مؤتمر العودة في اوروبا ما بين مشروع حماس ومشروعية منظمة التحرير!
مقالات

مؤتمر العودة في اوروبا ما بين مشروع حماس ومشروعية منظمة التحرير!

ما بين مشروع حماس ومشروعية منظمة التحرير يقف ابناء شعبنا في كافة اماكن تواجدهم مدهوشين، وكأن مؤتمر العودة في اوروبا حرب على من يمثل الفلسطيني في اوروبا ويظهر ذلك جليا من نبرة منظمي المؤتمر وتصريحات شخصيات رفيعة في منظمة التحرير وفصائلها المتأكلة اصلا! لو نظرنا للوراء لشاهدنا ان المؤتمر المنوي عقده هو بنسخته العشرين،فهل حققت النسخ السابقة اي انجازات للشعب الفلسطيني؟ وهل احدثت هذه اللقاءات الجماهيرية التأثير في السياسات الاوروبية؟ ام انها مجرد تظاهرات تحشد فيها عشرات الالاف لاثبات القدرة على تجييش الفلسطينين في اوروبا؟ ام ان هذا المؤتمر والاصح ان نطلق عليه التظاهرة لعدد من فلسطيني اوروبا ،فالعدد المتوقع حضوره سيناهز 20 الف مشارك فعن اي مؤتمر يتم الحديث؟ اذن فلماذا كل هذا الضجيج على هذا المؤتمر (التظاهرة) بهذه النسخة؟ السبب ببساطة ان من اداره عملية التحضير للمؤتمر شخصيات مقربة من حماس، ولم يتم اشراك مفاصل هامة في اوروبا ممن حضروا مؤتمرات سابقة في هذا المؤتمر ولم تكن محسوبة على منظمة التحرير، وكذلك لم يتم اشراك اي شخصية محسوبة على المنظمة في التحضير لاعمال المؤتمر حتى وان كان ذات طابع شكلي، مما اثار حفيظة ليس فقط منظمة التحرير وفصائلها بل عدد من الشخصيات الفلسطينية المقيمة في اوروبا والتي لها مشاركات سابقة في النسخ السابقة من المؤتمرو/او تلك التي لها باع طويل في العمل الوطني في اوروبا . ناهيك عن ان المؤتمر اخذ الصفة الجامعة لكافة فلسطيني اوروبا، فكأن اسم وعنوان المؤتمر يوحي بان المؤتمر يمثل كافة اطياف الشعب الفلسطيني في اوروبا وهذا ما عزز من مخاوف منظمة التحرير ولغى وجود من لهم لون سياسي غير لون منظمي المؤتمر. الحقيقة الساطعة بالفعل ان حماس تستغل حالة الانشغال والفراغ القائم في الساحة الاوروبية من قبل منظمة التحرير وحركة فتح ، فمنظمة التحرير وحركةفتح في اوروبا تعاني من حالة ضمور وتراجع حاد  لعدد من الاسباب :
1.      قيام المتنفذين في منظمة التحرير من خلال الصندوق القومي وحركة فتح والسلطة الوطنية الفلسطينية بتعيين ابنائهم واقاربهم وانسباهم وزوجاتهم ومن لف لفيفهم في مواقع السفراء والقناصل ووكالات الامم المتحدة التي تحتاج الى تمثيل فلسطيني وملحقين ومستشارين ، مما ادى الى انسلاخ الناس عن  السفارات.
2.    اصبحت عدد من السفارات بيئة طاردة للفلسطينين في اوروبا بدل ان تكون بيتا لكل فلسطيني، فبدلا ان يفكر المسؤولين اثناء زيارتهم لاوروبا في اصطحاب ممثلي الجاليات الى الاجتماعات الرسمية مع الجهات الاوروبية خاصة في المسائل البروتوكولية كما يفعل رئيس الوزراء الاسرائيلي والوزراء الاسرائيلين عند زياراتهم لاوروبا حيث يكون ممثلي الجاليات الصهوينة معهم في كافة الانشطة الاحتفالية والاستقبالات الرسمية يتم تحييدهم . بل ان عمر النايف استشهد باحدي السفارات الفلسطينية وطوي ملفه للاسف.ولم يحاسب احد على ذلك!
