متغيرات تبعث على شيء من الأمل في اوروبا
مقالات

متغيرات تبعث على شيء من الأمل في اوروبا

أظهرت نتائج الانتخابات الطلابية التي جرت قبل أيام بالجامعات في كافة أنحاء اليونان ، تقدماً وفوزاً كبيرا لقوائم شبيبة الحزب الشيوعي اليوناني الطلابية وحلفائهم "بانسبوذاستيكي" الذي تمثَّل رمزها في القرنفلة الحمراء بعد ٣٣ عاماً من فوزهم السابق ، حيث حصلت قوائمهم على ما يعادل نسبة ٣٤% من اصوات الطلبة بالجامعات اليونانية متصدرين بذلك المكانة الأولى بين كافة قوائم الأحزاب الأخرى وخاصة قوائم حزب اليمين الحاكم الذي حصل على ٢٨% وتراجع قوائم الأحزاب الاشتراكية .

وقبل اسبوعين توالت الاخبار عن تشكيل تحالف اليسار الجديد الذي يضم اوساط شبابية من الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي وانصار البيئة والخضر ومجموعات مناهضة للعنصرية برئاسة اليساري ميلانشون في فرنسا لخوض الانتخابات البرلمانية القريبة ، حيث كان قد حصل ميلانشون لوحده على ما نسبه ٢٣% بجولة الانتخابات الرئاسية الأولى دون هذا التحالف الذي حقق مجموع مرشحيه المشتتين بالدورة نفسها ما مجموعه  ٣٣% ، ما يعطي الأمل بأن يحقق هذا التحالف اليساري نتائج مشجعة بالانتخابات البرلمانية القادمة ربما ستؤهل إلى تولي اليساري ميلانشون رئاسة الوزراء ووجود حكومة يسارية في فرنسا  .

براي وكما اطاحت الثورة الصناعية التكنولوجية باليسار التقليدي بزعامة الاتحاد السوفياتي في اوروبا الشرقية سابقا ، فان الثورة المعرفية التكنولوجية سوف تطيح باليمين التقليدي المحافظ في اوروبا الغربية والولايات المتحدة خلال الفترات القادمة .

هذه ليست نبوءة ولا رؤيا في المنام ، بل هي قراءة للواقع الذي يواصل تأكيده على تضعضع اليمين التقليدي المحافظ وصعود اليسار الجديد أو اليسار التقليدي بافكار متجددة .

لكن لا يظن البعض ان هذا سوف يتحقق بين ليلة وضحاها ، بل انها مسيرة تراكمية بدأت منذ اكثر من خمس سنوات وتواصل مسيرتها بتقدم ، حيث بات واضحا ثقل اليسار الجديد في اليونان إلى جانب الشيوعيين الذين حققوا النجاح بالانتخابات الطلابية التي أشرت لها ، كذلك الأمر في اسبانيا وبريطانيا وايطاليا والبرتغال ، حيث تنمو فكرة اليسار الجديد   بوتيرة جيدة الان في فرنسا وايضا يشهد نموا ملحوظا في الولايات المتحدة من خلال عناصر تقدمية بالحزب الديمقراطي نفسه بقيادة بيلي ساندرز وشخصيات أخرى حتى من خارج الحزب وقوى طلابية ومنظمات مناهضة للفوقية البيضاء والعنصرية بالعالم .

موقف هذا اليسار الجديد والأحزاب الشيوعية الأوروبية واضح وثابت تجاه تاييد ومساندة قضايا شعبنا الفلسطيني وحقوقنا الثابته ، واعتبارهم ان إسرائيل دولة نظام ابرتهايد واحتلال استيطاني ، ومناهضتهم لسياساتها وجرائمها ودعوتهم من أجل الاعتراف بدولة فلسطين على حدود ٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية وإنهاء الاحتلال كجذر للصراع .

وذلك في مواجهة مواثف وسياسات يمين الوسط واليمين المتطرف باوروبا أو حتى بالعالم التي تتفاوت ما بين التايد والمناصرة لإسرائيل وحكوماتها اليمينية العنصرية ، وسياسية النفاق والكيل بمكيالين تجاه القانون الدولي من قضايا الاحتلال الإسرائيلي والاستيطان وهوية القدس ، أو حتى التأيد المباشر لجرائمها التي تعتبرها دفاعا عن النفس وتساوي فيها بين الضحية والجلاد .

انها متغيرات يساندها الآن مواضيع التفاوت والخلاف الأوروبي الداخلي ببن دوله خاصة في شأن تداعيات موضوع الغاز والعملة الروسية وازمة الاقتصاد العالمي . حيث نأمل لها التقدم والنجاح على طريق توحيد كل تلك القوى التقدمية واليسارية بأوروبا لمواجهة اليمين المتطرف الذي بداء منذ سنوات يطل براسه بأشكال ومسميات مختلفة حتى فاشية بهدف الحفاظ على سياسات التفرد والهيمنة ضد حقوق الشعوب التي تقودها الولايات المتحدة وإسرائيل خاصة في منطقتي الشرق الأوسط وشرق المتوسط وحتى في أوروبا والبلقان وامريكيا اللاتينية وفي خدمة نهج حرب الوكالات ضد روسيا والشرق عموما في إطار استماتتها للحفاظ على النظام الأحادي القطب الذي بداء يفقد وحدته وتوازنه وتماسك توحش نظامه الراسمالي العالمي وازمته المالية المتسببة بالبطالة والتضخم وازدياد الفقر وتغييب العدالة الاجتماعية ، الأخذة بالأزدياد الآن مع استمرار التورط الغربي في المسألة الاوكرانية ..

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.