ارتفاع أسعار النفط.. وواشنطن تُضاعف الرسوم على الهند بسبب شراء النفط الروسي
اقتصاد دولي

ارتفاع أسعار النفط.. وواشنطن تُضاعف الرسوم على الهند بسبب شراء النفط الروسي

صدى نيوز - ارتفعت أسعار النفط بشكل طفيف بعد سلسلة تراجع امتدت خمسة أيام، وهي الأطول منذ مايو، مع متابعة المستثمرين للجهود الأميركية لمعاقبة مشتري الخام الروسي، والتحرك الدبلوماسي الذي يقوده الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء حرب أوكرانيا.

وصعد خام "برنت" فوق 67 دولاراً للبرميل، مقلصاً جزءاً بسيطاً من خسارة بلغت 8.7% خلال الجلسات الخمس السابقة، بينما استقر خام "غرب تكساس" الوسيط قرب 65 دولاراً. 

يوم الأربعاء، ضاعف ترمب الرسوم الجمركية على السلع الهندية إلى 50% بسبب مشتريات الدولة الآسيوية من الطاقة الروسية، على أن يبدأ تنفيذ القرار خلال ثلاثة أسابيع. مع ذلك، لم تتخذ الولايات المتحدة خطوة مماثلة ضد الصين، وهي مستورد رئيسي آخر لنفط موسكو.

ترقب للقاء ترمب وبوتين

على الصعيد الدبلوماسي، قال ترمب إن هناك "فرصة جيدة جداً" للقاء قريب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في محاولة جديدة للتوسط من أجل السلام.

وأضاف أن هناك "العديد من العقوبات المقبلة" المرتبطة بمشتريات النفط من روسيا، التي تعتبر عضواً في تحالف "أوبك+".

شهد الخام تحركات حادة نحو الانخفاض حتى الآن في أغسطس بعد ثلاثة أشهر من المكاسب الشهرية. يقوم المتداولون بالتحضير لاحتمال وجود فائض في وقت لاحق من هذا العام، في وقت وافق تحالف "أوبك+" على إعادة ملايين البراميل من الإمدادات إلى السوق.

سياسات ترمب تضغط على الأسعار

بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف بشأن تباطؤ في النمو الاقتصادي، وما قد يترتب عليه من ضعف في استهلاك الطاقة، حيث تُلقي التعريفات التجارية الأوسع التي فرضها ترمب بظلالها على السوق.

قال روبرت ريني، رئيس أبحاث السلع والكربون لدى بنك "ويستباك" إن "الارتفاع الحالي في الإنتاج والمخزونات سيواصل وضع سقف لسعر برنت عند أوائل نطاق السبعينيات، وبمجرد التوصل لحل للحرب الروسية على أوكرانيا، نتوقع أن نشهد انخفاضاً حاداً".

وأضاف: "ومع ذلك، يبقى أن نرى ما إذا كان الاجتماع المحتمل بين ترمب وبوتين سيعقد الأسبوع المقبل". وقال: "إذا لم يُعقد الاجتماع، أو عُقد من دون التوصل إلى اتفاق، مما يعني تفعيل الرسوم الثانوية، فقد نشهد ارتفاعاً مفاجئاً في الأسعار".

تراجع المخزونات الأميركية

أظهرت بيانات أميركية يوم الأربعاء أن مخزونات الخام في جميع أنحاء البلاد تراجعت بمقدار 3 ملايين برميل الأسبوع الماضي، مع تشغيل المصافي عند أعلى مستوياتها منذ عام 2019 موسمياً. ومع ذلك، واصلت مخزونات الخام في مركز كوشينغ الرئيسي تعافيها من المستويات المتدنية الحرجة، وارتفعت للأسبوع الخامس على التوالي. وهذه أطول سلسلة زيادات منذ عام 2023.

وفي آسيا، رفعت السعودية أسعار النفط الخام للشهر الثاني على التوالي، في إشارة إلى ثقتها بالطلب، بينما يواصل تحالف "أوبك+" زيادة الإمدادات. في عطلة نهاية الأسبوع الماضية، قرر التحالف إعادة نحو 547 ألف برميل يومياً من الإنتاج إلى السوق في سبتمبر.

مضاعفة الرسوم على الهند بسبب شراء النفط الروسي

في السياق ذاته، كان قد فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوم أمس، رسوماً جمركية إضافية بنسبة 25% على البضائع الهندية، بسبب استمرارها في شراء الطاقة الروسية، مما أدى إلى تصعيد الخلاف مع شريك آسيوي رئيسي، عشية دخول تعريفاته الجمركية واسعة النطاق حيز التنفيذ.

