يلا نحكي: الحكومة التي نريد
مقالات

يلا نحكي: الحكومة التي نريد

نريد حكومة قوية وفاعلة وصادقة، وحكومة مسؤولة عن قراراتها ومساءلة عن أعمالها؛ تدافع عن قراراتها القاسية ولا تتهرب من أعمالها ولا تختبئ خلف الرئيس. ونريد حكومة منفتحة تؤمن بالشراكة وتشارك المواطنين في صناعة القرار؛ تنفتح على المجتمع ومؤسساته وممثلي المواطنين دون خوف، وتبني الشراكة مع الجميع من أبناء هذا الوطن المتحملين للأعباء دون الحصول على امتيازات أو خدمات ذات جودة يحلمون بها في دولتهم ومن حكومتهم.

نريد حكومة شفافة في طريقة عملها وإجراءاتها، وتقدم أعمالها للمواطنين وتعلن عن قراراتها وسياساتها وخططها لحظة إقرارها دون خوف أو خفية، أو تعمل من وراء ستار تخفي ما يجب أنْ يعلمه الشعب أو تحمله أعباء دون مشاركته أو علمه، أو تحمل الأجيال القادمة مسؤولية إنفاقها ورغد عيشها وعيش أركانها.

نريد حكومة خاضعة للمساءلة وذات حساسية عالية لمطالب الناس، والعناية بتحقيق النتائج وليس فقط العناية ببذل الجهد؛ أي بمعنى آخر تقديم الحلول لاحتياجاتهم وتسيير دواليب الإدارة بثقة واقتدار.

نريد رؤية حكومة "رئيسها ووزرائها" يؤمنون بأنهم قبلوا منصباً عاماً يخضع للنقد، وأن سلوكهم وأفعالهم محسوبة عليهم من يوم حلف اليمين الدستوري على تحمل الأمانة والسعي لخدمة المواطنين والوطن واحترام القانون الأساسي والالتزام بالقانون وصون البلاد. ويقبلون سماع قوارص الكلم والنقد واحترام آراء ومواقف المختلفين معهم.

نريد أن نرى رئيس الحكومة ووزرائه قادرون على حمل الأعباء وعلى تحمل نقد المواطنين والاعلاميين، كما يتمتعون بالامتيازات والمزايا المادية والمعنوية والمكانة الرفيعة، وتحمل مسؤولية أفعالهم وأعمال موظفي الحكومة في المؤسسات العامة وتتحمل أخطائهم.

نريد حكومة بأركانها رئيس الوزراء والوزراء والأمانة العامة تدرك أنْها مساءلة ومراقبة وخاضعة للنقد، تعلم أنها سنسمع ما يجب قوله أو ما يجب أنْ تسمعه وقد لا تحبه. وعليها أن تعلم أنه لن تمنح وقتاً إضافياً فلم يعد لدى المواطنين القدرة على التحمل، فقد استُنفذت قدرتهم على الصبر والتحمل على طول السنوات الفارطة.

نريد حكومة ترنو إلى تحقيق الأفضل وتسعى إلى فعل الأحسن؛ فتجزى على قدر فعلها أو سعيها، وحكومة تتحمل مسؤولية العيوب والاخفاقات في جوانبه كما تحصل على المزايا والاستحسان والاحترام والتقدير والتقديم، وقادرة على التراجع عن قرارها، حينما تدرك خطأها، في الوقت المناسب بأفضل معايير الحكومة المستجيبة لمواطنيها فتلك قاعدة الحكومات "الرشيدة".

نريد حكومة لا تُسْقط قراراتها من علو دون أنْ يكون لها طوق نجاة يساعدها على قبول الخيارات الصعبة والسياسات المؤلمة التي يمكن أنْ تتخذها. وفي ظني أنَّ المواطنين والاعلام هو طوق النجاة الأساس دونه تُحلق في فضاء لا يعني المواطنين.

نريد حكومة نؤمن بقيم دولة فلسطين الديمقراطية المنسوجة بخيوط الذهب في وثيقة اعلان الاستقلال "إنَّ دولة فلسطين هي للفلسطينيين أينما كانوا فيها يطورون هويتهم الوطنية والثقافية، ويتمتعون بالمساواة الكاملة في الحقوق، وتصان فيها معتقداتهم الدينية والسياسية وكرامتهم الإنسانية، في ظل نظام ديمقراطي برلماني يقوم على أساس حرية الرأي وحرية تكوين الأحزاب ورعاية الأغلبية حقوق الأقلية واحترام الأقلية قرارات الأغلبية، وعلى العدل الاجتماعي والمساواة وعدم التمييز في الحقوق العامة على أساس العرق أو الدين أو اللون أو بين المرأة والرجل، في ظل دستور يؤمن سيادة القانون والقضاء المستقل وعلى أساس الوفاء الكامل لتراث فلسطين الروحي والحضاري في التسامح والتعايش السمح بين الأديان عبر القرون".

نريد حكومة عازمة على مكافحة الفساد وإنفاذ القانون ومنع الإفلات من العقاب، وتوسع قاعدة المصلحة العامة وتضع سياسات وخطط وتشريعات وإجراءات وتدابير تمنع اتاحة فرص لاستغلال المال العامة أو السلطة العامة لصالح افراد أو جماعات أو أحزاب انما تكون للمصلحة العامة.

نريد حكومة ساعية لتطبيق القانون على الجميع دون تمييز أو محاباة، وساعية لإعلاء سيادته دون اعتبار لمكانة اجتماعية أو زعامة سياسية أو قدرة اقتصادية أو ثروة عائلية أو سلطة ثقافية.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.