3.    عزوف القيادات الفلسطينية عن لقاء الجاليات الفلسطينية في اوروبا عند قيامهم بزيارات رسمية لهذه الدول، حتى بات اللقاء بالقيادات السياسية كالرئيس و/او رئيس الوزراء و/او اعضاء اللجنة المركزية و/او التنفيذية  يحتاج الى واسطة وكل ذلك سببه خوف السفير غير المؤهل من ان يقوم احد من اعضاء الجالية بانتقاد السفير و/او طاقم السفارة.فاصبحت عدد من قيادات الجاليات في اوروبا تجلس بالساعات على ابواب الفنادق حتى تقابل الرئيس و/او المسؤولين مما افقد الجاليات الدور المطلوب، وانفضت الجاليات عن السفارات ومنظمة التحرير وحركة فتح، والان يستدعون هذه الجاليات كي تقف معهم؟
4.    اهمال الجاليات في اوروبا منذ توقيع اتفاقية اوسلو الى اندلاع الانتفاضة الثانية، حيث بدا الحديث عن اهمية الجاليات وتاثيرها بعد الازمة التي تعرضت لها السلطة وحاجتها للعمق الشعبي والدبلوماسي في اوروبا، وبداية تنشط حركة حماس على ساحة اوروبا، مما جعل الجاليات الفلسطينية عنوان نشاط مكثف لحركة حماس كجزء من مشروع الحفاظ على الثوابت خاصة حق العودة، وبدا تراجع منظمة التحرير وحركة فتح في هذه الساحة وعلى كل الصعد.
5.      الميزانيات المرصودة على ما يبدو والمخصصة لاقاليم حركة فتح تصل الى عدد من الاقاليم والمبلغ المرصود شهريا ما بين 500-1000 يورو !!!!!اما في المانيا فالموازنة اكثر بقليل، واخر ما وصل لكل اقليم 500 علم وكوفيه!، فاي ميزانيات تكفي، وهل هذه الميزانيات الحقيقة؟ مما ادى الى عزوف عدد واسع من النشطاء عن العمل مع حركة فتح لانعدام الموارد المالية.
6.     لا يوجد اهتمام بالكوادر الفتحاوية ولا يوجد اي تواجد لمؤسسات منظمة التحرير ولا يوجد علاقات عملية مع الجمعيات الفلسطيينة والعربية والاوروبية الداعمة لفلسطين ولا الاحزاب في الدول الاوروبية ولا يوجد مؤتمرات للشباب الفلسطيني في اوروبا، باختصار اصبح العمل التنظيمي وعمل منظمة التحرير قاحل في اوروبا.
كل ما ذكر هو جزء من الاسباب، الا ان ذلك لا يعني الا تقوم حماس كخصم سياسي من تحقيق غاياتها السياسية والتنظيمية بتعزيز وجودها في كل بقعة من العالم، انها تحضر ذاتها بالافعال لا بالاقوال،وتتقدم نحو تعزيز مشروعها الاستراتيجي في اكثر الساحات اهمية في العالم، الساحة الاوروبية، فبعد ان انتزعت شرعيات مهمة على الساحة العربية وعززت من دورها وتواجدها في لبنان وسوريا وبنت محور المقاومة ومن قبل نحجت في كل من  ماليزيا واندونسيا  الان تركز جهودها على اوروبا، وكأن لسان حال حماس يقول  ان مشروعها يتقدم على طريق تحقيق المشروعية الشعبية والتنظيمية على الساحة الاوروبية لحين نضوج مشروعيتها السياسية، وبذات الوقت تتقادم مشروعية منظمة التحرير السياسية والشعبية بسبب الترهل والمحسوبية والتعيينات لاعتبارات غير مهنية وصرف الموازنات الواهية وبصورة لا يعرف عنها احد،هل هي حقيقة ام وهمية!!! ليتاكل معه مشروعية تمثيل منظمة التحرير في كافة الساحات.
قد يكون الهجوم الواسع النطاق من قبل امين سر اللجنة التنفيذية  والهجوم الاعلامي المنظم ضد المؤتمر قد قدم خدمة غير مسبوقة للمؤتمر(التظاهرة)، وقد يدفع اطراف اخرى غاضبة من السلطة وحركة فتح ومنظمة التحرير للمشاركة في اعمال المؤتمر(التظاهرة). كل ما ذكر على اهميتة، الا ان الاهم من كل ذلك وبدلا من الهجوم على منظمي المؤتمر يبقى السؤال ماذا على منظمة التحرير ان تفعل للمحافظة على دورها الريادي في اوروبا دون الانتقاص من جهود اي جهة فلسطينية اخرى سواء حماس و/او غيرها، والتي يمكن ان تكون باتخاذ عدد من الخطوات الحقيقية وهي:
1.    وقف تعيين ابناء وبنات وازواج واقرباء المسؤولين في السفارات الاوروبية ومنظمات الامم المتحدة التي تتطلب تمثيلا فلسطينيا وتنشط في اوروبا لان حجم التعيينات واسماءهم باتت منتشرة ومعروفة واخرها ما رشح عن تعيين سفيرة لفلسطين لدى احدى الدول الاوروبية والتي تعتبر اخت احد المتنفذين في منظمة التحرير وزوجها سفير ايضا!؟؟؟؟ 
2.    الاستعانة بابناء الجاليات الفلسطينية في اوروبا ممن امضوا سني عمرهم في اوروبا لترميم دور الجاليات في اوروبا ولتكن منظمة التحرير عنوانا لهذه الانشطة،ولماذا لا يتم تعيين عدد منهم سفراء في بلدانهم لانهم الاكثر خبرة ومعرفة ولتعلن الميزانيات الحقيقية وكيفية صرفها وفقا للاصول.