وقال البيت الأبيض يوم الأربعاء، إن ترمب وقع أمراً تنفيذياً يحدد المعدل الجديد والذي سيضاف إلى ضريبة بنسبة 25% على الواردات من الهند سبق وأعلنها الأسبوع الماضي. ووفقاً للأمر التنفيذي، ستدخل الضريبة المرتفعة حيز التنفيذ في غضون 21 يوماً.

انخفض مؤشر "iShares MSCI India ETF" إلى أدنى مستوياته خلال الجلسة بعد إعلان ترمب، بينما قفزت أسعار النفط. واستقرت الروبية الهندية عند مستوى 87.91 مقابل الدولار في السوق الخارجية.

تعثر في محادثات التجارة

جاءت خطوة ترمب بعد ساعات من فشل المحادثات بين واشنطن وموسكو بشأن الحرب في أوكرانيا في تحقيق أي تقدم فوري. وكان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي قد صرّح بأن بلاده تُستهدف بشكل غير عادل من قبل الولايات المتحدة، مدافعاً عن استهلاك النفط الروسي باعتباره ضرورياً لدعم الاقتصاد الهندي. لكن ذلك لم يقنع ترمب.

وقال الرئيس الأميركي في مقابلة مع شبكة "سي إن بي سي" يوم الثلاثاء: "إنهم يموّلون آلة الحرب، وإذا كانوا سيفعلون ذلك، فلن أكون سعيداً".

من جهته، وصف متحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية الهندية إعلان ترمب يوم الأربعاء بأنه "غير عادل، وغير مبرر، وغير معقول"، وتعهد بأن "تتخذ الحكومة جميع الإجراءات اللازمة لحماية مصالحها الوطنية".

الرسوم الجديدة تهدد العلاقات التجارية مع الشركاء

من المقرر أن تبدأ الرسوم الجمركية على الواردات من عشرات الشركاء التجاريين للولايات المتحدة بالارتفاع اعتباراً من يوم الخميس، بما في ذلك الهند، التي ستواجه الرسم السابق البالغ 25%.

وتُعد هذه الرسوم حجر الأساس في مساعي ترمب لتقليص العجز التجاري، وإحياء الصناعة المحلية، وزيادة إيرادات الحكومة الفيدرالية. لكنها تنطوي أيضاً على مخاطر تهدد الاقتصاد العالمي، من ضمنها ارتفاع التكاليف وانقطاع سلاسل الإمداد.

وقال أجاي ساهاي، المدير العام لاتحاد منظمات التصدير الهندية، إن الخطوة الأميركية الأخيرة تُشكّل "انتكاسة كبيرة" للشركات الهندية، مشيراً إلى أن "الطلبات معلّقة بالفعل، وهذه الضربة الإضافية قد تُجبر المصدّرين على فقدان عملاء قدامى".

قضت بعض الحكومات الساعات الأخيرة قبل دخول الرسوم الجديدة حيز التنفيذ في الضغط على إدارة ترمب للحصول على شروط أكثر ملاءمة. والتقت رئيسة سويسرا كارين كيلر-سوتر بوزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الأربعاء، في محاولة أخيرة لتخفيض الرسم البالغ 39% الذي فرضه ترمب.

وقال ترمب إنه منفتح على المزيد من المفاوضات، لكنه لا يزال في مواجهة محتدمة مع بعض الشركاء، بما في ذلك الهند.

توتر في العلاقات الأميركية الهندية

فرض ترمب الرسوم الجمركية بنسبة 25% على السلع الهندية بشكل أحادي بعد أشهر من المفاوضات غير المثمرة مع نيودلهي.

كما اتهم حكومة مودي برفض تسهيل وصول السلع الأميركية إلى السوق الهندية، وانتقد انضمام الهند إلى مجموعة "بريكس" للاقتصادات النامية. وكانت الهند مترددة في فتح أسواقها أمام المنتجات الزراعية الأميركية على وجه الخصوص، بهدف حماية قطاعي الزراعة والألبان.

وتصطدم تهديدات ترمب بالرسوم مع الهدف الأميركي طويل الأمد المتمثل في تعزيز العلاقات مع الهند، الدولة الأكثر سكاناً في العالم، باعتبارها قوة موازنة للصين. ويمثل هذا التصعيد تحوّلاً عن ولاية ترمب الأولى، حينما كانت علاقته برئيس الوزراء مودي ودية.

وقد كثف ترمب هجماته ضد الهند في الأيام الأخيرة، واصفاً اقتصادها بـ"الميت"، وحواجزها الجمركية بـ"البغيضة"، وشعبها بأنه غير مبالٍ بمعاناة الأوكرانيين. كما أبدى مسؤولون هنود انزعاجهم من طريقة ترمب في تصوير دوره في حل النزاع بين الهند وباكستان في وقت سابق من هذا العام.