
الإنسان النعـامة !
رغم أن النعامــة بريئة من هـــذا المثل ، و رغــم الأذى في السمعة و الإحتــرام الذي لحق بهذا الطائر الذي لا يطير ، و توصيف غباءها بأنها تضع رأسها في التراب حتى لا ترى المشاكل ، أو لإعتقادها بأنها إذا ما دست رأسها في التراب فلن يرى جسمها الضخم أحد .. كلها توصيفات فيــها من التجني الكثير على هذا الكائن المسكين ..
و لكن الإنسان ، الذي يمشي في الأرض مختالاً مرحاً ، فرحاً بقدراته ، و إمكاناته المذهلة ، و بقوته في تسخير و إستعباد باقي المخلوقات ، يعطي نفسه الحق في أن يطلق ما يشاء من صفات على غيره من المخلوقات ، و يجعل منهم رموزاً لما يحب أو يكره فالكلب رمزاً للوفاء ، و البقرة رمزاً للعطــاء ، و الذئب و الثعلب رمزان للؤم و الخبث ، و النعامـــة رمز للغبـــاء ..
و الغريب أن هذا الإنســـان الظلوم الجهـــول ، ترك كل الرموز و الأحيـــاء التي قرر هو أن يمنحها صفات القوة و الذكاء ، و الحصافة و الدهاء ، و ذهب للنـــعامة ، لكي يجعل منها رمزاً ، بل مثلاُ أعلى يحتــذى به ، في تصريف شئونه ، و حل إشكالاته و الهروب من مصائبه ..
لقد قرر الإنسان بعد طول تفكير ، و تركيز ، و تحليل ، أن يتبع نهج النعامة في التعامل مع كوفيد19 أو ما يعرف بفايروس كورونا
الإنسان قرر أن يقوم هو ، هذه المرة ، بغرس رأسه في الرمال ، حتى لا يراه الفايروس فيصيبه أو يقتله ..
فرغم كل التضارب في الأنباء ، و الحشو و التلفيق ، و التنافس غير الشريف الحاصل بين الدول و الأمم ، و الإتهامات ، و رغم كل الإحصاءات و الأرقام التي يتم بثها مرة للتخويف إن أرادت الحكومات حجراً ، و تحديداً للحركة ، أو معلومات مطمئنة ومبشــرة إن إرادت الحكومات تسيير عجلة العمل و الإنتــأج ، و خافت على البورصة و المصانع و المصالح ..
مئات الأخبـــار عن إكتشافات لبروتوكولات علاجية .. و الناس تموت يومياً ، مئات الرسومات البيانية التي تصدرها منظمات عالمية و إقليمية و محلية و ( بير سلمية ) ، تشبه في كثير منها تلك البيانات التي تتحدث عن حالة الطقس في عز المواسم السياحية ، فرغم شدة الحرارة ، أو البرودة ، أو التلوث ، أو المد و الجزر ، تجد بيانات السياحة تتحدث عن أجواء لطيفة ، و تزيد أو ترفع درجات الحرارة بمعدلات تسمح بإستمرار الحياة السياحية .. !!
الأرقام الرسمية تتحدث عن أكثر من مليون مصاب حول العالم ، و تقترب من نصف مليون قتيل فضلاً عن أرقام جامعة جون هوبكنز و غيرها من المعاهد و مراكز البحوث .. كلها أرقام مخيفة ، و رغم فشل بروتوكولات العلاج رسمياً التي كانت تستخدم أحد أدوية الملاريا ، و أخرى تستخدم علاج الإيدز ، و ثالثة تستخدم علاج الحصبة وبلازما دم المتعافين ، فالفايروس يومياُ يتقدم في معركته و يُـعمِل القتل في بني البشر دون رحمة ..
وسط ذهول العلماء ، و بلادة منظمة الصحة العالمية ، التي إن تابع أحد أو رغب في متابعة بياناتها ، لاكتشف كم تضارب و ( لخبطة ) و عدم فهم غير مسبوق .. سواء في أساليب الوقاية ، و أدوات الوقاية ، و كيفية الإستخدام ، و التعريف بالمرض و أنا هنا في حل من ذكرها ، فالكل عرف و سمع و شاهد ، كيف قيل لنا أن الكمامات مهمة ، ثم قيل غير مهمة بل ضارة و الآن عادت لتصبح مهمة للوقاية من الإصابة ، ثم الكفوف ، و فيتامينات تقوية المناعة ، و غيرها و غيرها من الأنباء و الحكاوي و الأهازيج المتناقضة و التي إن دلت على شئ فإنما تدل على حالة هذيان و صدمة طويلة الأمد عانى و ما زال يعاني منها العالم بسياسييه و إقتصادييه و أطبائه و حكمائه .. و آخر فتوى ووصفة في الوقت الحاضر ، هي وصفة ( النعامة ) لعلاج كورونا ..
قرر الإنسان في كل مكان أن يتحول إلى نعامة ، يدس رأسه في الرمل ، و بذلك لايرى خطر كورونا ، و ربما يعتقد أنها لا تراه ، بإختصــار اعتمد الإنسان ألغبــــاء أسلوبــاً و منهجـــا للتعامل مع كورونـــا .. لأنه فشل بكل ما يملك من قوة و قوات ، و طائرات و حضارات ، و مصانع و معامل و ربوتات و صواريخ و إحتلال فضاء و دراسة كواكب و نجوم و أعماق بحار ، و خلايا جذعية و تغيير جنس ، و أطفال أنابيب ، و تحكم في هيرمونات الأجنة وتحديد النوع ، رغم كل هذا الصعود ، و الإرتقاء ، و النفاذ من أقطار السموات و الأرض .. لم يجد أمامه الآن سوى أن يدفن رأسه في الأرض و يستسلم ..
و ليسجل التاريخ الإنساني ، تعريفاً جديداً لهذه الحقبة ، فكما كان هناك ما يعرف بالعصر الحجري ، و البرونزي ، الآن جاء دور عصر الإنسان النعامة ..
عصر يتميز بأن الإنسان فقد فيه إحترامه ، و كرامته ، و أظهر جهله و خيبته و تفاهته وكذبه وحبه للمال حباً جماً ، و تفضيله للمرابح المادية على الروح الإنسانية ، عصر فقد فيه الإنسان عقله ومن لا يصدقني فلينظر إلى دونالد ترامب .

تشي جين بينغ… صوت الشرق الهادر يعلنها لا لسرقة النصر ولا لبعث الاستعمار بثياب ناعمة أو بني...

صدام الحضارات ينتقل الى الهند بديلا للتسامح

فنتازيا ترامب والتكهنات الإعلان المرتقب

دور التأمين التكافلي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ 17 ورفع نسب الشمول المالي في فلس...

صدمة... موت... إعاقات... إلى متى؟

قبل أن تُطبّعوا… اقرأوا ما تخطط له حكومة الاحتلال

هل انتهى المشروع الوطني الفلسطيني التحرري؟