3.    مراجعة عمل الصندوق القومي في اوروبا والعالم والتاكد من مسوغات عمله وموازناته وكيفية اجراءات التعيين فيه والامتيازات الممنوحة لعدد من القائمين والعاملين فيه على خلاف الامتيازات الممنوحة للسفراء والقناصل المعيينن من قبل وزارة الخارجية الفلسطينية.
4.    تنظيم انشطة دورية للجاليات في اوروبا من خلال بناء مؤسسات ومراكز ثقافية وتشجيع عمل الجمعيات والهيئات الاهلية التي ترغب بدعم الشعب الفلسطيني في الاراضي المحتلة وفي لبنان وسوريا وغيرها.
5.    ضرورة تشكيل اطار مرجعي من الحكومة الفلسطينية ومنظمة التحرير لاعادة النظر بكافة التعيينات والترقيات التي حصلت على السلك الدبلوماسي الفلسطيني سواء من خلال الصندوق القومي و/او وزارة الخارجية.وان لا يتم تحييد انصار حماس والجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب والمبادرة الوطنية وفدا عن حقهم في الحصول على وظائف داخل السفارات و/او ان يكونوا جزء من منظومة العمل الوطني والمؤسسي، فان كانت منظمة التحرير تمثل الشعب الفلسطيني فالاصل ان تمنح فرص متساوية لكل اطياف الشعب الفلسطيني دون تمييز .
6.    ان تلتقي القيادات السياسية مع الجاليات الفلسطينية اثناء وجودها بزيارات رسمية للدول الاوروبية وعدم حجب اي منها عن هذه الجاليات، وقبول النقد وطرح الافكار للحفاظ على حيوية القضية الفلسطينية وسبل تفعيل دور الجاليات في التاثير على السياسات الاوروبية.
ترى حماس ان المشروع ونجاحاته المتراكمة سيقود الى مشروعيات جديدة تبدأ من المشروعية التنظيمية وتمر بالمشروعية الشعبية لتصل الى المشروعية السياسية اما بتراكم الجهود و/او من خلال قدرتها على حشد ممثلين لها في كافة الساحات او من خلال المشروعية الديمقراطية عبر صناديق الاقتراع لاحياء منظمة التحرير الفلسطينية.
مع انني لم اكن يوما حمساويا ولن اكون يوما كذلك، الا ان جهودهم التنظيمية هذا المرة في الاعداد للمؤتمر تستحق الاحترام حيث انهم يحشدون لحضور 20 الف مشارك في المؤتمر مما يتطلب قدرات فنيه ولوجستية ومالية كبيرة لا نعرف مصادرها، وهذا الحضور اللافت والكبير يعني اننا امام تظاهرة لاستعراض قوة حماس في اوروبا اقرب منه لمفهوم المؤتمر بابعادة المعروفة، ولكنها في النهاية تبقى خصما سياسيا لحركة فتح وتعبد الطريق نحو تمثيل الشعب الفلسطيني ان بقيت منظمة التحرير وحركة فتح تاكل ذاتها وتهدم مواردها من خلال فئات متنفذة ليس الا، فالخصوم السياسين يتنافسون على خدمة ابناء شعبهم فمن يكسب قلوب الجماهير هو من سيقود شعبنا، فبدلا من الانتقاد و/او الهجوم على المؤتمر ومعديه عليكم ان تعيدوا النظر بكافة المسائل التي تبعد الناس عن منظمة التحرير وتتطلب موقف صادق واجراءات عملية حتى لا تتحول منظمة التحرير وفصائلها الى ظاهرة صوتية تقتصر على بيانات الشجب والاستنكار، بل هي اقرب الى ذلك اليوم ، فمن لا يتقدم يتقادم!!!! 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.