ما هو مشروع قانون الضرائب الذي أقره مجلس النواب الأميركي وما تأثيره؟
مال وأعمال

ما هو مشروع قانون الضرائب الذي أقره مجلس النواب الأميركي وما تأثيره؟

اقتصاد صدى - في 22 مايو، أقر مجلس النواب الأميركي مشروع قانون بعدة تريليونات من الدولارات، يهدف إلى تنفيذ أجندة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الصعيد الداخلي.

يتضمن التشريع تمديد التخفيضات الضريبية المُنفذة خلال ولاية ترمب الأولى، والتي كان من المقرر أن تنتهي قريباً، إلى جانب تخصيص مليارات الدولارات للإنفاق على الدفاع، وإنفاذ قوانين الهجرة، والأولويات الحكومية الأخرى. وينتقل التشريع الآن إلى مجلس الشيوخ، حيث يُتوقَّع أن يخضع لتعديلات جوهرية. إليك ما تحتاج معرفته عن مشروع القانون:

ما هي التعديلات الضريبية الواردة في مشروع القانون؟

ينص مشروع القانون على تمديد معظم الأحكام المتعلقة بالأفراد والعقارات في قانون تخفيضات الضرائب والوظائف لعام 2017، الذي أقره ترمب، والمقرر أن ينتهي العمل به بحلول نهاية عام 2025. وتشمل هذه البنود زيادة قيمة الخصم القياسي، وهو مبلغ ثابت بالدولار يُخفض الحد الخاضع لضريبة الدخل على الأفراد، وخفض معدلات ضريبة الدخل لغالبية دافعي الضرائب، وزيادة قيمة الائتمان الضريبي الممنوح للطفل المعال، وكذلك منح خصم ضريبي للشركات الخاصة، بالإضافة إلى مضاعفة حد الإعفاء من ضريبة التركات الفيدرالية.

ويضيف المشروع مزايا ضريبية جديدة وعد بها ترمب خلال حملته الانتخابية لعام 2024، من أبرزها إعفاء الإكراميات وساعات العمل الإضافية من الضرائب، وإن كان ذلك حتى عام 2028 فقط. كما نجح نواب من نيويورك وولايات أخرى ذات ضرائب مرتفعة في التفاوض على رفع سقف الخصم الفيدرالي المسموح به للضرائب المحلية وضرائب الولايات من 10 آلاف إلى 40 ألف دولار، مع إلغاء تدريجي لهذا السقف لمن يتجاوز دخلهم السنوي 500 ألف دولار.

كما ينص مشروع القانون على إلغاء الإعفاءات الضريبية التي أُقرت عام 2022 في عهد الرئيس السابق جو بايدن لدعم السيارات الكهربائية ومشاريع المناخ، مع استحداث إعفاء ضريبي جديد على فوائد قروض السيارات للمركبات المصنعة داخل الولايات المتحدة.

أما الجامعات الخاصة التي تمتلك عائد أوقاف كبيراً لكل طالب، مثل جامعة هارفارد، فستخضع لضريبة قدرها 21% على صافي دخلها الاستثماري، بدلاً من المعدل الحالي البالغ 1.4%.

ما البنود الإضافية في مشروع القانون؟

يشمل مشروع القانون تقليص الإنفاق الفيدرالي بأكثر من تريليون دولار، بطرق منها فرض شروط جديدة تتعلق بالعمل على المستفيدين من برنامج "ميديكيد" (Medicaid)، برنامج التأمين الصحي لذوي الدخل المنخفض، إلى جانب تقليص برنامج المساعدات الغذائية التكميلية (SNAP)، الذي يوفر دعماً غذائياً للأسر منخفضة الدخل.

وبحسب منظمة "أكاونتابل يو إس" (Accountable.US)، وهي جهة رقابية ذات توجه تقدمي، فإن إقرار هذا القانون من شأنه أن يؤدي إلى حرمان نحو 14 مليون شخص من تغطية برنامج "ميديكيد"، وخسارة 3 ملايين شخص لامتيازات برنامج المساعدات الغذائية التكميلية.

في المقابل، يعزز مشروع القانون مخصصات الإنفاق العسكري بمقدار 150 مليار دولار، ويخصص 175 مليار دولار لإنفاذ قوانين الهجرة، بما في ذلك بناء جدار على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، كما يقترح رفع سقف الدين العام الأميركي بمقدار 4 تريليونات دولار.

