المصارف إلى أدوات فاعلة في دعم الاقتصاد بدل بقائها مجرّد كيانات اسمية أو خاملة
مصارف مهددة
في السياق، أكد الباحث الاقتصادي أحمد صباح، أن خطة البنك المركزي لإعادة هيكلة القطاع المصرفي ستدفع عدداً من البنوك الضعيفة إلى الاندماج أو التخارج، ولا سيما المصارف التي واجهت عقوبات أو قيوداً من وزارة الخزانة الأميركية أو عجزت عن تلبية متطلبات الامتثال والرسملة، ما جعل استمرارها ضمن النظام المالي أمراً يحتاج إلى مراجعة جذرية.
وأوضح، لـ"العربي الجديد"، أن خطورة هذه البنوك لا تقتصر على ضعف أدائها التشغيلي، بل تمتد إلى استخدامها في بعض الحالات قنواتٍ محتملةً لغسل الأموال وتهريب الدولار، نتيجة غياب الرقابة الداخلية وضعف أنظمة التدقيق والحوكمة، وهو ما دفع الجهات الدولية إلى التشدد في التعامل معها. وشدد صباح على أن استمرار هذه المصارف يشكل تهديداً مباشراً لاستقرار السوق وثقة المودعين، مؤكداً أن إعادة هيكلتها أو خروجها من السوق باتا ضرورة لحماية النظام المالي وتعزيز الشفافية وضمان بيئة مصرفية أكثر قوة وقدرة على دعم الاقتصاد الوطني.
غضب واسع بسبب أسعار تذاكر كأس العالم 2026.. و"فيفا" في مرمى الانتقادات
محافظ البنك المركزي الأردني: استراتيجيات نقدية متقدمة تحصّن الدينار وترسم مشهدا نقديا يدعم...
صندوق النقد يتوقع نمو الاقتصاد الأردني بنسبة 3 بالمئة في السنوات المقبلة
المركزي السوري: إلغاء "قيصر" سيوسع حركة التحويلات المالية
إيران ترفع أسعار البنزين لأول مرة منذ احتجاجات 2019
6 بنوك استثمار: الدولار مرشح لهبوط جديد في 2026
ارتفاع أسعار الذهب عالميًا لأكثر من 4300 دولار











