دلالة فوز زهران ممداني
أُعْجِبَ الكثير من الفلسطينيين بفوز زهران ممداني بمنصب عمدة نيويورك الامريكية، وهو فوز مستحق، حد الشطط والتعظيم أو اعتباره تحولاً سياسياً أو تحولاً جوهرياً في الولايات المتحدة أو على صعيد ترجمة التغيرات في الرأي العام باتجاه القضية الفلسطينية، وآخرون اعتبروه أنه تحول عميق داخل الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة قد يؤثر على المواقف السياسية والاستراتيجية حال ظفرهم بالإدارة الأمريكية مستقبلاً.
في ظني أنّ الفرحة والتعظيم لهذا النصر الذي حققه ممداني تعبير عن ضعف الذات الفلسطينية والعربية التي ترى بانتصار الآخرين في سياقات وأهداف ولغايات مختلفة نصراً لهم، أو تعبير عن فرحة "التشفي" الضحايا في خسارة خصم على يد شخص آخر، أو فرحة الايديولوجيين الذي يشطحون بعيداً في التحول نحو الاشتراكية للمدينة الرأسمالية أو ما هو أكثر منها في روابط العلاقات داخل المدينة الصاخبة.
فالتغيير في السلوك الانتخابي الذي حصل في مدينة نيويورك ينبغي فهمه في السياقات المحلية لهذه المدينة المنفتحة ومتعددة الأعراق، والأكثر تكلفة للمعيشية، بالإضافة إلى صراع الأجيال القائم في المناصب المحلية والإقليمية داخل الولايات المتحدة الامريكية، وهذه الولاية والمدنية هي الأقرب إلى الحزب الديمقراطي. لكن في المقابل هناك تيارات ومراكز نفوذ وآليات وأدوات داخل المدينة وفي الولايات المتحدة معاكسة أي بمعنى آخر لا يمكن الحسم بالتحول بل يمكن وصفها بالتوازي الديناميكي "الحالة الراهنة" التي تتضمن صراع بين مجموعتين من القوى تعملان في اتجاهين متعاكسين في المجال المادي والاجتماعي والنفسي؛ تتضمن إحدى هاتين المجموعتين قوة دافعة في حين تتضمن المجموعة المعاكسة قوة كابحة.
عادة التطور في القضايا الاجتماعية والسياسية على مستوى الدول المستقرة تأخذ وقتاً، وتحتاج إلى سعي مستمرٍ بطرق متعددة لتقوية المجموعة الدافعة للتغيير بهدف الوصول إلى التحول في السياسة الامريكية وهي بالأساس عوامل داخلية لكنها أيضا تتأثر بعوامل خارجية على نحو ما.
في ظني أنّ فوز زهران ممداني دلالةٌ على مؤشرٍ يمكن أنْ يقوى أو أنْ يصبح مؤثراً مع التغييرات القائمة في الرأي العام الأمريكي لكنه لا يحدث التحول في المواقف السياسية للولايات المتحدة على المدى الآني. في المقابل، فإن فوز ممداني ينبغي أنْ يكون ملهماً للشباب بأن لديهم الامكانية لهزم الكهول ليس فقط بالقدرة الجسمانية بل أيضا بالقدرة على الإبداع وابتكار وسائل التواصل مع الجمهور بطرق تقنية وتقليدية، وملهماً للشعوب العربية والإسلامية على أساس القبول بالتعدد العرقي والجنسي والثقافي، والقبول بالاختلاف الديني والسياسي والايديولوجي في سبيل خدمة المجتمع والدولة.
فوز زهران ممداني وأزمة العقل السياسي العربي
هذا ما تبقّى لي!
من نيويورك إلى لاهاي: حين تستيقظ العدالة من سباتها الطويل
إبداع أبو مرزوق
ذكرى مقتل رابين: مرحلة "لا سلام أبدًا"
لجنة المتابعة: الأخلاق هي الحلّ
التعميم الإسرائيلي والسياسات الأمريكية ضد الصين: صراع التكنولوجيا العالمي والعالم العربي ب...