وينص أيضاً على إنشاء حسابات ادخار جديدة تحمل اسم "ترمب" للأطفال المولودين بين 1 يناير 2025 و1 يناير 2029، بتمويل حكومي مبدئي قدره 1000 دولار.

ما هي آلية إقرار مشروع القانون؟

يخطط الجمهوريون للاعتماد على آلية تُسمى "تسوية الموازنة" (Budget Reconciliation)، التي تُسَرِع النظر في التشريعات ذات الأهداف المالية المتفق عليها. تتجاوز هذه الآلية القاعدة المعتادة في مجلس الشيوخ التي تشترط أغلبية ساحقة من 60 صوتاً لإقرار معظم مشاريع القوانين، مكتفية بأغلبية بسيطة تبلغ 51 صوتاً.

عادةً ما يستخدم مكتب الميزانية في الكونغرس، الذي يقدم تحليلاً غير حزبي للسياسات المالية الأميركية، ما يُعرف بخط أساس "القانون الحالي" لقياس تأثير التشريعات على العجز المالي. لكن الجمهوريين يدرسون استخدام خط أساس "السياسة الحالية" لتمديد البنود المنتهية من قانون "تخفيضات الضرائب والوظائف" بشكل دائم، وهي ما ستكون خطوة غير مسبوقة.

بموجب خط أساس "القانون الحالي"، فإن انتهاء العمل بالتخفيضات الضريبية سينعكس على التكلفة الإجمالية للقانون، ما يضيف تريليونات الدولارات إلى كلفته الإجمالية. التحول إلى "خط أساس السياسة الحالية" يفترض استمرار سريان القانون إلى أجل غير مسمى، حتى وإن كان مقررا انتهاؤه، ويمكن عندئذ تسجيل تمديد التخفيضات الضريبية على أنه بلا تكلفة. ويعتقد بعض القادة الجمهوريين أن هذه الطريقة ستُسهل الامتثال للقيود المالية المرتبطة بآلية تسوية الموازنة، كما تُسهّل ترويج القانون لدى الرأي العام.

ما العقبات التي تواجه إقرار مشروع القانون؟

أعلن أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين أنهم سيطالبون بتعديلات جوهرية قبل إقرار الحزمة المقترحة، التي ستحتاج حينها لموافقة مجلس النواب. يمتلك الجمهوريون أغلبية ضئيلة في كلا المجلسين، وهو ما يعني الحاجة لإجماع شبه كامل لإقرار مشروع القانون.

يسعى عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين إلى تحويل بعض التخفيضات الضريبية المؤقتة وفقاً للحزمة التي أقرها مجلس النواب، إلى دائمة، لاسيما تلك التي تصب في مصلحة الشركات. وفي المقابل، حذر بعض الأعضاء من المساس بتمويل برنامج "ميديكيد"، بينما يضغط آخرون من أجل تقليص أوسع في حجم الإنفاق العام.

التعديلات المقترحة على برنامج "ميديكيد" على وجه التحديد قد تثير اعتراض الأعضاء المعتدلين القلقين من تأثير التخفيضات على ذوي الدخل المنخفض وذوي الإعاقة. كما أن بعض الجمهوريين الذين يُمثلون ولايات استفادت من الإعفاءات الضريبية للطاقة النظيفة يعارضون إلغاءها بوتيرة سريعة.

ما هي تكلفة المشروع؟

وفق تقديرات سابقة من مكتب الميزانية في الكونغرس بالاشتراك مع اللجنة المشتركة للضرائب فإن التعديلات الضريبية والبنود الأخرى الواردة في مشروع القانون ستزيد العجز بمبلغ صاف قدره 3.8 تريليون دولار حتى عام 2034. (صدر هذا التقدير قبل إدخال التعديلات التي أجريت خلال جولات التفاوض النهائية في مجلس النواب التي استهدفت كسب تأييد النواب المترددين).

في المقابل، قدرت مؤسسة "لجنة الميزانية الفيدرالية المسؤولة" أن تمديد البنود المؤقتة دون إقرار خفض موازٍ في الإنفاق سيضيف أكثر من 5 تريليونات دولار إلى الدين العام (بما يشمل الفوائد).

من جانبها، تؤكد إدارة ترمب أن النمو الاقتصادي الناتج عن التخفيضات الضريبية وإلغاء القيود التنظيمية، إلى جانب الإيرادات الناتجة عن الرسوم الجمركية، من شأنه أن يعوض تكلفة مشروع القانون. كما يُقدر مجلس المستشارين الاقتصاديين أن التخفيضات الضريبية المقترحة ضمن القانون ستسهم في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي المعدل حسب التضخم بنسبة تتراوح بين 4.2% و5.2% خلال أربعة أعوام. إلا أن بعض الاقتصاديين يعتبر هذه التوقعات مفرطة في التفاؤل. كما أن تكلفة مشروع القانون تُثير قلق المستثمرين والاقتصاديين حيال حجم احتياجات الاقتراض المستقبلية، وهو ما قد يُقوض الثقة في الأوراق المالية الأميركية.

هل يمكن لخطة ترمب الجمركية تمويل التخفيضات الضريبية؟

يشير مستشار التجارة في البيت الأبيض بيتر نافارو إلى أن الرسوم الجمركية قد تدر ما بين 6 إلى 7 تريليونات دولار على مدار عشرة أعوام. فيما قال وزير الخزانة سكوت بيسنت إن عائدات تلك الرسوم قد تتراوح بين 300 إلى 600 مليار دولار سنوياً.

لكن أغلب الاقتصاديين يتوقعون أن تدر الرسوم الجمركية إيرادات أقل بكثير من تكلفة مشروع القانون التي تُقدر بين 3.8 و5 تريليونات دولار من الإيرادات الحكومية المهدرة خلال عقد. ويتوقع هؤلاء أن يؤدي ارتفاع الأسعار إلى عزوف المستهلكين، وانخفاض حجم الواردات، وهو ما يقلص بدوره حصيلة الإيرادات الجمركية.

وتقدر "بلومبرغ إيكونوميكس" أن متوسط العائدات السنوية من رسوم ترمب سيبلغ نحو 300 مليار دولار. كما تُقدر "مؤسسة الضرائب" غير الحزبية أن إجمالي العائدات على مدى عقد سيبلغ نحو 2.1 تريليون دولار، في حين يشير "مختبر الميزانية في جامعة ييل" إلى أن الرقم قد يصل إلى 2.4 تريليون دولار في الفترة ذاتها.

تأخذ هذه التقديرات في الحسبان الإجراءات الانتقامية التي سترد بها الدول الأخرى، وتداعيات ارتفاع الأسعار على المستهلكين، لكنها لا تشمل احتمال استخدام ترمب للرسوم كأداة ضغط لانتزاع تنازلات من الشركاء التجاريين.

من المستفيد الأكبر من مشروع القانون الضريبي؟

يشير تحليل أجراه مركز أوربان-بروكينغز للسياسة الضريبية، إلى أن أكثر من ثماني أسر من كل عشرة سيستفيدون من تخفيض ضريبي في عام 2026 بموجب مشروع قانون الموازنة الذي أقره مجلس النواب. إلا أن 60% من مجمل هذه التخفيضات ستذهب إلى الـ20% الأعلى دخلاً من بين الأسر، بينما سيخصص أكثر من ثلثها لأولئك الذين يتقاضون 460 ألف دولار أو أكثر.

أما الـ1% الأعلى دخلاً من بين الأسر، أي التي يزيد دخلها على 5 ملايين دولار سنوياً، فستحصل على تخفيض ضريبي متوسط نسبته 3.3%، أي ما يعادل نحو 300 ألف دولار. في المقابل، لن تحصل الأسر متوسطة الدخل سوى على تخفيض ضريبي بنسبة 2.4%، أي ما يعادل تقريباً 1,800 دولار في المتوسط، وفقاً للتقرير.

وقال المركز إن الأسرة الأميركية المتوسطة ستحصل على تخفيض ضريبي يبلغ نحو 2,900 دولار في عام 2026، مقارنة بما كانت ستدفعه إذا انتهى العمل بالبنود الأساسية لقانون تخفيضات الضرائب والوظائف لعام 2017" وفق الجدول الزمني المحدد.